تبيع كليتها لتوفير الدواء لابنتها.. أزمة ذوي الإعاقة تتفاقم في اليمن

“منذ أيام قليلة سألت أحد المعارف عن سبيل لبيع كليتي”، تقول والدة فتاة في الثالثة من عمرها تعاني من ضمور العضلات الشوكي في اليمن، لممثل عن منظمة العفو الدولية.

المنظمة الدولية تقول في تقرير لها إن ذوي الاحتياجات الخاصة في اليمن باتوا من أكثر الفئات تعرضا للإقصاء في الأزمة التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وباعت الأم أثاث بيتها وأخذت طفلتها إلى صنعاء لتتلقى العلاج هناك، وبعد أربعة أشهر “لاحظت أنها لا تتحرك ولا تضحك ولا تلعب، فأخذتها مرة أخرى إلى صنعاء”.

تضيف والدة الطفلة قولها: ” أنا على استعداد أن أبيع كليتي لكي أشتري لها الأدوية اللازمة لعام واحد، وكذلك الأحذية التي تحتاجها، وأي متطلبات أخرى”.

واضطر العديد من أهالي ذوي الإعاقة لبيع متعلقاتهم أو للتأخر في سداد الإيجار أو غيره من المتطلبات المالية الأساسية، لإعطاء الأولوية لسداد التكاليف المتعلقة برعاية أحد الأقارب من ذوي الاحتياجات الخاصة.

ويحصل نحو أربعة ملايين ونصف مليون يمني من ذوي الاحتياجات الخاصة على دعم قليل وغير كاف، بحسب تقرير أمنستي الذي صدر بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة.

ويعتبر اليمن من الدول الأطراف في “اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”، ولديه قوانين تهدف إلى حمايتهم في اليمن، حيث يبلغ عددهم نحو أربعة ملايين ونصف المليون نسمة أي حوالي 15 بالمئة من عدد السكان، وفقا لتقديرات “منظمة الصحة العالمية”.

وهناك ندرة شديدة في البيانات الموثقة، ويعتقد بعض الخبراء أن عدد أولئك الأشخاص أكثر من ذلك، بالنظر إلى تأثير النزاع الجاري.

وأصدرت المنظمة تقريرها بعنوان “مستبعدون: حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وسط النزاع المسلح في اليمن”.

وأشارت المنظمة إلى أن التقرير هو محصلة ستة أشهر من البحوث، بما في ذلك زيارات لثلاث محافظات في جنوب اليمن، ومقابلات مع حوالي 100 شخص، وهو يوثق حالات 53 من النساء والرجال والأطفال ذوي الإعاقة على اختلاف أنواعها.

“رحلة عذاب”

ويواجه الأشخاص ذوو الإعاقة صعوبات مضاعفة في الفرار من العنف الدائر في اليمن.

وذكر كثيرون من ذوي الاحتياجات الخاصة لمنظمة العفو الدولية أنهم قطعوا رحلات النزوح الشاقة من دون أن يكون لديهم مقاعد متحركة أو غيرها من الأدوات التي تساعد على الحركة.

مقداد علي عبد الله، 18 عاما، يعاني من صعوبات في الحركة والتواصل، يروي تفاصيل الرحلة التي قطعها مع أسرته في مطلع عام 2018، واستغرقت 18 ساعة، للانتقال من مدينة الحديدة إلى مخيم للنازحين في محافظة لحج.

يقول عبد الله: “كانت الرحلة نوعا من العذاب… كنت أنقل من حافلة إلى أخرى، وبلغت إجمالا أربع حافلات… وكان جاري يحملني”.

حالة مقداد أفضل من آخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة تركوا وفصلوا عن عائلاتهم وسط حالة الفوضى المصاحبة للفرار، أو لأن الرحلة شاقة ويصعب على الشخص من ذوي الإعاقة أن يقطعها، بحسب المنظمة.

وفي الحالات التي تمكن فيها أشخاص من ذوي الإعاقة من الفرار، أدت رحلات نزوحهم في كثير من الأحيان إلى تدهور حالاتهم أو إصابتهم بإعاقات أكثر.

وفي مخيمات النازحين، لاحظت منظمة العفو الدولية عددا من أوجه القصور في التصميم، والتي تؤثر على الأشخاص ذوي الإعاقة، ومن بينها تصميم المراحيض، وكذلك في مواقع نقاط توزيع المساعدات، مما يؤدي في الحالتين إلى تجريد الأشخاص ذوي الإعاقة من استقلاليتهم وكرامتهم، حيث يُضطرون إلى الاعتماد على أفراد عائلاتهم أو على آخرين.

وطالبت منظمة العفو الدولية، الأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية أن “تبذل مزيدا من الجهد للتغلب على المحددات التي تحول دون حصول الأشخاص ذوي الإعاقة حتى على أبسط احتياجاتهم الأساسية”.

المصدر : الحرة

قد يعجبك ايضا