حصار المشتقات النفطية ..هل يضع “الغباء السعودي” في زاوية “معادلة ردع” يمنية جديدة
تعطي السعودية كدولة قائدة للعدوان على اليمن كتفاً باردة لتصريحات حكومة الإنقاذ المتعلقة بنفاد مخزون المشتقات النفطية التي وصل معها الحال إلى أن 99.5 % من محطات الوقود توقفت عن العمل ولم تعد تعمل سوى “7” محطات من أصل 2017 محطة..وفقا لمدير شركة النفط عمار الأضرعي قبل أيام.
وتعتقد السعودية جهلاً بما يجري على الأرض في مأرب التي تُطوّق برجال الجيش واللجان وأبناء المحافظة الشرفاء تمهيداً لحسم المعركة هناك أن الضغط على صنعاء بورقة المشتقات النفطية سيوقف معركة مأرب و تسيير الصواريخ والمسيرات نحو العمق السعودي وسيخفض ذلك مستوى الاشتباك بعد تنفيذ عملية توازن الردع الرابعة في نهاية يونيو الماضي التي أفقدت النظام السعودي توازنه وأعادته من جديد إلى مربع التفكير الجدي بوسائل الخروج العاجلة من رمال اليمن المتحركة..
لكن الواقع يقول إن السعودية بدت كمن يتعامل في سياسته “بضرب الودع” بدلاً من قراءة واعية وواقعية للمشهد في اليمن والمنطقة التي تشتعل من حولها في كل مكان ويزداد المشهد صعوبة خصوصا بعد أن بدأت بإخراج رأسها من رمال الربع الخالي متطلعة للحاق علناً بقطار ربيع التطبيع الخليجي .
وفيما تبدو السعودية غارقة في حسابات مأرب بطريقة خاطئة وغير دقيقة لأنها تعتمد على ما ينقله لها مرتزقتها، لذامن العملي جداً لها في هذا الوقت أن تعيد تدوير زوايا قراءاتها للمشهد من زاوية أن الرسالة اليمنية القادمة مفادها أن لا عودة لأي مسار تهدئة، ضمني أو معلن، إذا ما استمرّ تشديد الحصار وأن القادم سيكون سفن الحديدة مقابل الرياض ونفط المملكة لا سيما في ظل منع السفن التي تحمل المشتقات النفطية من الرسوّ في ميناء الحديدة، وهو ما فاقم الأزمة الإنسانية وينذر بالأخطر.
والسعودية التي لا تجيد قراءة المتغيرات جيدا عليها أن تستفيد من ردود فعل صنعاء الرسمية والشعبية تجاه حصار المشتقات النفطية واستمرار العدوان إذ يبشر الحال بضربة نوعية جديدة للقوات اليمنية تعيد إيقاظ السعودية من وهم الاطمئنان إلى هدنة ، وتجدّد الضغط في اتجاه تخلي السعودية ومرتزقتها عن شد حبل الحصار وتدفع قسراً باتجاه تحريك محادثات لم تعد تَجِد فيها الرياض إلا فرصة للمراوغة، في وقت لم تعد فيه حسابات اليمن في 2020م هي ذاتها عشية الحرب.
ووفقا للمعطيات الراهنة ..ليس أمام السعودية سوى عقلنة المشهد قبل أن تجد نفسها في مواجهة مع عملية توازن ردع جديدة لأن تصريحات المسؤولين في صنعاء بخصوص نفاد المشتقات النفطية هي اختبار جديد لمدى الاستجابة السعودية لها بعد أشهر من المماطلة والتحايل حيال خيار إيقاف العدوان ورفع الحصار وضمن أسس تسوية سياسية شاملة .
وبوسع الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيت أن توفر كثيراً من قلقها الفائض عن الحاجة وأن تطلب من الإدارة المركزية للعدوان “أمريكا “أن توجه السعودية بالتخلي عن لعبة حصار المشتقات النفطية التي تلقي بظلالها القاتمة على الحقل الإنساني عامة بتفرعاته الصحية والتنموية والاقتصادية ..لأن هذا المسعى سيوفر أيضا لمنظمات الأمم المتحدة كثيرا من نقودها التي تتحصلها كدعم دولي للوضع الإنساني في اليمن وهي في الأصل عمولات مقابل أدوارها المشبوهة تجاه اليمن ووضعه الإنساني الذي وصل إلى قاع المعاناة ..وهذا أقل ما يمكن أن تقدمه الأمم المتحدة عبر مبعوثها الأممي.أما إن كانت عاجزة عن إطلاق عدد من سفن المشتقات النفطية فكيف بها إيقاف عدوان شارف على العام السادس والعالم يتفرج بصفاقة وموت ضمير .
وعلى الواقع .. جددت شركة النفط اليمنية التأكيد على أن تحالف العدوان السعودي الأمريكي يواصل احتجاز 20 سفينة مشتقات نفطية وقالت الشركة في بيان نشرته على صفحتها في “فيسبوك”، مساء الاثنين الفائت : ماتزال قوى العدوان تحتجز عدد 20 سفينة نفطية منها سفينتان محملتان بمادة المازوت وسفينتان تحملان الغاز المنزلي.
وجددت تأكيدها على استمرار تحالف العدوان احتجاز عدد (16) سفينة نفطية بحمولة إجمالية تبلغ (439,020) طن من مادتي البنزين والديزل ولفترات متفاوتة بلغت أقصاها بالنسبة للسفن المحتجزة حالياً (197) يوما من القرصنة البحرية غير المسبوقة.
وأشارت إلى أن ذلك مخالفة صريحة لبنود الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان، وقواعد القانون الدولي الإنساني، وكافة القوانين والأعراف المعمول بها، فضلا عن تجاهله الدائم لجوهر وغايات اتفاق السويد الذي شدد في مجمله على ضرورة تسهيل وصول المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية إلى ميناء الحديدة.
ونوهت إلى أن هذه المعطيات الواقعية تتناقض كليا مع ما ورد في إحاطات المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، أمام مجلس الأمن التي ادعى خلالهما أن سفن الوقود تدخل إلى ميناء الحديدة دون أية عوائق.
ولفتت شركة النفط إلى استكمال السفن المحتجزة لكافة إجراءات الفحص والتدقيق في جيبوتي عبر آلية التحقق والتفتيش الأممية (UNVIM) ،وحصولها على التصاريح الأممية التي تؤكد مطابقة الحمولة للشروط المنصوص عليها في مفهوم عمليات آلية التحقق والتفتيش.
وأمام هذا الفجور السعودي والأممي.. يبقى مطلب الناس عملية توازن ردع خصوصا واليمن مقبلة على عام دراسي جديد في المدارس والجامعات والأنشطة الاقتصادية والصحية والاجتماعية الأخرى في طريقها إلى التوقف في ظل استمرار الحصار.