اللعب في الوقت الضائع
ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن البريطاني مارفيني جريفيث يعرض مبادرة جديدة تتضمن وقف إطلاق النار في كل الجبهات وإدخال المشتقات النفطية والمواد الغذائية والطبية وفتح مطار صنعاء وهذا كله حسب التسريبات.. وهذه المبادرة تفتح جملة من الاسئلة اهمها مع من سيتم الاتفاق على إطلاق النار والرفع الجزئي للحصار؟ ومقابل ماذا؟ ولماذا؟ تأتي هذه المبادرة في هذا التوقيت؟ والإجابات على هذه الأسئلة تصب في اتجاه ان ليس هناك مبادرة جدية وهو استنتاج صحيح تؤكده تجربة ثلاث سنوات مع هذا المبعوث الانجليزي للأمم المتحدة.
لن نتحدث عن مضامين إحاطات جريفيث لمجلس الأمن ولا سكوته عما يرتكبه العدوان من مجازر بطيرانه والتي تعد جرائم ضد الإنسانية ولا تركيز جهوده من أجل الحيلولة دون تحرير أبطال الجيش واللجان الشعبية لمحافظة مارب من الغزاة والمحتلين مع أن هذا يكشف بوضوح طبيعة المهمة التي يقوم بها وتجعل الامم المتحدة ليس فقط متواطئة مع العدوان على اليمن وشعبه بل شريكاً في تنفيذ مشاريع مخططاته التقسيمية والتمزيقية.
مبادرة جريفيث الجديدة مفاجئة بما تحمله من حل يقترب من الشمولية التي لطالما تهرب منها جريفيث طوال سنوات تعيينه مبعوثاً أممياً في اليمن إذ لا يعقل أن تكون هذه المبادرة جادة واتفاق استوكهولم الذي مضى عليه أكثر من عام ليس فقط لم يطبق من تحالف العدوان وادواته, بل وجب التعامل معه سيما فيما يخص الحديدة كأنه لم يكن فالخروقات اليومية التي يقوم بها تحالف العدوان وادواته تجاوزت عشرات الآلاف منذ توقيع الاتفاق وحتى اليوم وضحايا تلك الخروقات بالمئات ويبقى حصار مدينة الدريهمي تجسيداً آخر لدور الأمم المتحدة الإجرامي التي لم تحاول المساعدة في إدخال المواد الغذائية إليها ناهيك عن وقف الاستهداف اليومي لأبنائها المحاصرين من قبل مرتزقة العدوان.
ولم يتوقف التعاطي من قبل تحالف العدوان والأمم المتحدة عند هذا الحد وتجاوزه إلى القصف الجوي لأبناء هذه المحافظة وهم في مساكنهم ومزارعهم كما استهدفت المنشآت العامة والخاصة والمستشفيات والمزارع ومشاريع المياه والصيادين وآخرها الغارات التي استهدفت زوارق الصيادين والهنجر التابع لشركة ملح الصليف الأسبوع الماضي.
كل هذا والأمم المتحدة تتعامل بحكمة القرود الثلاثة (لا أسمع – لا أرى – لا أتكلم) فعن أي مبادرة يتحدث المبعوث الاممي في ظل هذا كله وإذا كان لم يطبق اتفاقا جزئيا فكيف نصدق اتفاقاً أوسع, إضافة إلى هذا كله لم يبرز من هذه المنظمة الدولية موقف تجاه حجز سفن المشتقات النفطية من قبل تحالف العدوان ومنعها من دخول ميناء الحديدة رغم حصولها على تراخيص بعد تفتيشها في جيبوتي رغم أن اتفاق استكهولم ينص على نقل آلية التفتيش من جيبوتي إلى الحديدة ..
خلاصة القول إن هذه الحرب العدوانية الإجرامية القذرة والشاملة على وطننا وشعبنا حرب أمريكية بريطانية صهيونية وما الإمارات والسعودية إلا أدوات إقليمية وعلى هذا يجب على التحالف والأمم المتحدة إن كانوا جادين في الذهاب إلى حل سياسي يحقق السلام يجب أولاً وقف العدوان ورفع الحصار وأي مبادرات خارج هذا السياق مضيعة للوقت غايتها مضاعفة معاناة الشعب اليمني الكارثية.. لهذا فمبادرة جريفيث مضيعة للوقت فبعد الآن لا يمكن القبول باستمرار عبثية الأمم المتحدة وممثلها في اليمن إنه اللعب في الوقت الضائع يا مستر جريفيث؟!