الأمين العام: استجابة العالم للجائحة كانت مجزأة وفوضوية ويجب تفادي ذلك مع اللقاحات الجديدة
يتفق معظم الخبراء على أن جائحة كوفيد-19 ليست فقط أزمة صحية شديدة ولكنها أيضا قد تغيّر قواعد اللعبة بشأن العلاقات الدولية، ولكن السؤال الأبرز هو هل ستقوّي الجائحة التعددية والحوكمة العالمية، أم ستضعفها؟
وقد ألقى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كلمة مسجلة كضيف شرف في منتدى جائزة نوبل للسلام لمناقشة التعددية والحوكمة العالمية في أعقاب جائحة كـوفيد-19.
وقال إن الجائحة لا مثيل لها، وفي الوقت الذي يواجه فيه العالم عدوا مشتركا، لم تقم الحكومات برد مشترك على هذا التهديد المشترك. وأضاف: “كانت الاستجابة مجزأة وفوضوية، حيث تنافست البلدان والمناطق وحتى المدن ضد بعضها البعض على الإمدادات الأساسية والعاملين في الخطوط الأمامية“.
وشدد على ضرورة عدم السماح بحدوث نفس الشيء للوصول إلى لقاحات جديدة لكوفيد-19، حتى تكون المنفعة عامة وعالمية. وقال: “إن التأثير الاجتماعي للجائحة هائل ومتزايد. لا يوجد لقاح يمكنه عكس الضرر الذي حدث بالفعل“.
ركود عالمي غير مسبوق
يواجه العالم أكبر ركود منذ ثمانية عقود. فالفقر المدقع آخذ في الازدياد، مع تنامي خطر المجاعة الذي يلوح في الأفق. وأكد أن دولا عديدة من الدول النامية منخفضة ومتوسطة الدخل تحتاج إلى دعم فوري لتجنب أزمة السيولة النقدية، وهذه الدول مجبرة على الاختيار بين تقديم الخدمات الأساسية لدعم شعوبها وسداد ديونها.
وأضاف: “على المدى الطويل، نحن بحاجة إلى إصلاح الهيكل العالمي لتعزيز شفافية الديون واستدامتها“.
وأعرب عن أمله في أن يتم توسيع مبادرات ديون مجموعة العشرين بحيث تستفيد جميع البلدان ذات الدخل المتوسط التي تحتاج إلى تخفيف عبء الديون.
قيود أبعد من الجائحة
بحسب الأمين العام، تمتد القيود الشديدة المفروضة على التعاون العالمي والحوكمة إلى ما هو أبعد من الجائحة.
وأشار إلى ما وصفه بتآكل نظام نزع السلاح النووي، وقال إنه مجرد مثال يمكن أن يؤدي إلى حالة طوارئ عالمية كاملة في غضون العقد المقبل. كما تطرق إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب، بشكل يمكن أن يكون كارثيا. “بدون اتخاذ إجراءات عاجلة، قد نكون متجهين إلى ارتفاع كارثي في درجة الحرارة من 3 إلى 5 درجات مئوية هذا القرن“.
وأوضح أن الفيضانات والحرائق والأعاصير تسجل ارتفاعات قياسية كل عام، مما يتسبب في أكبر دمار لأقل المساهمين في الاحتباس الحراري والأقل استعدادا للتعامل مع التغيرات المناخية والكوارث.
ولكنه أضاف: “أرى بوادر أمل في التحالف المتنامي بقيادة الشباب والمجتمع المدني والأعمال التجارية والمدن والمناطق التي تدفع باتجاه اتخاذ إجراءات مناخية عاجلة“.
حياد الكربون هدف 2021
الهدف الرئيسي للأمم المتحدة لعام 2021 هو بناء تحالف عالمي حقيقي لحياد الكربون. ولتحقيق هذا الهدف، دعا الأمين العام كل دولة ومدينة ومؤسسة مالية وشركة لاعتماد خطط للانتقال إلى صافي انبعاثات صفرية لغازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050.
وقال: “إن جائحة كوفيد-19 توفر دليلا دامغا على أننا بحاجة إلى المزيد من التعددية الأكثر فعالية بالرؤية والطموح والتأثير“.
ودعا إلى إسماع صوت العالم النامي على نطاق أوسع ليشارك في صنع القرار العالمي. وقال: “يمكن ويجب أن تتحول أزمة اليوم إلى فرصة للتغيير“.
جائزة نوبل لبرنامج الأغذية العالمي
تحدث الأمين العام عن حصول برنامج الأغذية العالمي على جائزة نوبل للسلام. وقال إن الجائزة تعترف بالصلة الأساسية بين إطعام الجياع والتضامن مع المحتاجين والسلام العالمي.
من جانبه، قال ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي إن جائزة نوبل للسلام شكرت النساء والرجال العاملين في برنامج الأغذية العالمي لقاء ما يفعلونه كل يوم ومخاطرتهم بحياتهم لجلب السلام والاستقرار والصحة وحل مشكلة الجوع في العديد من الدول الضعيفة.
وقال: “إن عدد الأشخاص المشرفين على حافة الجوع قبل كوفيد-19 كان 130 مليون شخص، هذا العدد ارتفع إلى 270 مليون شخص. لكم أن تتخيلوا إذا لم نتدخل لمساعدة المحتاجين، فستحدث مجاعات وانعدام استقرار وحالات نزوح كبيرة“.
اضطرابات عطلت التوزيع
وواجه البرنامج تعطيلات خلال إغلاقات كوفيد-19، أدت إلى اضطرابات خلال نقل إمدادات المساعدات بسبب إغلاق الموانئ والمراكز اللوجستية ونقاط التوزيع.
وأضاف بيزلي يقول: “علاوة على ذلك، لدينا على سبيل المثال 1.6 مليار طفل كانوا خارج المدرسة في ذروة الأزمة. 170 مليونا من هؤلاء الأطفال يحصلون على وجبتين ضمن برامج التغذية المدرسية، بالنسبة للكثيرين من الأطفال هذه الوجبات كانت الوحيدة التي يحصلون عليها في اليوم. نعمل مع الحكومات من أجل محاولة ضمان حصولهم على تلك الوجبة وإلا فسيموتون من الجوع أو سيتدهور نظامهم الغذائي وهذا يعني أنهم سيكونون عرضة لأمراض كثيرة مثل الكوليرا“.
وأوضح بيزلي أن العمل الأصعب لا يزال أمام برنامج الأغذية العالمي في عام 2021، “عدم التحرك والعمل سيؤدي إلى تكلفة كارثية، ولكن إذا تصرفنا بسرعة يمكن تفادي المجاعة ويمكن تفادي انعدام الاستقرار وحالات النزوح الكبيرة. إذا لم نفعل ذلك فإن التكلفة ستكون أكبر ألف مرة“.