سيناريوهات جحيم الكارثة “صافر”
تتعالى يوماً بعد آخر الأصوات المحلية والعربية والدولية المنددة بتعنت تحالف دول العدوان وتخاذل وتواطؤ الأمم المتحدة التي تحذر من مخاطر تسرب النفط الخام من خزان “صافر” العائم الذي يرسو قبالة ميناء رأس عيسى غربي اليمن، والذي لم يخضع للصيانة منذ خمس سنوات بسبب العدوان والحصار على اليمن .
ونشطت هذه الأصوات مجددا عقب الكارثة التي أحدثها انفجار مرفأ بيروت بلبنان الذي دمر نصف العاصمة بيروت وتسبب في وفاة ما يزيد على 200 شخص وجرح وإصابة ما يزيد على ستة آلاف شخص من مختلف الجنسيات.
الثورة /عبدالله محمد
وبيَّن مركز الرصد والتثقيف البيئي بأمانة العاصمة في تقرير حديث المراحل التي مر بها خزان صافر منذ بنائه في منتصف سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم، والسيناريوهات الكارثية المحتملة في حال انفجار الخزان، والأضرار البيئية والاقتصادية والأسباب والعوامل والحلول والمعالجات المطلوبة لتلافي هذه الكارثة.
وحسب التقرير تم بناء خزان أو ناقلة صافر عام 1976م في اليابان وكانت حمولتها الإجمالية ( 679 ألفاً و192 طناً) ووزنها يبلغ 640 ألفاً ،و406 أطنان ويبلغ طولها 362 مترا .
وتعمل الناقلة بواسطة توربين بخاري بسرعة خدمة تبلغ 15.5 عقدة (17.8 ميل/س) وفي عام 1987م تم تحويلها إلى سفينة تخزين وسميت صافر .
ووفق الوصف التعريفي للتقرير ترسو صافر في رأس عيسى في الحديدة غربي اليمن على بعد 7 كيلومترات من الميناء منذ عام 1988م وتتبع شركة صافر التي استخدمتها لتخزين وتصدير النفط من مارب عبر خط أنبوب طوله 439كم، وتعد الناقلة أو الخزان ثالث أكبر ميناء عائم في العالم لتخزين النفط بسعة تبلغ ثلاثة ملايين برميل من النفط.
ويحذر تقرير مركز الرصد والتثقيف البيئي من تدهور حالة هيكل السفينة وتآكله وتوقف كافة الأنشطة فيها بشكل كبير ما يعزز تنامي حدوث خطر اختراق كارثي أو انفجار أبخرة النفط التي عادة ما يتم قمعها عن طريق الغاز الخامل المتولد على متنها من مادة المازوت .
الكمية المخزنة
تشير التقديرات إلى أن السفينة تحتوي على حوالي مليون ومائتي ألف برميل من النفط الخام بقيمة تصل إلى 80 مليون دولار أمريكي والتي يُصِّر تحالف العدوان على مصادرتها دونما اعتبار للحالة الإنسانية التي يفاقمها استمرار العدوان والحصار وقضية رواتب موظفي الدولة.
وتطرق التقرير إلى ما أسماها عوامل وأسباب داخلية وخارجية أدت إلى تدهور أوضاع الناقلة ووصولها إلى حال خطر الانفجار الوشيك، وفي مقدمة هذه العوامل العدوان والحصار على اليمن، وتعنت دول العدوان وحصارها للناقلة ومنع وصول مادة المازوت إليها والتي تعتبر ضرورية لإنتاج الغاز الخامل الذي يحول دون حدوث انفجار فيها إلى جانب فرض شروط تعجيزية تحول دون وصول الفرق الفنية لصيانة وتفريغ الناقلة وتخاذل وتواطؤ الأمم المتحدة تجاه تحالف العدوان.
الأضرار والآثار
وفي السياق أفاد تقرير الرصد والتثقيف البيئي بأن حدوث تسرب أو انفجار لخزان صافر يهدد بكارثة وشيكة الحدوث ستدمر البيئة البحرية برمتها وتمتد آثارها إلى ما بعد قناة السويس شمالا ومضيق باب المندب وخليج عدن جنوبا وتشكل تهديدا خطيرا وتحديا مباشرا لليمن والدول المجاورة إذا ما استمر الحصار على الباخرة وستنتج عنه خسائر وأضرار اقتصادية وبيئية كبيرة .
حيث ستفقد نحو 115جزيرة يمنية في البحر الأحمر تنوعها البيولوجي ويفقد نحو 126 ألف صياد يمني مصدر دخلهم الوحيد في مناطق الصيد اليدوي ونفوق850 ألف طن من المخزون السمكي ستخسره اليمن على طول الشريط الساحلي والشعاب المرجانية ومضيق باب المندب وخليج عدن .
وأشار التقرير إلى أنه سيكون من بين الخسائر موت نحو969 نوعاً من الأسماك بسب بقع الزيت التي ستغطي المياه اليمنية، واختفاء 300 نوع على الأقل من الشعب المرجانية من البحر الأحمر، إضافة إلى اختناق 139 نوعاً من العوالق الحيوانية التي تعيش في المياه اليمنية.
ووفقاً للتقديرات التي تقصاها الخبراء الذين أعدوا التقرير “سيحتاج اليمن والدول المجاورة في حال وقوع كارثة تسرب النفط الخام (الوشيك) من الناقلة صافر إلى معالجة أضرار التلوث البحري لسنوات طويلة كي تتعافى بيئة البحر الأحمر، ناهيك عن كلفة النفقات المالية التي قد تتجاوز حسب التقديرات ومقارنة بكارثتي سيبيريا وخليج المكسيك قبل سنوات 100 مليار دولار كأقل تقدير بالإضافة إلى توقف كافة الأنشطة التجارية والصناعية جراء توقف حركة الملاحة البحرية.
سيناريوهات الكارثة
فيما تحدثت تقارير منظمات وجهات معنية بالبيئة عن سيناريوهين خطيرين يتهددان خزان صافر، السيناريو الأول: حدوث انفجار أو تسرب، قد يؤدي إلى واحدة من أسوأ الكوارث البيئية التي قد يشهدها العالم حديثا والتي قد تحول البحر الأحمر إلى ثاني بحر ميت في العالم- لاسمح الله- فيما السيناريو الثاني يتمثل في حدوث حريق كبير سيتأثر به نحو 3 ملايين شخص في الحديدة وكافة مناطق الساحل الغربي بسبب الغازات السامة الناتجة عن الحريق.
وستتغطى 4% من الأراضي الزراعية المنتجة في اليمن بالغيوم الداكنة ما يؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية، إضافة إلى تعليق المنظمات الإنسانية خدماتها الإغاثية، وتتوقف المساعدات عن 7 ملايين شخص من اليمنيين.
حلول ومعالجات
ولتجنب كل ذلك يوصي تقرير الرصد والتثقيف البيئي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية والضغط على تحالف العدوان للسماح على الفور ودون تأخير أو شروط مسبقة بتأمين وصول الفريق الفني لإجراء عملية التقييم والفحص والصيانة اللازمة وتفريغ كمية النفط المخزنة قبل حدوث واحدة من أكبر الكوارث البيئية والاقتصادية والبحرية في العالم.
كما يوصي بتزويد الخزان بمادة المازوت لتوليد الغاز الخامل المانع لحدوث الانفجار واختيار طرف ثالث لتصريف الحمولة الموجودة في الخزان وإيداع القيمة في البنك المركزي فرع الحديدة.
عوامل مساعدة
وينبه التقرير إلى ضرورة تصعيد الأنشطة والفعاليات الداخلية لتكوين رأي عام عالمي مؤازر للقضية اليمنية العادلة ومناهض لتخاذل الأمم المتحدة ومُطالب لتحالف العدوان والحصار بالسماح بصيانة وتفريغ الناقلة وتحميله مسؤولية التعنت والرفض وحدوث الكارثة.