نساء في الحديدة يواجهن الفقر بصنع الحلويات والمعجنات

عرفات مكي 

بدأت العمل بإمكانيات بسيطة حسب ظروفي المادية ” أقوم بصناعة حلوى ومعجنات وأبيعها من داخل منزلي  على صديقاتي وجيراني  واستمريت على هذا الحال لعدة أشهر  لكن الأرباح المالية  لم تكن كثيرة  ولم تكفي لتغطية إحتياجات أطفالي من الأكل والمستلزمات الأخرى وهو ما دفعني للتفكير الى تطوير مشروعي  فعرضت الفكرة على أخي الأكبر فشجعني وساعدني على ذلك بشراء بعض الأدوات الخاصة لتطوير العمل وبدأت بصناعة كميات كبيره من الحلويات وهو يقوم بتوزيعها على المحلات والبقالات

صابره محمد  (30 عاما) تسكن بمدينة المراوعة بمحافظة الحديدة  أم لثلاثة أطفال  هي من تعوولهم بعد وفاة والدهم  وجدت نفسها أمام حياة جديدة  فبعد أن كانت تعتمد على زوجها في إعالتها هي وأطفالها كغيرها من  النساء  أصبحت بعد وفاته بدون معيل تقول صابرة  لـ”الحديدة نيوز ” منذ طفولتي وانا أعتمد على اسرتي في توفير احتياجاتي ومصاريفي بعد ذلك اعتمدت على زوجي والان أصبحت في موقف صعب  لا احد يوفر لي احتياجاتي فزوجي توفى واخواني أصبح لكل شخص منهم أسرته  ولهذا فكرت في العمل من اجل إعالة نفسي وأطفالي  …

 

تزاحمت الأفكار الخاصة بمشاريع صغيرة   لدى صابرة  لكن جميعها كانت ترى انها لن تستطيع ان تعمل بها نظرا لعدم توفر الإمكانيات  فلم يكن امامها غير القيام بصناعة الحلويات والمعجنات  خصوصا وانها تمتلك خبرة في ذلك  وبدأت العمل بإمكانياتها البسيطة لكنها سعت بكل إصرار الى تطوير فكرتها وأصبحت واحدة من أشهر بائعات الحلوى  في مدينتها..

نجحت صابرة في عملها  واستطاعت أن تنقل نفسها من إمرأه تعتمد على الاخرين في توفير احتياجاتها الى امرأة تعتمد على نفسها وأصبحت هي من تعول نفسها وأطفالها وأسرتها من عملها في بيع الحلويات والمعجنات  وأثبتت أنها قادرة على كسب لقمة العيش بمفردها ، بينما اتجهت أنيسة للخياطة لتسلك نفس المسار للكفاح وفتح أبواب جديدة لكسب العيش.

 

في الآونة الأخيرة أصبحت مهنة صناعة الحلوى والمعجنات من اكثر المهن التي يعمل فيها النساء ويعتمدن عليها كمصدر دخل يوفر لهن احتياجاتهن اليومية من الأكل والشرب حيث يعمل المئات من النساء في عموم محافظة الحديدة ومديرياتها خصوصا بعد اقبال الناس على شراء هذه الحلويات..

واجهت صابرة  الكثير من المعوقات في بداية عملها لأنها لا تمتلك  كل  الإمكانيات وبعد تطوير مشروعها  وجدت  منافسة كبيرة من نساء يعملن في ذات المهنة . تقول صابرة : “في البداية كنت أقوم بصناعة أنواع محددة من الحلويات بينما البعض يقمن بصناعة أنواع كثيرة ويحصلن على دخل مالي كثير وهو ما جعلني اطور من مهاراتي واتابع كل جديد في صناعة الحلويات والمعجنات وقمت بصناعة أنواع جديدة  حظيت بإقبال كبير من الزبائن الأمر الذي اكسبني الشهرة والحمدلله أزداد الدخل اليومي بصورة جيدة ..

 

أصبحت صابرة راضية عن نفسها  وفخورة بما وصلت اليه خصوصا وانها استطاعت  إعالة نفسها وأطفالها وتوفير كل ما تحتاجه دون الطلب من الاخرين وتقول ” لم اكن أتوقع ان أصبح في يوم من الأيام امرأة عاملة لديها مصدر دخل خاص بها وادعوا النساء الى عدم الاعتماد على الاخرين والتفكير في العمل لانه ليس عيبا كما يروج له المجتمع الذي يقيد حريتنا رغم انه لا يقدم لك أي مساعدة…

 

ورغم خروج الكثير من النساء للعمل في الآونة الأخيرة بسبب الظروف المعيشية التي تعيشها اليمن بسبب الحرب الا أن  المرأة اليمنية بشكل عام لازالت تعاني من نظرة المجتمع السلبية للمرأة العاملة حيث يرى انه من العيب خروجها للعمل وفق ما تنص عليه العادات والتقاليد القديمة التي حرمتها من الكثير من حقوقها..

 

ريم هي الأخرى اتخذت نفس هذا الطريق  بدأت مشروعها في اعداد الحلويات والمعجنات في المنزل  وذلك بمساعدة زوجها  تقول لــــ ” الحديدة نيوز” بدأت من الصفر  وكان زوجي يساعدني  ويقوم بتوزيع الأطباق  لمحلات السوبر ماركت وأصحاب البقالات  كما أنني قمت بفتح كشك صغير بجوار منزلي للبيع فيها

تكالبت الأزمات على البلاد بسبب الحرب وتوقف صرف الرواتب ومنها راتب زوج ريم  الذي يعتمدون علية  فاقترحت على زوجها فتح كوفي شوب خاص بالنساء في مدينة الحديدة حيث والمدينة لايوجد بها مثل هكذا محلات لتجمعات النساء فاعجب زوجها  بالفكرة  وتم التجهيز والافتتاح وأسميناه كوفي شوب كيوت أم عبدالله .

 

تقول  ريم لــــــــ  ” الحديدة نيوز” بفضل تشجيع زوجي وأقربائي  أصبح الكوفي شوب مقرا لحفلات الأسر بأعياد الميلاد وغيرها من الحفلات وحققنا نجاحا كبيرا رغم العراقيل والانتقادات والاهانات من المجتمع ولكن ” ياجبل ما يهزك ريح” واستمريت في عمل لان للنجاح أعداء في كل مكان  … 

 

وتضيف ” واجهت أيضا مضايقات من أصحاب المحلات المجاورة حيث كانوا لا يرضيهم نجاحي واستمراري في العمل خصوصا وأني استمريت صامدة رغم انقطاع الكهرباء وانتشار فيروس كورونا حيث لم أغلق المحل بل استمريت في بيع المعجنات والحلويات بنظام السفري فقط  ورفضت استقبال الزبائن

 

اكتسبت ريم خبرة كبيره في مهنتها وأصبحت تطورها يوما بعد أخر كما انها تفكر أيضا بافتتاح نادي رياضي خاص بالنساء في مدينة الحديدة وفق أعلى التجهيزات وتقول ” سأستمر في تحقيق أحلامي ولن يعيقني أي شي سابقا كنت أرى الصفر بعيد المنال أما حاليا أرى كل شيء سهل التحقيق …

 

ومنذ إندلاع الحرب في أواخر شهر مارس من العام 2015 وتوقف صرف الرواتب للموظفين الحكوميين بدأت الحياة المعيشية لآلاف الأسر اليمنية بالتدهور مما أجبر الكثير من النساء للخروج الى العمل  ومساعدة أسرهن في تحمل نفقات المعيشة وذلك من أجل مواجهة الفقر والجوع الذي أصبح يهدد حياة الكثير من تلك الأسر الأمر الذي جعل المجتمع يرضخ قليلا ويسمح للمرأة بالعمل من اجل مساعدة أسرتها…

وترى الباحثة الاجتماعية شيماء حسن (35 عاما)  أن المرأة اليمنية إستطاعت أن تنقذ أسرتها من الفقر والجوع بعد توقف صرف الرواتب التي تعتمد عليه الكثير من الأسر في توفير إحتياجاتها حيث بادرت الى الخروج للعمل ولم تقف مكتوفة الأيدي تنتظر مصيرها هي وأسرتها بل سعت الى إيجاد مصدر دخل بديل عن الراتب وقمن بافتتاح مشاريع خاصة بهن تدر عليهم المال حيث لاحظنا قيام الكثير من النساء يعملن في مهن مختلفة كبيع الحلويات والمعجنات والملابس والبخور أو الالتحاق بوظائف في شركات خاصة واستطعن كسر القيود المفروضة عليهن من المجتمع الخاصة بعمل المرأة ..

قد يعجبك ايضا