صحيفة لندنية: السعودية كلفت سفيرها في عدن بمهمة البسط على ثروة اليمن النفطية والغازية
كشفت صحيفة “العربي الجديد” التي تصدر من لندن، عن تعرض حكومة الفار هادي المتواجدة في الرياض لضغوطات كبيرة يقودها السفير السعودي في عدن، محمد آل جابر، لتوقيع مسودة اتفاقيات بين الطرفين تحت إطار ما يسمى بالبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن الذي يرأسه آل جابر، والجلوس مع المجلس الانتقالي لمناقشة تنفيذ اتفاق الرياض بصيغته المعدلة التي ترفضها حكومة الفار هادي حتى الآن.
وقالت الصحيفة في تقرير نشرته يوم أمس الجمعة، إن السعودية وشريكتها في تحالف العدوان الإمارات، تتجه إلى البسط على عدد من المواقع الاقتصادية اليمنية النفطية والغازية والنقل، والإشراف على بعض المناطق والمحافظات الاستراتيجية في إطار اتفاقيات يُجرى توقيعها مع الحكومة اليمنية.
وأضافت: “وبعد الاستيلاء على سقطرى يرى مراقبون أن الدور القادم سيكون على ثروات مثل النفط، ومواقع أخرى استراتيجية مهمة مثل المهرة”.
وأشارت الصحيفة إلى ما كشفته وثيقة مسربة صادرة عن وزارة في حكومة الفار هادي، عن بنود اتفاقية مزمع توقيعها بين الحكومة اليمنية والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، يتم بموجبها استحواذ البرنامج عن طريق شركة “أرامكو” الوطنية السعودية على قطاعات ما يعرف بـ”المثلث الأسود” النفطية في المناطق الشرقية من اليمن الواقعة على امتداد ثلاث محافظات، مأرب والجوف وشبوة، لمدة 40 عاماً.
ورغم نفي حكومة الفار هادي هذه المعلومات والاتفاقية التي وصفتها بالمزورة، إلا أن مصادر مطلعة أكدت لـ”العربي الجديد” أن حكومة تتعرض لضغوطات سعودية شديدة تتعلق بالمعارك الدائرة في أبين مع حلفاء الإمارات الانتقالي الجنوبي، بهدف الرضوخ والتجاوب مع المشاريع التي يتبناها ما يسمى بالبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.
وقالت المصادر إن السعودية ترفض تجديد الوديعة الدولارية في البنك المركزي اليمني، وتشترط لتجديدها رضوخ حكومة هادي الجلوس مع الانتقالي الانفصالي الجنوبي لمناقشة تنفيذ اتفاق الرياض وفق الصيغة السعودية المعدلة والمعطيات الجديدة على الأرض، بعد طرد رئيس حكومة الفار هادي من عدن وسيطرة الانتقالي عليها بمساندة قوات إماراتية وضوء أخضر سعودي، وبعد سيطرته أيضاً جزيرة سقطرى.
وتابعت المصادر: “يضاف إلى ذلك التفاهم حول بعض الاتفاقيات مثل اتفاقية استغلال وإدارة حقول المناطق الشرقية اليمنية النفطية، ومنحها امتيازات حق التنقيب والاستكشاف في قطاع 18 النفطي والغازي في مأرب والجوف، والقطاع رقم 4 في شبوة”.
وكانت “العربي الجديد” قد كشفت في شهر أبريل الماضي، عن توجه حكومة هادي إلى بيع أكبر الحقول النفطية اليمنية المتمثل بقطاع 18 التابع لشركة صافر الحكومية في المناطق الشرقية من اليمن، في ظل ظروف صعبة يمر بها اليمن بسبب الصراع الدائر في البلاد، إلى جانب الانشغال الدولي والمحلي بالتصدي لفيروس كورونا وتنفيذ إجراءات احترازية واسعة لمكافحته.
ونقلت الصحيفة عن مصادر خاصة قولها إن أطرافاً في حكومة الفار هادي، لم تسمِّها، تقوم بالضغط لاستكمال المفاوضات التي جرت مؤخراً في العاصمة الأردنية عمّان مع الشركات النفطية الدولية التي لم تسمها في حينها لإنهاء عملية البيع لأكبر حقول النفط اليمنية.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤول في وزارة المالية بحكومة الفارهادي قوله، إن اليمن يمر بمأزق مالي كبير بعد نفاد الدولار من البنك المركزي، وتتعرض البلاد لمضاعفات صعبة بسبب تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، والذي نتج عنه الاستيلاء على موارد الضرائب والجمارك وأموال حكومية كانت مخصصة لصرف رواتب الموظفين المدنيين لشهر مايو الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا المأزق قد يدفع حكومة الفار هادي للرضوخ للضغوطات السعودية التي يديرها السفير السعودي والمشرف على الملف الاقتصادي اليمني في التحالف، وذلك لتوقيع الاتفاقية النفطية واتفاقية أخرى يُجرى الإعداد لها تتعلق بمد أنبوب للصادرات النفطية السعودية عبر محافظة المهرة المحاذية لسلطنة عُمان إلى البحر العربي.
ويقدر المخزون النفطي في اليمن بنحو 11.950 مليار برميل، منها 4.788 مليار برميل نفط قابل للاستخراج بالطرق الأولية والحالية. ويصل إجمالي النفط المنتج حتى ديسمبر 2018، وهو إنتاج تراكمي لجميع القطاعات منذ 2015، إلى حوالي 2.9 مليار برميل، بينما يصل إجمالي المخزون الغازي إلى نحو 18.283 تريليون قدم مكعبة.
وقالت الصحيفة أن من المفارقات في ظل احتدام الصراع على نفط البلاد، أن يواجه اليمنيون أزمات وقود خانقة ومتكررة، إذ تمتد طوابير طويلة من السيارات متكدسة أمام المحطات التي اضطر بعضها إلى الإغلاق لنفاد الكمية المتوفرة لديها من البنزين.
ولا تزال أزمات الوقود الخانقة التي شهدها اليمن، العام الماضي، مثل التي حدثت في سبتمبر الفائت، التي تعتبر الأكثر حدةً وتأثيراً، عالقة في أذهان اليمنيين الذين يعيشون على وقع أزمات معيشية متتالية منذ ما يزيد على خمس سنوات، وسط ترد كبير في الخدمات العامة وتوقف الرواتب وانعدام الدخل ومحدودية توفر الأعمال، التي تسبب بها تحالف العدوان.