في ظل تفشي كورونا:احتجاز سفن المشتقات النفطية من قبل التحالف أكبر جريمة للإبادة الجماعية
في ظل تفاقم الوضع الإنساني بسبب العدوان والحصار وفي إطار المخاطر المتزايدة من تفشي وباء كورونا والذي بات يهدد حياة الملايين من اليمنيين يواصل تحالف العدوان السعودي الأمريكي حربه الاقتصادية على اليمن من خلال تضييق الخناق وتشديد الحصار واحتجاز سفن المشتقات النفطية ومنع دخول المواد الأساسية من غذاء ودواء وغير ذلك من متطلبات الحياة الرئيسية.
ويرى خبراء اقتصاد ومحللون سياسيون بأن تمادي العدوان في اجراءاته التعسفية بحق سفن النفط والغاز تحديدا تأتي من منطلق أن العدوان بات ينظر إلى الورقة الإنسانية باعتبارها آخر الأوراق لتركيع الشعب اليمني بعد أن فشل عسكريا وسياسيا وأمنيا وأخلاقيا طوال الخمسة الأعوام الماضية من العدوان والحصار الشامل.
ويؤكد المحللون أن افتعال الأزمات ومحاولة إثارة السخط في أوساط الناس من خلال مضاعفة معاناتهم بات أهم الأوراق التي يراهن عليها العدوان السعودي الأمريكي لتركيع الشعب اليمني بعد أن عمل لأكثر من خمس سنوات على استهداف البنية التحتية الاقتصادية وفرض الحصار الشامل مرورا باستهداف البنك المركزي وضرب قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار والأجنبي ورفع أسعار السلع وقيمة الخدمات المعيشية للمواطنين وصولاً إلى استهداف المرافق الاقتصادية والإنتاجية ومنشآت البنية الزراعية والمزارع وكل معالم الحياة بهدف تعطيل الحياة والوصول بالاقتصاد الوطني إلى الانهيار التام وبالتالي تأزيم الوضع الإنساني وتضييق الخناق على معيشة المواطنين ودفعهم إلى الخروج في ثورة غضب عارمة تنسف ما تبقى من مؤسسات الدولة حتى يتسنى للعدو الاختراق وتحقيق أهدافه الخبيثة.
الثورة / إبراهيم الاشموري
وباء كورونا واحتجاز النفط
على الرغم من تشدق دول العدوان طويلا عن دعمه لجهود اليمن في مواجهة جائحة كورونا الوبائية تأتي عملية احتجاز السفن المحملة بالنفط والغاز قبالة سواحل الحديدة لتكشف مجددا زيف وأكاذيب تحالف العدوان.
وتصر دول تحالف العدوان على منع سفن المشتقات النفطية من الدخول إلى ميناء الحديدة على الرغم من التحذيرات المتصاعدة من تأثير غياب هذه المواد الأساسية والحيوية في جهود مكافحة فيروس كورونا، إذ وجدت المستفيات ومختلف المرافق أنفسها مضطرة على اغلاقا بوابها في وجوه مئات الآلاف من المواطنين بسبب انعدام مشتقات النفط، كما ألقى انعدام هذه المواد بآثاره السلبية على كافة مناحي الحياة، وها هي دول العدوان تواصل إجراءاتها التعسفية بحق سفن النفط والبضائع متجاهلة الآثار الكارثية الناجمة عن هذه الممارسات اللاإنسانية والتي اعتبرها سياسيون ومحللون سياسيون بمثابة حرب الإبادة الجماعية وجريمة العقاب الجماعي ضد شعب بأكمله.
وتتضاعف معاناة الشعب اليمني جراء احتجاز السفن المحملة بالوقود رغم حصولها على تصاريح من الأمم المتحدة، الأمر الذي ألقى بظلاله على مختلف القطاعات المرتبطة بحياة ومعيشة المواطنين اليومية ومنها القطاع الصحي.
وفي الوقت الذي تتضافر فيه الجهود لمواجهة فيروس كورونا الذي اجتاح دول العالم، وما أحدثه من خسائر في الأرواح والممتلكات، يمعن تحالف العدوان في حصاره ومنع دخول سفن النفط في ظل تزايد احتياج القطاع الصحي باليمن للوقود، فضلاً عن الأدوية والمستلزمات الطبية لمواجهة الوباء، ما ينذر بوقوع كارثة إنسانية.
حرب ممنهجة
الحرب الاقتصادية التي تنفذها دول العدوان ضد اليمن منذ أكثر من خمس سنوات ماهي إلا حرب ممنهجة ومتعمدة بهدف مضاعفة المعاناة الانسانية للشعب اليمني وتحقيق ما أمكن من المكاسب السياسية من خلال هذه الأوضاع الإنسانية المتردية
وما يؤسف له حقا أن هذه الممارسات التي تعد انتهاكا صارخا لكل المواثيق والاتفاقيات الدولية والإنسانية والشرائع السماوية تجري على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي الذي لايزال يلتزم الصمت في أحسن الأحوال إزاء هذه الجرائم والانتهاكات، والتي بلغت ذروتها خلال الفترة الأخيرة على الرغم من تفشي وباء كورونا ووصول المعاناة الإنسانية إلى مستويات متردية هي الأسوأ عالميا بحسب الأمم المتحدة .
ممارسات لا تتوقف
الحديث عن جرائم العدوان وأدواته من المرتزقة وحربهم الاقتصادية والمتمثلة في احتجاز سفن مشتقات النفط والسلع الأساسية وما يترتب عن ذلك من آثار إنسانية واسعة النطاق وقطع مرتبات الموظفين والعمل الممنهج لتدهور العملة الوطنية وغير ذلك يكشف الوجه القبيح للعدوان وأهدافه من عدوانه على اليمن وهذه الجرائم والانتهاكات الخطيرة ماهي إلا غيض من فيض الحقد الدفين الذي يكنه الأعداء على الشعب اليمني، إذ أنها كانت متزامنة مع العدوان منذ اليوم الأول وقد تم إعداد أجندات ووسائل هذه الحرب الاقتصادية بشكل ممنهج وتم إعدادها ودراستها كما يقول خبراء اقتصاديون في غرف عمليات ومراكز بحث اقتصادية في واشنطن وتل أبيب وكل ذلك بهدف تركيع الشعب واخضاعه وكسر إرادته وبالتالي تحقيق ما عجز عن تحقيقه عسكريا وسياسيا.
وبالتوازي مع الأعمال العسكرية على الأرض لجأت قوى العدوان وبإيعاز أمريكي إلى تشديد الحصار على البلد برا وبحرا وجوا فيما تكفلت طائراتهم بضرب الموانئ والمطارات والبنى التحتية والاقتصادية على نطاق واسع وشامل ناهيك عن احتجاز وتأخير سفن المشتقات والبضائع الأساسية بشكل تعسفي ومتعمد وفرض غرامات ورسوم مضاعفة عليها وكل ذلك كان له الأثر الكبير في زيادة معاناة المواطنين وتردي الوضع الإنساني .
تصعيد شامل
ومع إطالة أمد الحرب صعد العدوان من حربه الاقتصادية وتمثلت أولى خطوات التصعيد بنقل البنك المركزي إلى عدن وما رافق ذلك من ارتفاع مستوى الحياة المعيشية على كل فئات ومكونات المجتمع اليمني إذ أن هذا الانهيار وحسب اعتقادهم سيدفع الغالبية العظمى التي تقف ضد العدوان إلى تغيير موقفها والتحول إلى الطرف الآخر والقبول بالشروط والإملاءات وهو ما جاء على لسان قيادات العدوان ومنظريه على النقيض من شعاراتهم الفضفاضة وعناوينهم الإنسانية التي يتشدقون بها على مدى الخمس السنوات الماضية من العدوان.
وفي أقذر عملية عقاب جماعي يتعرض له اليمن في تاريخه تمادى العدوان مؤخرا في إجراءاته التعسفية ضد سفن المشتقات النفطية والغازية ومنع دخول الأغذية والأدوية في هذا الظرف العصيب مع تفشي جائحة كورونا الوبائية ما يجعل المجتمع اليوم أمام مسؤولية إنسانية وأخلاقية غير مسبوقة، فهل سيساهم في وقف هذه الانتهاكات الصارخة لقيم الإنسانية والحياة البشرية، أم أن الصمت المريب سيتواصل كما كان شأنه طوال الخمس السنوات الماضية حتى يفنى شعب بأكمله.