مرضى السكري في الحديدة : معاناة مستمرة وأدوية معدومة

لم يمضي عام واحد على  وفاة الحاج ” حسين صالح ” ( 52)  والذي كان مصاباً بمرض السكري  الإ وتتفاجأ زوجته  فاطمة  (40عاما) بأن داء زوجها انتقل إلى ابنها محمد (14 عاما)  ولم تكن تعرف أن هذا المرض سيدخلها في معاناة جديدة كتلك المعاناة التي عاشتها مع زوجها  بسبب اصابته بالسكري لمدة 14 عاماً حينما كان على قيد الحياة،  

تقول فاطمه ” لموقع ( الحديدة نيوز ) وهي من سكان مدينة الحديدة ” عانى زوجي كثيراً من مرض السكري حتى توفى ، ومنذ عدة أشهر اكتشفت ان ابني أصيب بنفس المرض ،وهذا أسوء خبر عرفته هذا العام ، لازلت أتذكر المعاناة التي عشناها بسبب مرض زوجي ، حيث كنا نحصل  على إبرة الانسولين من المركز الحكومي مجاناً وأحياناً تكون معدومة فأضطر لشراء حقنة  من الصيدليات الخاصة بسعر 2500 ريال وهذا المبلغ   يفوق إمكانياتي المادية البسيطة لأدخل في مشكلة ديون مالية لا تنتهي ، فاذا قمت بشراء الحقنة يومياً فسأحتاج مبلغ  75000 ريال شهرياً  وهذا مبلغ كبير لا أستطيع توفيره لولا مساعدة الآخرين لنا…

وتضيف  “فاطمة”  : هناك معاناة أخرى تواجهني بجانب معاناة الحصول على العلاج  وهي معاناة اقناع طفلي بعدم تناول الحلوى فهو لايزال طفل ويطلب مني باستمرار شراء حلويات وهذا الامر يحزنني كثيراً عندما أرى طفلي محروم من أبسط  حقوقه ، لكن أحاول أن أبعده عن تناولها حفاظاً على صحته ..

وعائلة فاطمة هي واحدة من آلاف العائلات في محافظة الحديدة بشكل خاص واليمن عموما والتي يعاني أبناؤها من مرض السكري الذي يصفه البعض بـ “داء العصر” ، حيث أوضحت منظمة الصحة العالمية ، في تغريده نشرها مكتب المنظمة في اليمن على تويتر ، بمناسبة اليوم العالمي لمرضى السكري 2018 ، ان هناك حوالي نصف مليون مريض بالسكري في اليمن، الذي يعيش حوالي  42 بالمئة منهم تحت خط الفقر..

 

الحرب تفاقم المعاناة

ومنذ بداية الحرب والحصار على اليمن في 26 مارس 2015  بدأ مرضى السكري كغيرهم من المرضى يعانون كثيراً من انعدام الأدوية وهو ما أثر كثيراً عليهم فارتفعت أسعار الانسولين والأدوية الخاصة بالسكري إضافة الى أن  المراكز الصحية الحكومية لم يعد يتوفر فيها أدوية السكر مثل الأنسولين وجلوكوفانس وغيرها من الأدوية التي يحتاجها المرضى بصورة يومية، والتي كانت تصرف مجاناً ، الأمر الذي ضاعف من معاناتهم.

ويتحدث لـــ”الحديدة نيوز”  فتيني محمد ” الذي لم يسلم هو وزوجته من مرض السكري بقوله ” أكثر من شهرين وحُقن الأنسولين منقطعة من المستشفيات الحكومية،  والوضع مأساوي جدا في ظل انقطاع المرتبات وليس هناك مصادر أخرى، والظروف الاقتصادية صعبة وتُفاقم من هذا العذاب النفسي بينما الصيدليات الخاصة تبيع الأدوية بمبالغ كبيرة، اضطررنا لبيع ما تبقى من ذهب زوجتي من أجل توفير العلاج”.

ويضيف :  كنا قبل الحرب نحصل على العلاج مجاناً بشكل مستمر لكن حالياً أصبحنا لا نحصل على الدواء إلا احياناً فالمرضى عددهم كبير ولذلك لا تكفي كمية الأدوية المتوفرة مجاناً كما أن هناك ادوية خاصة بالمرضى لا تتوفر في المراكز الحكومية ويضطر المريض لشرائها من الصيدليات التجارية ..

ويشير فتيني الى انه عاش حالة خوف شديدة على صحته وحياته منذ انتشار جائحة كورونا كوفيد19   حيث يقول ” كنت أعيش حاله نفسية صعبة في الأشهر الماضية بسبب كورونا الذي اجتاح العالم وشكل خطراً على حياتنا، وخصوصاً بعد ان سمعنا عن تأثيراته على مرضى السكري ، وانهم اكثر عرضة للإصابة بالفيروس،والحمدلله حاولنا الابتعاد عن التجمعات ، والالتزام بطرق الوقاية.

 كورونا يهدد حياة المرضى

وكانت  دراسة صينية حديثة  حذرت من خطورة الإصابة بفيروس كورونا المستجد على مرضى السكري، مشيرة إلى أن المرضى الذين يعانون ارتفاع مستويات الجلوكوز بالدم “أكثر عرضة للوفاة” بسبب “كوفيد 19”.

وبررت الدراسة نتائجها بأن الإصابة بالفيروس تزيد من إنتاج الخلايا المناعية في الرئتين بشكل مفرط، مما يشكل خطورة على مريض السكري.

ووجدت الدراسة التي أعدها باحثون من جامعة ووهان الصينية، أن الأشخاص الذين يعانون ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم لديهم فرصة أكبر بكثير للإصابة بسلالات أكثر قوة من الفيروس القاتل.  

 الأنسولين معدوم

رئيس المركز الوطني للسكري، الدكتور زايد عاطف، أوضح في تصريح سابق نشرته وكالة رويترز العام الماضي 2019  ” أن الأنسولين الذي يحتاجه المرضى بشدة شبه معدوم في اليمن.

وأضاف عاطف “في ظروفنا الحالية ينعدم الأنسولين الصافي، السريع المفعول، الذي مفترض أن يكون الأنسولين للحالات الحرجة ولحالات الأطفال ولحالات المستشفيات، معدوم في اليمن إلى حد كبير جدا ويكاد يكون معدوم نهائيا، إلى أن وصلت في الآونة الأخيرة دفعة عبر منظمة الصحة العالمية”.

وتابع أن عوامل مثل عدم دفع الرواتب والفقر والارتفاع الكبير في الأسعار، كلها تفاقم معاناة مرضى السكري.

وقال رئيس مركز السكري “انعدام الرواتب وحالة الفقر وحالة المعاناة المعيشية بشكل عام، زد على ذلك أن تدهور العملة أدى إلى ارتفاع مجنون في أسعار الأدوية، وهذا يعيق مريض السكر من الالتزام بتناول أدويته المفترضة لداء السكر ولمضاعفاته”.

ويوضح عاطف، نقلا عن دراسة نشرتها الجمعية اليمنية لداء السكري، أن مرضى السكري يمثلون نحو تسعة في المئة من سكان  اليمن..

أدوية بديلة

دفع الوضع السيئ  مرضى السكري في اليمن إلى البحث عن علاج آخر عبر الطب البديل.

وتقول بعض المصادر إن نبتة الصبار المنتشرة في اليمن تحولت بصورة مفاجئة إلى “ذهب بالنسبة إلى تجار العطارة والأعشاب الطبية وحتى المواطنين الذين لم يتوانوا في جمع عينات كثيرة من هذه النبتة، بعدما كشف أحد الباحثين اليمنيين فعاليتها في علاج مرض السكر من الدرجة الثانية”.

ويقول اختصاصيون إن الاكتشاف الذي توصل إليه الباحث اليمني عادل البكيلي حول فعالية نبتة الصبار في علاج مرض السكري كان أشبه بطوق نجاة “بل ان البعض اعتبره حلا مثاليا بالنسبة للآلاف من مرضى السكر والذين يقفون في طوابير كبيرة يوميا أمام المستشفيات الحكومية بحثا عن حقن الأنسولين غالية الثمن والتي توفرها وزارة الصحة للمرضى مجانا”.

ولكن الأطباء اليمنيين يؤكدون أن حقنة الأنسولين لا يُعادلها أي غذاء أو دواء آخر “حيث لا يمكن للمريض الاستغناء عنها واستبدالها بمواد غذائية ذات مكوِّنات محددة كبديل لها”.

ويؤكد الأطباء أن هذا المرض ينتج عن ارتفاع مزمن لمستوى السكر (الجلوكوز) في الدم، مشيرين إلى ضرورة اتباع المريض لحمية غذائية تزامنا مع العلاج الدوائي بهدف ضبط كمية السكر الموجودة في الدم.

قد يعجبك ايضا