الصومال: تشديد في مجلس الأمن على ضرورة أن تكون الانتخابات المقبلة حرة ونزيهة وشاملة
مع قرب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية في الصومال واختيار رئيس في الأشهر القليلة المقبلة، عقد مجلس الأمن صباح اليوم الاثنين بتوقيت نيويورك اجتماعا افتراضيا حول مستجدات الأوضاع في الصومال مع إقباله على مرحلة تحدد مسار الصومال خلال السنوات العديدة القادمة.
وبحسب الجدول الزمني الانتخابي، من المقرر اختيار أعضاء مجلسي البرلمان الاتحادي بحلول نهاية كانون الأول/ديسمبر، وانتخاب الرئيس الاتحادي من قبل البرلمان الجديد في شباط/فبراير 2021. وقد توصل الصوماليون في أيلول/سبتمبر إلى توافق في الآراء بشأن نموذج انتخابي غير مباشر، مما أنهى الجمود السياسي الذي دام عامين بين الحكومة الاتحادية والولايات الأعضاء.
وفي إحاطته الافتراضية أمام مجلس الأمن، قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال، جيمس سوان: “من المؤسف أن نموذج التصويت المتفق عليه لا يفي بالمتطلبات الدستورية الخاصة بالاقتراع العام المباشر للبرلمان. ورغم ذلك، عكس الاتفاق الإجماع السياسي الصومالي الواسع“.
ودعا سوان إلى أن تتم العملية المتفق عليها بطريقة عادلة وشفافة ومقبولة على نطاق واسع، وأن تكون سلمية، وفيها مشاركة أوسع وشاملة أكثر مما كانت عليه قبل أربعة أعوام.
إشكالات وتحديات
في أيلول/سبتمبر، عيّن الرئيس الصومالي، محمد عبد الله فرماجو، السيّد محمد حسين روبلي في منصب رئيس الوزراء. ويرى سوان أن أمام الحكومة الجديدة مهمة صعبة، ليس فقط لإدارة البلاد خلال العملية الانتخابية، ولكن أيضا لمتابعة أجندة الإصلاح في جميع الأطياف السياسية والأمنية والاقتصادية.
وقد أعربت الحكومة عن التزامها بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وفي الوقت المحدد لها، مؤكدة أن الإعداد لهذه الانتخابات يتطلب تمويلا كبيرا من أجل الترتيبات الأمنية والعملياتية.
ومن الموضوعات محل الخلاف، تأخر الترشيحات لهيئات إدارة الانتخابات عدة أسابيع عن موعدها. ومن الإشكاليات الأخرى، الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على الخطة الأمنية الانتخابية، لضمان أن تكون انتخابات آمنة ومأمونة قدر الإمكان، وتقليل مخاطر قيام حركة الشباب بتعطيل العملية أو التأثير عليها.
مبدأ الصوت الواحد للشعب الواحد
إلى جانب الانتخابات، تحث الأمم المتحدة على إحراز مزيد من التقدم من خلال توافق الآراء بشأن مراجعة الدستور، وإنشاء مفوضية الخدمات القضائية ولجنة حقوق الإنسان والمحكمة الدستورية، وغيرها من الإصلاحات الديمقراطية المطلوبة.
كما لم يتوصل الصومال إلى آلية انتخابات “صوت واحد لشخص واحد”، وقال رئيس الوزراء عبد الله روبلي في كلمته الافتراضية أمام مجلس الأمن: “لم نتوصل إلى مبدأ انتخابات الصوت الواحد للشخص الواحد في الوقت الراهن، إلا أن طموحاتنا لا تزال قائمة، وتحقيقا لهذه الغاية، شكلت الحكومة فريقا تقنيا يشمل أعضاء من وزارة الداخلية واللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وممثلين عن مكتب رئيس الوزراء، لصياغة خارطة طريق لضمان حق الاقتراع للجميع، وضمان الصوت الواحد للشخص الواحد في عام 2024/2025“، وطالب الشركاء بتجديد التزامهم بتوفير الدعم المالي والتقني الملائم وفي الوقت المناسب.
30% حصة المرأة
رحب جيمس سوان باتفاق القادة السياسيين على ضمان حصة المرأة البالغة 30% في البرلمان، وحث على الاحترام الكامل لهذا الالتزام.
وفي كلمتها أمام مجلس الأمن، قالت زينب حسن، مؤسِسة ورئيسة حركة المساواة بين الجنسين الصومالية، إن النساء الصوماليات يناضلن ليكنّ فاعلات في القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في المجتمع الصومالي، رغم العقبات المؤسساتية والثقافية التي تقف أمامهن.
وقالت: “رغم قرار مجلس الأمن 1325 الذي يدعو لإشراك المرأة في بناء السلام وحفظ السلام والتسوية والاستجابة الإنسانية، كانت النساء الصوماليات غائبات عن تلك العمليات“، وأضافت أنه دون وجود تمثيل كامل للمرأة على الطاولة حيث تُتخذ القرارات، لن يتمكن الصومال من التوصل إلى السلام المستدام وخلق مجتمع عادل قائم على سيادة القانون.
وأعربت عن قلقها إزاء حصة الـ 30%، مشيرة إلى أن الحصة مضمونة، لكن لا توجد آلية لتنفيذها، كما أن المرأة ليست من بين الأعضاء الذين عيّنتهم الحكومة الفيدرالية في لجان إدارة العملية الانتخابية.
التهديدات الأمنية
تطرق الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال، جيمس سوان، إلى الوضع الأمني “المثير للقلق” في الصومال، بسبب استمرار الاعتداءات التي تنفذها حركة الشباب الصومالية، والتي تظل التهديد الأبرز الذي يواجه أمن البلاد.
وقد اختتم الصومال المرحلة الأخيرة من الخطة الانتقالية طويلة الأمد التي ستعطي مسؤولية حماية الصوماليين للجيش الوطني الصومالي مع سحب بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميسوم) تدريجيا حتى نهاية 2021.
لاحظنا أن تركيز الشباب الأولي منذ آب/أغسطس كان لتعزيز قدراتها على التدريب والاستعانة بخبرات أجنبية — فرانسسكو ماديرا
وفي كلمته الافتراضية، قال فرانسسكو ماديرا، الممثل الخاص للاتحاد الأفريقي في الصومال، إن أميسوم ترحب بالتطورات الإيجابية وتقف على استعداد لتقديم الدعم الذي يحتاجه رئيس الوزراء لتعزيز أولويات الصومال، وخاصة إجراء انتخابات حرة وعادلة وشاملة وآمنة.
وقال إن شرطة أميسوم ستبدأ قريبا بتدريب وتوجيه نظرائها في الصومال في الولايات الأعضاء، وستعمل على وضع خطط وتنسيق وإدارة العمليات الأمنية خلال العملية الانتخابية. وسيشمل ذلك ضابطة شرطة من أميسوم لدعم قوات الشرطة الصومالية لإدارة مكتب نسائي للانتخابات.
وشدد على أن حركة الشباب هي التهديد الأبرز للأمن والسلم في الصومال، وأضاف: “لاحظنا أن تركيز الشباب الأولي منذ آب/أغسطس كان لتعزيز قدراتها على التدريب والاستعانة بخبرات أجنبية كجزء من استفادة الحركة من الجماعات الأجنبية المتطرفة التابعة لها. مثل هذا التدريب ونقل المعرفة مكّن الشباب من تثبيت الهجمات وتعزيز قدرات الحركة على التعبئة بسرعة“.
وأعرب ماديرا عن قلقه إزاء الارتفاع الأخير في العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، والتشريعات الرجعية المتعلقة بالحقوق الجنسية والحريات التي دخلت في العملية البرلمانية في كل من مقديشو وهرجيسا، والتي تتعارض مع المعايير الدولية.
أزمة إنسانية وصحية
تعرّض الصومال لصدمة ثلاثية متمثلة بجائحة كـوفيد-19 والفيضانات وغزو الجراد. ووصفت الحكومة جائحة كوفيد-19 بأسوأ أزمة صحية منذ قرن. وأشار رئيس الحكومة إلى تقييد جهود السيطرة على الجائحة بسبب ضعف البنية التحتية الصحية ومحدودية مواردها، كما أشار إلى أن الجائحة تهدد جهود الإصلاح وقد تعرقلها.
من جانب آخر، أكد جيمس سوان أن الحوار السياسي هو مفتاح لمعالجة الأولويات الملحة الأخرى، بما فيها العمليات ضد حركة الشباب، والإصلاحات الاقتصادية والأمنية، والتصدي لبعض التحديات الإنسانية التي تواجه البلاد. ورحب بإطار التعاون الإنمائي المستدام الجديد لمدة خمسة أعوام بين الحكومة الفيدرالية الصومالية والأمم المتحدة، الذي سيوجه دعم الأمم المتحدة لأولويات التنمية التي يملكها ويقودها الصوماليون.