“كورونا” يزيد أعداد المُعدمين.. ويهدد 130 مليون شخص بـ”الجوع المنهك”
Share
توقَّعت تقديرات دولية -نشرتها مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية- أنْ تَتسبَّب إجراءات إعادة الإغلاق الكلي للنشاطات الاقتصادية جرَّاء الموجة الثانية من تفشي فيروس كورونا (كوفيد 19)، في إفقار ما بين 71 مليونا و100 مليون شخص هذا العام.
وكان البنك الدولي قد حدَّد 1.90 دولار في اليوم (بأسعار 2011) كحدٍّ أقصى للأشخاص المنضوين تحت خط الفقر، بيد أنَّ تنبؤاته ساءت منذ بدء تفشي الجائحة، حيث تشير تقديرات البنك إلى أنَّه سيتم القضاء على ثلاث سنوات من التقدم، وأنه من المتوقع أن تكون بعض البلدان أكثر تضررا اعتمادًا على حجم الركود.
ومنذ العام 1990 وحتى العام الماضي، انخفض عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مُدقع من ملياري شخص، أو 36% من سكان العالم، إلى 630 مليونًا، أو 8% فقط، وكان معظم مَن بقوا في حالة فقر في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وفي بلدان تمزقها النزاعات، إلا أنه -وحسب التقديرات الحديثة- سيكون ما يقرب من نصف المعدمين الجدد في جنوب آسيا.
وفي سياق موازٍ، جاءتْ توقعات الأمم المتحدة أكثر كآبة؛ حيث تُعرِّف المنظمة الدولية الأشخاص على أنهم فقراء إذا لم يكن لديهم إمكانية الوصول إلى أشياء مثل المياه النظيفة والكهرباء والطعام الكافي والمدارس لأطفالهم؛ ومن خلال العمل مع باحثين من جامعة أكسفورد، تعتقد “الأمم المتحدة” أن الوباء يمكن أن يلقي 490 مليونًا في 70 دولة في الفقر؛ مما يطيح بما يقرب من عقد من المكاسب.
وأدَّت الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي جائحة “كوفيد 19” إلى تفاقم عدم المساواة بشكل أكثر حدة من فترات الركود السابقة؛ حيث تركت تداعيات الفيروس التاجي لهم القليل من الخيارات الاحتياطية، فمنهم من فقد وظائفه الرسمية ولم يتمكنوا من تحقيق ربح سريع في القطاع غير الرسمي نتيجة الإغلاق الكبير للنشاطات، كما جمدت عمليات الإغلاق اقتصادات بأكملها. ونظرًا لسرعة انتشار المرض، فقد لا يتمكن الأقارب في البلدان الأكثر ثراءً من إرسال أموال إضافية إلى الوطن؛ ومن ثمَّ فمن المقدَّر أن تنخفض التحويلات بنحو الخُمس هذا العام، كأكبر انخفاض في التاريخ الحديث؛ وفقًا لأحدث إحصاءات البنك الدولي.
وبحسب “ذي إيكونوميست”، فإنَّ الأزمة الاقتصادية تتحول بالفعل إلى أزمة غذائية. ويقول برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إنَّ عدد الأشخاص غير القادرين على تحمل ما يكفي من الطعام قد يتضاعف نتيجة للوباء. وهذا يعني أن 130 مليون شخص إضافي هذا العام يعانون من هذا النوع من الجوع المنهك الذي يضر بصحة البالغين على المدى الطويل، ويمكن أن يعيق نمو الأطفال.
كما أنه من المتوقع أن يكون لانقطاع التعليم عواقب وخيمة على المدى الطويل؛ فمن المحتمل أن يحصل الأطفال الذين هربت أسرهم من المدن على تعليم أسوأ في المناطق الريفية، إذا حصلوا أساسًا على تعليم. ووجدت دراسة استقصائية أجرتها منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أنَّ المدارس كانت مفتوحة بالكامل في أغسطس في 6 فقط من بين 39 دولة إفريقية. فيما أغلقت كينيا المدارس حتى عام 2021. وبما أن كل عام تعليمي يُقدر أنه يزيد الدخل السنوي بنحو 10%، فإن العواقب على الأطفال الفقراء تنذر بالخطر.
إلى ذلك، يُتوقَّع أن يكون الضرر الذي سيلحق بأنظمة الرعاية الصحية طويل الأمد أيضًا؛ حيث تعاني العيادات من نقص في الموظفين؛ إذ لم يتمكن الأطباء من السفر للعمل بأمان، وفي هذا الصدد، تقول مؤسسة “بيل وميليندا جيتس”: إن معدلات التطعيم بين الأطفال تنخفض إلى المستويات التي شوهدت لآخر مرة في التسعينيات. أما بالنسبة للأمراض المعدية مثل الحصبة، فحتى التوقف المؤقت قد يكون مميتًا. وتابعت المؤسسة بأنه قد يحصل 67% فقط من أطفال العالم على جرعة ثالثة حاسمة من لقاح الخناق والكزاز والسعال الديكي (الذي يُعطى عادة في سن ستة أشهر تقريبًا) هذا العام.
ويُكافح السياسيون في البلدان الفقيرة، المثقلون بالديون، من أجل تقديم دعم حقيقي؛ بعدما كشفَ “كوفيد 19” عن ضعف تلك المجموعة -وهم الفقراء وليسوا المعدمين- في مواجهة صدمة اقتصادية كبيرة. وبات من الواجب على صانعي السياسات الآن مساعدة الناس لتجاوز خط الفقر وابتكار طرق لجعلهم أكثر مرونة في مواجهة الصدمات المستقبلية.