تقرير خاص..لماذا تضطهد الصين مسلمي الإيغور بلا هوادة؟ ولما كل هذا الصمت “الإسلامي؟
Share
في غرب الصين، حيث يقع إقليم شينجيانغ (تركستان الشرقية سابقًا)، الذي يسكنه أغلبية مسلمة من قومية الإيغور، وهو أحد الأقاليم الصينية الخمسة التي تتمتع بحكم ذاتي، قام الإيغور بعدة ثورات خلال سنوات القرن العشرين للاستقلال عن الحكومة المركزية في بكين، كانت أبرزها ثورة 1944م، التي نجحوا على إثرها في إعلان دولة تركستان الشرقية المستقلة، لكن سرعان ما ضمتها الصين الشيوعية عام 1949م، ومعها بدأ تاريخ القمع للإيغور، وممارسة العنف ضدهم، والتهميش في كل مناحي الحياة، مع وصول الرئيس الصيني “شي جينبينغ” إلى الحكم، وجد نفسه مضطرًا للسير على خطى أسلافه في قمع الإيغور، هذا الإرث الشيطاني الذي يمارسه قادة النظام بحق 10 ملايين من الإيغور المسلمين في هذا الإقليم، بالرغم من كونهم مواطنين صينيين بحكم الانتماء إلى الأرض الصينية، لكن النظام دأب على وصفهم بأنهم متشددون وانفصاليون ولا يستحقون الحياة.
انتقل الإسلام إلى غربي الصين أواخر القرن السابع الميلادي عن طريق البعثات الدينية ثم بالفتوحات العسكرية لتتأسس قاعدة جديدة للإسلام من منطقة كانت تعرف بـ”تركستان الشرقية”، وظلت هذه المنطقة جزءا من العالم الإسلامي حتى غزو الصين لها عام 1759 ثم عام 1876 .
قاد مسلمو تركستان الشرقية عدة ثورات مسلحة لنيل استقلالهم أخفقت بعضها ونجحت أخرى في إقامة دولة مستقلة على غرار ثورتي 1933 و1944، لكن مع قيام جمهورية الصين الشعبية عام 1949 أصبحت تركستان الشرقية جزءا من أراضي الصين وأطلق عليها بشكل نهائي اسم “شينجيانغ” .
يبلغ عدد سكان الصين مليارا و300 مليون إنسان ينتمي 92% منهم إلى عرق “الهان” أما المسلمون فيبلغ عددهم حوالي 23 مليونا وفق الإحصاءات الرسمية. ينتمون إلى 10 أعراق بينها شريحتان كبيرتان جدا: “الهُوِي” الذين يتحدثون الصينية وهؤلاء لا يشكلون أي مشكلة لدى الصين فهم موالون سياسيا ومبعثرون جغرافيا ولا يطالبون بالاستقلال و”الإيغور” الذين يمثلون مشكلة الصين وأرقها الدائم، هؤلاء يتحدثون لغة تركية ويطالبون بالاستقلال.
هذه الاقلية المسلمة تشكو منذ فترة طويلة من التمييز الديني والثقافي والاجتماعي ويعد اقليم شينجيانغ (تركستان الشرقية)، موقد صراع مشتعل بسبب التوتُّرات بين الأويغور المسلمين وبين الصينيين الهان الممسكين بزمام السلطة وتقوم الاخيرة بممارسات سياسية ضدهم ومنها ملاحقتهم، وإعتقالهم، ومنعهم من أداء شعائرهم الدينية.
بعد قيام جمهورية الصين الشيوعية عام 1949 أضحى ترويج الإلحاد سياسة عامة للدولة تجاه الأديان وعليه اتبعت الصين عدة سياسات في التعامل مع المسلمين فكانت مرحلة المهادنة والإرضاء بين عامي 1949 و1958 ثم مرحلة تحويل الهوية الإسلامية إلى هوية شيوعية عبر موجة العنف الأولى بين عامي 1958 و1966 ثم لم تفلح تلك السياسات تماما فبدأت الدولة تعطيل الشعائر الدينية ومنع الحج وإغلاق المعاهد الإسلامية أما المرحلة الأخطر فجاءت مع انطلاق الثورة الثقافية ما بين عامي 1966 و1976 فقد جرى ضرب رجال الدين وحرق المصاحف وتدمير المساجد وإغلاقها ويقال إن في بكين كلها لم يبق سوى مسجد واحد ليصلي به الدبلوماسيون، وفي شينجيانغ “تركستان الشرقية” جرى تدمير وإغلاق 97.5% من المساجد لينخفض عددها من 20 ألفا إلى أقل من 500.
ومع نهاية السبعينيات وبالتوازي مع الثورة الإسلامية الإيرانية وبدايات الجهاد الأفغاني جاءت مرحلة الصلح فقد أعلنت الصين احترامها لمكانة جميع الأديان وأعادت فتح أكثر من 1900 مسجد في شينجيانغ وحدها بل وساهمت بنفقات إصلاح بعض المساجد وأعادت بعثات الحج والعطلات الإسلامية وكانت هذه المرحلة بداية العصر الذهبي لمسلمي الهُوِي.
تتعامل الصين مع مسلمي الهُوي على أنهم المسلمون الحقيقيون تمنحهم كل الحريات الدينية التي يريدون ووصل عدد المساجد في الصين بفضلهم إلى 35 ألف مسجد، أما الإيغور وبقية الأقليات التي لا تعرف تحدث الصينية جيدا وتنتشر في الغالب بإقليم شينيانغ فتفرض عليهم الصين رقابة صارمة وتمنعهم من ابسط حقوقهم وأخذت حملات القمع بحقهم تتصاعد منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر / أيلول 2001 فقد توفرت بيئة دولية تتسامح مع أي عنف في مواجهة الإسلاميين.
يُحظر على الإيغور النقاب واطلاق اللحى وأحيانا الحجاب ويُجبرون بشكل دوري على تسليم المصاحف وسجادات الصلاة للسلطات المحلية خوفا من اكتشافها ومصادرتها خلال عمليات الدهم والتفتيش، كما أن الصيام تم منعه مرارا في المدارس العامة والمؤسسات الحكومية.
وفي عام 2015 اُجبر أئمة المساجد على على الرقص في الشارع بحجة أن “الله لا يدفع رواتبهم” .
جوازات السفر تُعد حلما لمسلمي الإيغور أما أصحاب محلات السلع الغذائية فعليهم بيع الخمور والسجائر خوفا من إغلاق مصادر رزقهم، وإذا دخلت مسجدا في شينجيانغ فقد تجد لافتة تحذر من دخول أي شخص تحت سن 18 عاما! فالحكومة الشيوعية تتعامل مع إسلام الإيغور كما تتعامل منظمو الصحة العالمية مع التدخين فلا يحق لك أن تمارس عبادتك قبل بلوغ سن الرشد!
تنسحب الممارسات العنصرية أيضا على النواحي الاقتصادية فالإيغور لا تعليم لهم ولا توظيف بحجة أنهم غير مؤهلين ولا يعرفون الصينية جيدا.
تصنف الصين إقليم شينجيانغ كمنطقة “خاصة” تتمتع بحكم ذاتي نظريا وهو إقليم صناعي يُشكل سدس مساحة البلاد ويساهم بقد كبير في ثروتها ففيه حوالي 80% من إنتاج الصين النفطي و90% من إنتاجها من اليورانيوم، لكن غنى الإقليم لا يعود بالخير على المسلمين الإيغور، فالهان الذين بدأت الصين بتوطينهم في شينجيانغ مند تسعينيات القرن الماضي هم الذين يعيشون الرفاه الحقيقي وبفعل سياسة إغراق الإيغور ببحر من الهان يكاد يصبح الإيغور أقلية في أرضهم التاريخية ليُشكلوا 50% فقط من سكان الإقليم مقابل أكثر من 40% للهان الذين كانو يشكلون في السابق 10% فقط.
قُتل من “الأويغور” المسلمين أكثر من مليون مسلم في عام 1863م، كما قُتل أكثر من مليون مسلم، في المواجهات التي تمت في عام 1949م، عندما استولى النظام الشيوعي الصيني على إقليمهم، وألغى استقلالهم، وجرى ضمه لجمهورية الصين. ويطالب سكان إقليم “شينجيانغ”، أي الحدود الجديدة، أو الأرض المحررة، والذي يشهد أعمال عنف دامية منذ عام 2009، بالاستقلال عن الصين.
ومازالت أقلية الإيغور المسلمة تواجه أسوأ أشكال الاضطهاد والمعاملة السيئة داخل ما يُعرف بمعسكرات التثقيف في الصين، بالرغم من التقارير الأممية والحقوقية المتعددة التي تندد بهذه المعسكرات التي سجونًا جماعية تكرس لديكتاتورية الحزب الشيوعي الحاكم وعنصرية مقيتة ضد المسلمين،
لكن من الرجل المسؤول عن هذه العملية برمتها؟، إنه المسؤول البارز في الحزب الشيوعي الصيني “تشين تشوانغو”، والذي يعدّ مهندس المشروع الصيني لاضطهاد مسلمي الإيغور. وُلِدَ “تشين تشوانغو” عام 1956م في إقليم هنان الداخلي، فكانت نشأته خلال الثورة الثقافية التي أطلقها الزعيم الصيني “ماو تسي تونغ”، وأراد منها سحق المعارضة، حيث قام بإطلاق ملايين الطلبة من المدارس العليا والجامعات ليخدموا كحرس حمر، ولكنهم سببوا الفوضى في البلاد، ودافعوا بها نحو حافة الحرب الأهلية. في سن الـ 18، انضم تشوانغو للجيش، ثم أصبح عضوًا بالحزب الشيوعي الصيني والتحق بالجامعة، وبعد تخرجه انضم لبلدية ريفية في إقليم هنان، ومنها بدأ رحلة صعوده داخل الحزب حتى أصبح عضوًا بالمكتب السياسي.
في عام 2011؛ حدث تحول غير متوقع في حياة تشوانغو، عندما تم تعيينه كأكبر مسؤول حزبي في إقليم التبت، وفي ذلك الوقت كان التبت لا يزال يعاني من الاضطرابات، فعمل على فرض حزمة من الإجراءات الصارمة تجاه سكان الإقليم، زرع كوادره في كل القرى والمعابد، كما إخترق ما كان مقدسًا في البوذية التبتية، وعمل على تكييفها مع الحضارة الاشتراكية، وأجبر معابدها على رفع الأعلام الصينية وتعليق صور قادة الحزب الشيوعي.
وفي أغسطس من العام 2016، تم إسناد إدارة الإقليم إلى “تشين تشوانغو”، ليمارس هواية القمع والعنف والترهيب التي يجيدها، وعلى الفور شرع في تطبيق نفس سياساته التي طبقها في التبت، فأرسل كوادر الحزب الشيوعي إلى قرى الإيغور، ونشر نقاط التفتيش وكاميرات التعرف على الوجه على نطاق واسع، كما وصل عدد محطات الشرطة في الاقليم إلى 7500، وبدأ في مصادرة كافة الحقوق المدنية والإنسانية لسكان الإقليم، حيث يتم التضييق عليهم في استخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وحرمانهم من السفر، وأخذ عينات من الحمض النووي لتسهيل متابعة المعارضين، وتزويد السيارات بشرائح تتيح ملاحقة تنقلها عبر الأقمار الاصطناعية، إلى جانب التمييز ضدهم في الحصول على وظائف حكومية، ولم يكتفِ تشوانغو بذلك، بل طبَّقَ ما أسماه سياسة “التأخي والتعايش السلمي بين القوميات”، ففتح باب الهجرة والاستقدام لعائلات من قومية الهان كي يأتوا ويستوطنوا قرى ومدن الإيغور، حتي أصبحت نسبتهم اليوم 42% من سكان الإقليم، في إطار تغيير ديموغرافي واضح للإقليم.
لم يكتفِ تشوانغو بذلك فحسب، بل يمارس رقابة صارمة على أداء الشعائر الدينية لمسلمي الإيغور، إذ أغلق المساجد ومنع تداول المصاحف، وحذف كل النصوص الدينية من المناهج الدراسية، ومنع كافة الاحتفالات الدينية للإيغور أو تطبيق شريعتهم الإسلامية فيما يخص الزواج أو الميراث، وأجبرهم على الإفطار خلال نهار رمضان الماضي، كما منع ارتداء النقاب والبرقع في الأماكن العامة، وزادت السلطات المحلية في بعض مدن الإقليم على هذا القرار بمنع الحجات أيضا، مثلما فعلت السلطات في مدينة كاراماي، كما مُنِعَ الرجال من إطلاق اللحى، أو إظهار الدين الإسلامي في أي مظهر شخصي، كما تحظر السلطات المحلية تعدد الزوجات، أو تصنيع وإرتداء اللباس الشرعي للنساء، أو أية ملابس تحمل رمز الهلال والنجمة، كما تقوم بحظر الطعام الحلال، ويُجبر الطلاب في المدارس على تناول لحم الخنزير.
لكن أكثر الإجراءات التي إتخذها إثارة للجدل، كانت إقامة معسكرات إعادة التثقيف الجماعي، التي هي في حقيقتها سجون جماعية، يُحتجز فيها ما يقارب المليون مسلم إيغوري، وهم مسجونون لأجَل غير مسمى، دون توجيه تهم إليهم، كما يُجبَرون على ترديد شعارات الحزب الشيوعي، وأداء قسم الولاء للرئيس شي جينبينغ، هذا بخلاف المعاناة من سوء التغذية، والتعذيب على نطاق واسع، كما أن الاطفال يفصلون عن عائلاتهم ويُكرَهون على رفض هويتهم الايغورية، وتعمل السلطات أيضا على شر الانحلال والإباحية ومحلات بيع الخمور في مدن الإقليم، مما يسهم بشكل متسارع في إنتشار الانحلال الأخلاقي والفساد الاجتماعي.
دأبت الصين منذ احتلالها للإقليم المسلم على إرسال الملايين من الصينيين إلى هذا الإقليم , حيث شجعت العاطلين عن العمل من أبناء الصين على الهجرة والعمل في تركستان، مع تقديم الحوافز المغرية لهم، وتهيئة المسكن، بل تعدى الأمر إلى إرسال الآلاف من المحكوم عليهم في قضايا سياسية أو جنائية إلى المنطقة المسلمة؛ حتى بلغت نسبة الصينيين في بعض المدن الكبرى مثل “أرومجي” و”أقصو” و”قولجا” و”قورلا” و”التاي” و”قومول” و”بوريتالا” وغيرها نحو 90% .
بل عملت الحكومة الصينية لإحداث التغيير الديمغرافي المطلوب على بناء مدن جديدة لمئات الآلاف من المستوطنين ، منها مدن “شيهنزة” و”كاراماي” و”كويتون” و “صانجو” و”أران” وغيرها، وبلغت نسبة الموظفين والعاملين الصينيين في مختلف القطاعات في تركستان حوالي 95% …..الخ .
لم تكتف الصين بهذه الإجراءات المستمرة منذ أكثر من 65 عاما , بل صعدت من حملتها القمعية ضد مسلمي الإيغور في الداخل والخارج , أما خارجيا فقد بدأت السلطات الصينية مؤخرا بمصادرة جوازات السفر الخاصة بالإيغور من أجل منعهم من السفر والحيلولة دون اتصالهم بالعالم الخارجي , كما يتعرض حوالي ثلاثة ملايين شخص من الإيغور المهجرين في جمهوريات آسيا الوسطي وتركيا ودول أخرى إلى المضايقات والتهديدات من قبل السلطات الصينية بشكل مستمر , ناهيك عن إطلاق شائعات من حين لآخر بأنه “سوف يتم إعادة المهجرين قسرا إلى البلاد” مما يضعهم دائماً تحت دائرة الخوف والارهاب .
لكن الخطوة الأكثر خطورة، بحسب التسريبات والتقارير الدولية، هي ما تسميها الصين “معسكرات إعادة التأهيل” للإيغور ويوجد بها نحو مليوني شخص، يتم إجبارهم على التخلي عن ديانتهم والقسم بالولاء للحزب الشيوعي الصيني وترديد الأناشيد والأغاني بلغة الماندارين “اللغة الصينية”.
الصين تبرر تلك المعسكرات بالقلق من “النزعات الانفصالية” لدى الإيغور، وهو ما ترى فيه تهديداً لوحدة أراضيها، ومنذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 التي استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية واتساع رقعة الاتهام بالإرهاب، قامت بكين بتوجيه تهمة الإرهاب بصورة جماعية للإيغور، وبالتالي تم تبرير فكرة تلك المعسكرات على الرغم من أنها منافية لجميع مواثيق حقوق الإنسان في العالم.
الصين لا تكتفي بما تقوم به من إجراءات داخل تلك المعسكرات، بل تراقب أيضاً كل الموجودين بها من خلال الكاميرات في الشوارع وأماكن العمل والبيوت، كما تراقب المقيمين في الخارج من الإيغور، سواء كانوا طلاب علم أو مقيمين أو مسافرين لأي غرض آخر.
لكن الخطوة الأكثر خطورة، بحسب التسريبات والتقارير الدولية، هي ما تسميها الصين “معسكرات إعادة التأهيل” للإيغور ويوجد بها نحو مليوني شخص، يتم إجبارهم على التخلي عن ديانتهم والقسم بالولاء للحزب الشيوعي الصيني وترديد الأناشيد والأغاني بلغة الماندارين “اللغة الصينية”.
ومع التسريبات الجديدة التي نشرها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) حول قيام السلطات الصينية بعمليات “غسيل دماغ” لمئات الآلاف من المسلمين المعتقلين، تتضاعف الأسئلة حول صمت دول إسلامية، حتى منها التي رفعت صوتها بالدفاع عن قضايا دينية، في وقتٍ حظرت فيه واشنطن إصدارات تأشيرات لمسؤولين صينيين لهم صلة بعمليات الاعتقال، وطالبت فيه ألمانيا الأمم المتحدة بإجراء تحقيق أممي، ودعت فيه باريس بكين إلى “وقف عمليات الاعتقال الجماعي التسعفية وإغلاق المعسكرات”.
إلّا أن التنديد لم يصل إلى حد وضع قرار للتصويت في مجلس الأمن أو إعلان قطيعة نهائية مع بكين. تَرّددٌ قد يُفهم منه تنامي النفوذ الصيني في العالم، ومن ذلك “طرق الحرير الجديدة” التي تشارك فيها 123 دولة من كل قارات العالم، فضلا عن قدرة التنين الصيني على بناء تحالفات مع قوى عالمية، ترتكز أساسًا على توفره على حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن.
في الثامن من يوليو/تموز 2019، وقعت 22 دولة، منها ألمانيا وفرنسا وسويسرا وبريطانيا واليابان وكندا، رسالة موجهة إلى مجلس حقوق الإنسان، انتقدت فيها الصين على سياساتها في إقليم شينغيانغ وطالبتها بوقف عمليات الاحتجاز الجماعي. ردت هذه الأخيرة بـ”توبيخ” الدول الموقعة واعتبرت الأمر تدخلًا في شؤونها الداخلية، وقالت لاحقًا إن معسكرات الاعتقال، هي مجرّد مراكز تعليم مهني، من أهدافها تعليم اللغة المندرينية، وإبعاد السكان عن التطرّف الديني.
غير أن رد الفعل الأبرز لم يأتِ من بكين، بل من 37 دولة، وجهت هي الأخرى رسالة إلى الأمم المتحدة لدعم الصين. كان أمرًا عاديًا ورود أسماء مثل كوريا الشمالية وروسيا والفلبين وكوبا، لكن المثير أن الرسالة حملت توقيع السعودية والجزائر وقطر والإمارات وسوريا وعمان والكويت والسودان والبحرين، كلها دافعت عن الصين التي “حققت إنجازات لافتة في مجال حقوق الإنسان، واتخذت إجراءات لمكافحة الإرهاب” حسب تعبيرهم.
سحبت قطر لاحقًا توقيعها رغبة منها في “الحفاظ على موقف محايد”، في حين دافعت الرياض عن موقفها، وقالت إن الرسالة “دعمت السياسات التنموية للصين فقط”، وأنه “لا يمكن أن تكون أيّ جهة قلقة على وضع المسلمين في العالم أكثر من السعودية”. في حين وجهت الصين شكرها للدول التي دعمتها، ومنها الإمارات، خلال زيارة قام بها ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، لبكين، صرّح فيها هذا الأخير أن بلاده “تثمن جهود الصين لحماية الأقليات العرقية”، وأن الإمارات مستعدة لـ”توجيه ضربة مشتركة للقوى الإرهابية المتطرّفة” إلى جانب الصين.
لا يبدو أن هناك بوادر تراجع أو انكفاء للحملات الصينية المعادية لمسلمي الإيغور , بل ربما تزداد هذه الحملات شراسة وبشاعة كما وكيفا , في ظل نمو موجة الاسلاموفوبيا في أمريكا و أوروبا والعالم بأسره بشكل عام …وهو ما يستدعي من الدول الإسلامية مراجعة حساباتها لمواجهة أشرس موجات العداء للإسلام والمسلمين .
فهل يتخلى الإيغور عن مطلبهم بالاستقلال؟ أم أنهم سيقفون وحيدين في مواجهة أقوى السلطات البوليسية في العالم؟