لبنان: الأمين العام يتعهد بوقوف الأمم المتحدة صفا واحدا للمساعدة في تخفيف المعاناة الفورية ودعم جهود التعافي في البلاد
تعمل الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني، على مدار الساعة، لدعم وتعبئة المساعدات الطارئة، في أعقاب الانفجار المميت الذي هز مرفأ بيروت، يوم الثلاثاء الماضي. وخلال إحاطة إعلامية افتراضية، عقدت اليوم الاثنين، تحدث مسؤولون أمميون رفيعو المستوى، بالتفصيل، عن تطورات الوضع على الأرض في لبنان، وما تقوم به الأمم المتحدة للمساعدة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن “القوة الأسطورية للشعب اللبناني تواجه الآن اختبارا إضافيا،” مشيرا إلى أن الانفجار، أنتج سحابة سامة هائلة كانت مرئية على بعد أميال عديدة، “فيما شعر الناس، في جميع أنحاء المدينة، بقوة الانفجار.
وبعد مضي أسبوع تقريبا على الانفجار، أعرب الأمين العام عن أسفه لأن “العديد من الأشخاص ما زالوا في عداد المفقودين”.
وأشار الأمين العام إلى أن الانفجار كان مروعا حقا وأسفر عن تدمير البنية التحتية الحيوية وحطم نوافذ المباني القريبة والبعيدة. فيما تمت تسوية الأحياء المجاورة بالأرض، وبات الآلاف الآن بلا مأوى.
وقال السيد غوتيريش إن ثلاثة مستشفيات باتت غير صالحة للعمل، فيما تعرض اثنان آخران لأضرار جسيمة. “ولحقت أضرار بالعشرات من المرافق الصحية الأخرى وما تبقى منها مكتظ بالضحايا.” فيما شعر الناس، في جميع أنحاء المدينة بقوة الانفجار. وقال الأمين العام إن الأصداء الاقتصادية والاجتماعية وغيرها ستستمر لبعض من الوقت في المستقبل.
وقد أفادت تقارير إخبارية بأن رئيس الوزراء اللبناني أعلن تقديم استقالته، إلى جانب أعضاء حكومته، في ساعة متأخرة من مساء يوم الاثنين، بسبب ما وصفه بالفساد السياسي المستشري.
وقت عصيب
وعلى خلفية الصعوبات الاقتصادية وجائحة كـوفيد-19 والعديد من التحديات الأخرى، أشاد السيد غوتيريش بالشعب اللبناني لبقاءه “مضيافا كريما” لمجتمعات كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين.
وفي الأيام القليلة الماضية، قال الأمين العام للأمم المتحدة إنه رأى “تلك الروح مرة أخرى،” حيث يساعد الجيران بعضهم البعض على تنظيف الشوارع من الزجاج المكسور، “ويفتحون أبوابهم لمن فقدوا منازلهم”.
ودعا الأمين العام إلى دعم دولي قوي لجميع المحتاجين في لبنان، وخاصة النساء والفتيات الأكثر ضعفا في أوقات الأزمات، معربا عن تقديره للبلدان التي تقدمت بالدعم، وحث المانحين على التبرع “بسرعة وبسخاء”.
استمعوا إلى الناس
وفي وقت يسوده الحزن والإحباط المستمر، أكد الأمين العام أن “غضب اللبنانيين واضح” و “يجب سماع أصواتهم”.
ودعا إلى إجراء “تحقيق يتسم بالمصداقية والشفافية،” لتحديد السبب الدقيق للانفجار وتحقيق المساءلة “التي طالب بها الشعب اللبناني،” قائلا إن الإصلاح السياسي طويل الأمد ضروري أيضا.
خسارة فادحة
وبرغم إشارته إلى الإحساس العميق بالخسارة وعدم التصديق، إلا أن الأمين العام قال إن “لبنان صامد ويتمتع بروح وإرادة هائلتين،” مؤكدا أن “لبنان ليس وحده.”
وأشار إلى أن المنظمة الدولية ستواصل دعمها لبيروت ولشعب لبنان “بكل وسيلة ممكنة” متعهدا بأن الأمم المتحدة ستقف صفا واحد للمساعدة في “تخفيف المعاناة الفورية ودعم تعافي جهود التعافي في لبنان.”
استجابة ذات ثلاثة مراحل
من جانبه، قال منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك، الذي ترأس الاجتماع، إن الاستجابة الإنسانية “السريعة والواسعة النطاق” بدأت أولى مراحلها الثلاث.
وقال إن المرحلة الثانية وهي التعافي وإعادة الإعمار، “ستكلف مليارات الدولارات وتتطلب مزيجا من التمويل العام والخاص،” في حين أن المرحلة الثالثة ستكون للاستجابة للأزمة الاجتماعية والاقتصادية الموجودة سلفا في لبنان، والتي تفاقمت بسبب الأزمة الصحية العالمية.
وحذر المسؤول الأممي من أن “انفجار الثلاثاء سيكون له تداعيات تتجاوز بكثير ما نراه أمامنا الآن،” وحث المانحين على “العمل معا من أجل الاستجابة الجماعية لاحتياجات الشعب اللبناني.
الوقوف كتفا بكتف
في غضون ذلك، أكد رئيس الجمعية العامة، تيجاني محمد باندي، أن الأثر المدمر لتفجير الأسبوع الماضي يحتم على المجتمع الدولي الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني.
وشدد على أن احتياجاتهم هائلة وعظيمة، مشيرا إلى الحاجة إلى نهج متعدد الأطراف، وبناء توافق في الآراء، وتوفير” المساعدة والدعم اللازمين لمنع حدوث أزمات بهذا الحجم في المستقبل “.
وأضاف: “لقد أظهر لنا شعب لبنان روح الفخر الحقيقية ببلدهم. يتعين علينا أن نتحد ونتأكد من أنهم لن يضطروا إلى تحمل هذا العبء وحدهم”.
“قلب مليء بالحزن”
أما المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، فقد تحدثت بحماس عن الشعب اللبناني، قائلة:
“إنني أخاطبكم اليوم بقلب ملئ بالحزن، من بلد صغير في الشرق الأوسط … عانى كثيرا ولكن مع ذلك لا يزال لديه الإرادة، على الرغم من كل الصعاب، من أجل البقاء والتقدم”.
ولخصت المسؤولة الأممية أحداث الرابع من أغسطس/آب عندما انفجر مستودع في مرفأ بيروت ودمر المدينة ودفع الناس “إلى حافة الهاوية”.
وبحسب ما ورد، فقد توفي أكثر من 200 شخص، وأصيب حوالي 6 آلاف بجروح بسبب الانفجار. وقد رسمت السيدة رشدي صورة “مروعة للدمار والخوف والأسى” والدمار الواسع الذي أثر على قلب المدينة الاقتصادي، ودمر مساحات واسعة من الأحياء التجارية والسكنية.
في هذا “السياق الصعب،” أشادت بعمل الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي شاركت في الاستجابة منذ اللحظة الأولى، “مما يدل على شعور رائع بالخدمة والتفاني لإنقاذ الأرواح”.
وتحدثت السيدة رشدي بالتفصيل عن جهود الاستجابة، حتى الآن، وأكدت مجددا أن الأمم المتحدة وشركاءها “موجودون هنا للبقاء والعمل. نحن مدينون لشعب لبنان”.
ضرورة توفير الخبز
وفي حديثه من بيروت، أكد المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيزلي أن الضرر كبير جدا.
وأوضح أن 85 في المائة من أغذية البلاد يتم استيرادها وهي تأتي عبر ميناء بيروت، مؤكدا على الحاجة الملحة إلى سرعة تشغيل الميناء، معربا عن اعتقاده بإمكانية تشغيله مؤقتا في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
وأوضح أنه في غضون أسبوعين، سيكون لدى برنامج الأغذية العالمي 17.5 ألف طن متري من دقيق القمح لتوفير الخبز للمواطنين لمدة 20 يوما تقريبا. يتلو ذلك جلب إمداد يكفي لمدة 30 يوما بحوالي 30 ألف طن متري؛ ثم جلب 100 ألف طن متري أخرى خلال الـ 60 يوما اللاحقة.