إجرام دول التحالف.. ينتزع براءة أطفال اليمن
الاسرة / جبران سهيل
للعام السادس واليمن يتعرض لعدوان عبثي لا مبرر لاستمراره، لكن هكذا تريد أمريكا عبر أدواتها الإقليمية وعلى رأسها السعودية والإمارات وأدواتهما المتمثلين في أشخاص وجماعات لا هم لهم سوى كسب المال على حساب مأساة وطن بأكمله، كذلك لأمريكا مآرب أخرى مادية وسياسية لكسر إرادة أحرار اليمن، لكن دون جدوى.
إن أوضح عنوان وأبلغ معاناة لهذا العدوان هي أن أطفال اليمن يعيشون معاناة كبيرة، أطفال تركوا مقاعد الدراسة وانضموا إلى طوابير طويلة للبحث عن الماء، وطوابير أخرى للبحث عن المساعدات الغذائية التي لا يصل إليهم منها إلا الفتات وفتات الفتات.
أطفال اليمن والوضع المأساوي الذي بلغ فيه الألم ذروته؛ بسبب العدوان والحصار اللا أخلاقي الذي أنهك واقع الطفولة في اليمن، وأصاب بسمتهم بمقتل، وحول أجسادهم الغضة الطرية إلى هياكل عظمية، ووجوه بائسة وملامح تلخص حجم الوجع والقهر والظلم الذي طالهم.
وإذ يحكي هذا الواقع جانباً من المعاناة والأزمات الإنسانية التي لحقت باليمنيين شرائح وفئات مختلفة جراء ما فُرضت عليهم من حرب عبثية بقيادة جارة السوء السعودية.
واقع أطفال اليمن وما يُرتكب بحقهم من جرائم وانتهاكات لا ينطبق عليه سوى توصيف “الإجرام المنسي”؛ لأن فئة الأطفال تعد أشد الفئات تأثراً بالعدوان والحصار، ومنهم آلاف الضحايا الذين فارقوا الحياة نتيجة الحصار الذي قتل الأطفال جوعاً أو مرضاً.
– سلوى إبراهيم عضابي –فتاة تبلغ من العمر (5 أعوام) تعاني من سوء تغذية حاد، وزنها خمسة كيلوجرامات فقط، وهي من أسرة نازحة وفقيرة، تسكن حالياً في قرية العساكرة بني العضابي –مديرية عبس- محافظة حجة، هي والكثير من أمثالها يعيشون في فصول معاناة لا نهاية لها، ولا زال ضمير المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة غائباً حتى الآن.
أطفال كثر منهم ودعوا الحياة وهم لا يعرفون لماذا وهم في عمر الزهور؟، وما ذنبهم؟، وكم سيلتحق بهم من أمثالهم؟، ممن يعانون وطأة الحصار الجائر المفروض على اليمن دون أدنى مبرر؟.
الأرقام وحدها تكشف حجم الكارثة الإنسانية بحق الطفولة في اليمن، وتبقى مجرد أرقام معلنة دون أدنى حلول، ومنها أحدث أرقام اليونيسف التي أشارت إلى أن هناك ما يقدر بنحو (1.8) مليون طفل يعانون من سوء التغذية في اليمن، ويعاني ما يقارب من (400) ألف طفل من سوء التغذية الحاد والذي يهدد حياتهم.
سفن المشتقات النفطية والغذاء والدواء لا تزال محتجزة منذ أشهر بصورة تعسفية ودون خوف أو خجل من عاقبة ذلك خاصة على المرضى، مطار صنعاء يُفرض عليه حظر منذ أكثر من خمسة أعوام دون وجه حق مما قلل من دخول الأغذية والأدوية اللازمة، وعدم قدرة المرضى على مغادرة البلد للعلاج كان هذا سبباً رئيسياً في مأساة يعيشها الشعب ولا أحد يكترث لأمره من قبل المجتمع الدولي، ولذلك فإن إطلاق سفن المشتقات أولوية وضرورة يتحتم على العدو القيام بها، وإلا فإنه سيدفع الثمن باهظاً؟
حين يصنف حقوقيون الجرائم التي أرتكبت بحق الأطفال في اليمن بأنها تأتي ضمن الجرائم الثلاث التي حددها نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية، فمعظم الجرائم ضد فئة الأطفال هي جرائم حرب، ولكون جرائم الحرب تُمارس بشكل ممنهج فهي جرائم ضد الإنسانية، ما يعني أن السعودية وأمريكا شيطان العالم ومصدر إرهابه، وبتحالفهما مارستا بحق أطفال اليمن جميعاً بلا استثناء أكبر مذبحة في العصر الحديث بضوء أخضر ومباركة ورعاية دولية كاملة.
الطفلة النازحة –سلوى إبراهيم- باع والدها كل ما يملك لعلاجها حتى أصبح عاجزاً لا يمتلك شيئاً، وهي الآن مهددة بالموت وبحاجة لنقلها إلى صنعاء لتلقي العلاج في ظل أزمة خانقة يعيشها اليمن بسبب احتجاز العدوان لسفن المشتقات النفطية بتواطؤ أممي ما ينذر بكارثة إنسانية خاصة في حال توقفت المستشفيات عن العمل نتيجة انقطاع الكهرباء التي ستجعل الآلاف يموتون داخل غرف العناية المركزة والحضانات والأقسام الأخرى.
في مرة سابقة استطاع والد الطفلة (سلوى) نقلها إلى صنعاء لكنه لم يصمد سوى ستة أيام بسبب ظروفه المعيشية الصعبة منها ثلاثة أيام بلا فلوس، ولم يملك قيمة المواصلات أو العلاج أو حتى قيمة وجبة واحدة برفقة زوجته.
تبكي الطفلة من شدة الجوع لا يوجد لدى أسرتها أدنى شيء في ظل الحصار الخانق، وتقليص المنظمات حجم المساعدات، وارتفاع الأسعار بسبب أزمة المشتقات النفطية، والكثيرون لا تصل إليهم تلك المساعدات في ظل فساد وعبث القائمين على المنظمات بالمحافظة.
الصمت الدولي إزاء ما يحدث لأطفال اليمن من انتهاكات سيدون في ذاكرة أحرار العالم بأنه كان مخزياً ومعيباً، إذ تغيب المصداقية والإجراءات الواقعية في تقارير المنظمات الدولية المعنية عن كشف هذا الواقع بدقة وتقديم الدعم الذي يستحقه هذا الوضع المأساوي، أو القيام بالدور المطلوب إزاء حجم وطبيعة المعاناة، العالم أجمع يضع يديه على أذنيه، وللعام السادس على التوالي لا يسمع أنين أطفال اليمن وآلامهم وصراخهم المستمر، ولا يلتفت لمعاناتهم وبراءتهم التي سلبها العدوان السعودي الأمريكي وأدواته.. لن ينقذ الآلاف من أطفال اليمن من معاناتهم، والملايين من سكانه المحاصرين من أوجاعهم سوى الله وحده ولا سواه لهذه الأرواح المنسية في عالم مادي مليء بالزيف والخداع.
العدوان مستمر.. إذاً للقصة بقية..