تصنيف أميركا للحوثيين.. توقعات بتعقيد الحل السياسي ومفاقمة الوضع الإنساني باليمن
يرى مختصون أن مساعي وزارة الخارجية الأميركية لتصنيف الحوثي منظمة إرهابية سيضر بجهود إحلال السلام في اليمن، وبالوضع الإغاثي في معظم المحافظات الشمالية التي تسيطر عليها الجماعة.
ويقول رئيس التحالف اليمني الأوربي للسلام الشيخ صالح محمد بن شاجع إن تصنيف واشنطن للحوثيين ضمن الجماعات الإرهابية سيعقد جهود السلام، وتهيئة الظروف لإجراء مفاوضات سياسية حقيقية، بقدر ما يساهم في زيادة التوترات وإطالة مسار الحرب.
ويضيف شاجع أن هذا القرار الذي اتخذته إدارة الرئيس دونالد ترامب يهدف إلى وضع عراقيل أمام مساعي السلام التي قد تقْدم عليها إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن، مستبعدا أن تتبع الأمم المتحدة توجه إدارة ترامب، إذ إن المنظمة الدولية تشرف على مفاوضات السلام بين الحكومة الشرعية والحوثيين.
تعميق الأزمة
ويعتقد بن شاجع، في حديثه للجزيرة نت، أن المواطن اليمني هو الأكثر تضررا بتصنيف الحوثيين ضمن لائحة الإرهاب في حال إقراره في الكونغرس، وذلك لأنه سيؤثر سلبا على تدفق المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، والتي تعيش أزمة إنسانية خانقة جراء الحصار المفروض على مطار صنعاء وميناء الحديدة.
ومن جانبه يصف نقيب الصحفيين اليمنيين السابق عبد الباري طاهر تداعيات قرار الإدارة الأميركية بأنها خطيرة جدا على الحوار والحل السياسي، وتضاعف معاناة الحصار المفروض على اليمن برا وبحرا وجوا، فضلا عن الحصارات الداخلية.
ويوضح طاهر، في تصريح للجزيرة نت، أن هذا القرار يعمق الصراع ويسد الأفق أمام الحل السياسي، مشددا على أنه لا يمكن لأي طرف من أطراف الأزمة إلغاء الآخر.
وبشأن إمكانية موقف إدارة بايدن، يقول طاهر إن المسألة معقدة، فإدارة ترامب وضعت في لحظاتها الأخيرة لغما للإدارة الجديدة التي ستكون منكبة على قضايا ومشاغل ذات أولوية، وأكثر أهمية من القضية اليمنية.
ويرى طاهر أن هذا القرار غير ملزم للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لكنه سيحدث نوعا من الإرباك ويعقد الأمور أكثر معتبرا أن القرار يعبر عن انحياز إدارة ترامب إلى الحرب، وأن الحرب في اليمن هي الإرهاب الحقيقي، سواء الحرب الأهلية أو الاقليمية أو الدولية، ويذهب ضحيتها الشعب المحاصر بالمجاعة والتشرد، وغياب الخدمات، وفقدان الأمن.
تقوية الحوثيين
بالمقابل، يرى عبد الغني الإرياني الباحث الأول بمركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية والموظف السابق بالأمم المتحدة أن تصنيف أميركا للحوثيين ضمن التنظيمات الإرهابية سيكون مفيدا للجماعة التي لا تعتمد على علاقات مع الخارج، ولا تمتلك أصولا خارج اليمن.
ويوضح الأرياني، في حديثه للجزيرة نت، أن الحوثيين قد يستفيدون من خلال وسطاء مرتبطين بهم يساعدون في توصيل الإعانة الإنسانية لتجاوز القيود التي يرفضها القرار الأميركي.
ويضيف أن أي تأثير سلبي على المساعدات يقوي سيطرة الحوثيين على المجتمع مما سيضعفه بفعل غياب المساعدات، ويبقى معتمدا على سلطات هذه الجماعة.
ويعتقد الباحث أن الأمم المتحدة صارمة في رفضها لهذا التصنيف الأميركي، وأيضا الاتحاد الأوروبي، لكنه يرى أن ما يقوله دبلوماسيون غربيون بوجود أدلة على تورط الحوثيين في بعض الهجمات سيدفع بعض الدول الأوروبية لتصنيف الحركة الحوثية منظمة إرهابية.
ويقول أيضا إن جهود الإغاثة الإنسانية تخضع لدرجات من الابتزاز من الحوثيين، وإذا تعقدت إجراءات توصيل هذه الإغاثة أكثر بسبب تصنيف واشنطن، فسيكون الحوثيون في مركز تفاوضي أقوى مع المنظمات الإغاثية الدولية.
وحسب الباحث الأول بمركز صنعاء للدراسات، فإن القرار الأميركي هو استجابة لطلبات السعودية، معتبرا أن الأميركيين سيظلون يقدمون للرياض كل ما تريده فيما يخص اليمن، إذ إن مصالح واشنطن مع الرياض أكبر بكثير من أهمية اليمن، ومن الجانب الإنساني واعتبار إيقاف الحرب ضرورة.
ويتوقع الإرياني أن يغير بايدن المسار الذي خلفته إدارة سلفه لأنه التزم بإيقاف الحرب، وهذه الخطوة -حسب الباحث- لن تكون في صالح اليمن فقط، وإنما في صالح السعودية على حد قوله.
المشكلة الرئيسية
ولا يستبعد الباحث أن يقوم الكونغرس برفض طلب الخارجية الأميركية بشأن تصنيف الحوثيين، ويضيف أن المشكلة الرئيسة ستكون بعد المصادقة المحتملة على القرار، لأن إجراءات إلغائه طويلة جدا حتى لو كان القرار غير صائب، وسيكون التخلص منه في وقت سريع أمرا صعبا، في وقت يتعرض فيه اليمنيون للمجاعة.
وفي سياق مرتبط، وصفت منظمة أوكسفام (Oxfam) الإنسانية الدولية قرار الخارجية الأميركية “سياسة خطرة وغير مُجدية، وستُعرّض حياة الأبرياء للخطر”.
وقالت المنظمة في بيان أمس الاثنين إن عواقب القرار الأميركي “ستظهر بشكل ملحوظ في جميع أنحاء اليمن الذي قد لحقه أسوأ أنواع الأضرار بسبب الجوع الحاد ومرضي الكوليرا وكورونا، لاسيما وأن البنوك والشركات والجهات المانحة الإنسانية ستصبح غير راغبة أو غير قادرة على تحمل مخاطر العمل في هذا البلد جراء التصنيف الأميركي”.