التعليم في أزمة: فيروس كورونا شل حركة العالم، والأطفال الأفقر والأضعف هم الأكثر تضررا

تعرّض الأطفال في جميع أنحاء العالم لتعطيل تعليمهم بشدة هذا العام بسبب جائحة كوفيد-19، حيث تجد المدارس صعوبة في التعامل مع إجراءات الإغلاق والفتح المتكررة، والانتقال، إذا كان خيارا متاحا، إلى التعليم عبر الإنترنت. ومع ذلك، فإن الأطفال المحرومين هم الأكثر تضررا من إجراءات الطوارئ.

إغلاق المدارس نتيجة الأزمات الصحية وغيرها من الأزمات ليس بالأمر الجديد، على الأقل في العالم النامي، والعواقب المدمرة المحتملة معروفة جيّدا، ومنها: فقدان التعلم وارتفاع معدلات الانقطاع عن الدراسة وزيادة العنف ضد الأطفال وحمل المراهقات والزواج المبكر.

ولكن جائحة كـوفيد-19، تميزت عن جميع الأزمات الأخرى بأنها أثرت على الأطفال في كل مكان وفي نفس الوقت.

والأطفال الأكثر فقرا وضعفا هم الأكثر تضررا عندما تُغلق المدارس، ولذا سارعت الأمم المتحدة للدعوة لاستمرارية التعليم وفتح المدارس بأمان، حيثما أمكن، مع بدء الدول في فرض تدابير الإغلاق. وقالت أودري أزولاي، المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو): “للأسف، إن نطاق وسرعة الاضطرابات الحالية في التعليم لا مثيل لها، وإذا طال أمدها يمكن أن تهدد الحق في التعليم”.

فجوات في التعلم عن بُعد

© UNICEF/Helene Sandbu Ryeng
فتاة تستمع إلى دروس لغة إنجليزية عبر الراديو في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان.

وجد الطلاب والمعلمون أنفسهم يتصارعون مع تقنية اجتماعات غير مألوفة، وهي تجربة واجه الكثيرون صعوبة في التعامل معها، ولكنها كانت، بالنسبة لمن يعيشون في عزلة، الطريقة الوحيدة لضمان استمرار أي نوع من التعليم.

ومع ذلك، بالنسبة لملايين الأطفال، فإن فكرة الدراسة الافتراضية عبر الإنترنت هي حلم بعيد المنال. في نيسان/أبريل، كشفت اليونسكو عن فجوات في التعلّم عن بُعد القائم على التكنولوجيا الرقمية، حيث أظهرت البيانات أن حوالي 830 مليون طالب لا يمكنهم الوصول إلى جهاز كمبيوتر. والصورة قاتمة بشكل خاص في البلدان منخفضة الدخل: ما يقرب من 90% من الطلاب في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ليس لديهم أجهزة كمبيوتر منزلية، بينما لا يستطيع 82% منهم الاتصال بالإنترنت. وفي حزيران/يونيو الماضي، قال المسؤول عن التعليم بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، روبرت جينكينز، “نحن الآن نتطلع إلى أزمة تعليم أكثر عمقا وتسببا في الانقسام”.

ومع ذلك، في العديد من البلدان النامية حيث لا يُعد التعليم عبر الإنترنت أو الكمبيوتر خيارا لمعظم الطلاب، كان للراديو دور في الوصول إلى ملايين الأشخاص ويتم استخدامه للحفاظ على بعض أشكال التعليم. ففي جنوب السودان على سبيل المثال، بدأ راديو “مرايا” الذي تديره بعثة الأمم المتحدة في البلاد (أنميس) ببث برامج تعليمية للكثير من الطلاب الذين لم يقدروا على التوجه لفصولهم الدراسية.

جيل ضائع؟

© 2020 UNRWA./Khalil Adwan
الطلاب في مدرسة خولة الابتدائية المختلطة التابعة للأونروا متحمسون للعودة إلى المدرسة بعد 5 أشهر من الراحة.

على الرغم من هذه الجهود، حذرت الأمم المتحدة في آب/أغسطس من التأثير طويل المدى لتعطّل التعليم والذي يمكن أن يؤدي إلى “جيل ضائع” من الأطفال في أفريقيا. وكشفت دراسة استقصائية أجرتها منظمة الصحة العالمية في 39 دولة أفريقية جنوب الصحراء أن المدارس كانت مفتوحة في ست دول فقط وفتحت جزئيا في 19 دولة.

بحلول نهاية العام، كان 320 مليون طفل محرومين من المدارس في جميع أنحاء العالم، ودفع ذلك اليونيسف إلى دعوة الحكومات لإعطاء الأولوية لإعادة فتح المدارس وجعل الفصول الدراسية آمنة قدر الإمكان.

وقال روبرت جينكينز: “ما تعلمناه عن التعليم خلال فترة انتشار فيروس كورونا واضح: فوائد الإبقاء على المدارس مفتوحة، تفوق بكثير تكاليف إغلاقها، ويجب تجنّب إغلاق المدارس على مستوى البلاد بأي ثمن”.

نظرا لأن الكثير من دول العالم تشهد ارتفاعا في حالات كوفيد-19، ومع استمرار عدم وصول التطعيمات إلى معظم الناس، هناك حاجة إلى سياسات أكثر دقة من السلطات الوطنية، كما صرّح السيّد جينكينز، بدلا من عمليات الإغلاق الشاملة: “تشير الدلائل إلى أن المدارس ليست هي المحرك الرئيسي لهذه الجائحة. ومع ذلك فإننا نشهد اتجاها يُنذر بالخطر، حيث تقوم الحكومات مرة أخرى بإغلاق المدارس كحل أولي وليس كملاذ أخير”.

وأضاف أنه في بعض الأحيان، يتم ذلك على الصعيد الوطني، بدلا من النظر في كل مجتمع بحسب الأوضاع فيه، ولا يزال الأطفال يعانون من الآثار المدمرة على تعلمهم وسلامتهم العقلية والجسدية.

قد يعجبك ايضا