تحليل مياه الصرف الصحي للكشف الجماعي عن فيروس كورونا

في غضون أسابيع من تصدره المشهد العالمي، تمكن فيروس كورونا المستجد من تطويق العالم بالمرض والوفيات والشلل الاقتصادي، فضلا عن أن التحاليل المتعلقة به باتت تشكل تحديا عالميا كبيرا للسلطات الصحية والمجتمع الطبي.

مياه الصرف الصحي

في إطار السباق الدولي لمواجهة فيروس كورونا، أعلنت جامعة ولاية أريزونا عن تطوير نهج جديد لرصد الفيروس التاجي الجديد. تعرف الطريقة باسم “علم الأوبئة القائم على مياه الصرف الصحي (wastewater-based epidemiology).

ويعتمد هذا النهج على استخراج عينات مياه الصرف الصحي وتحليلها للبحث عن أدلة حيوية حول صحة الإنسان، وبهذا يمكن أن تحدد مستويات الإصابة بالفيروس التاجي على المستوى المحلي والعالمي.

نشرت نتائج الدراسة في دورية “ساينس توتال إينفايرومنت” (Science of the Total Environment) بتاريخ 22 أبريل/نيسان الجاري.

استعرض الباحثون فيها المؤشرات اللازمة للكشف عن فيروس كوفيد-19 في مياه الصرف الصحي، وسلطوا الضوء على المزايا الاقتصادية للنهج الجديد المتبع من حيث توفير الوقت والمال، كما أنه أكثر قابلية للإدارة مقارنة باختبار الأمراض التقليدي والمراقبة الوبائية.

وقد أجرى الفريق اختبارا لعينات من المياه العادمة في منطقة تيمبي بولاية أريزونا، ووجدوا أن تطبيق هذا النهج في الولايات المتحدة سيساهم في فحص 70% من السكان تقريبا، وذلك من خلال مراقبة محطات معالجة مياه الصرف الصحي في البلاد، والتي يبلغ عددها في المجمل 15,014 محطة، وبتكلفة تقديرية تبلغ 225 ألف دولار أميركي للكاشفات الكيميائية.

تتبع الخطر المميت

تتميز تقنية “علم الأوبئة القائم على مياه الصرف الصحي” بحساسية عالية، مع إمكانية الكشف عن إصابة فرد واحد ضمن تجمع أفراد يتراوح بين مئة شخص إلى مليونين اثنين.

ولتحقيق ذلك، يتم فحص عينات مياه الصرف الصحي بحثا عن وجود الحمض النووي الخاص بفيروس كورونا.

ويتم نسخ الحمض النووي الريبوزي (RNA) للفيروس التاجي إلى الحمض النووي المتمم (CDNA) بواسطة إنزيم النسخ العكسي، ثم يتم تضخيم الحمض النووي الناتج لتعزيز فرصة الكشف عن وجود الفيروس.

وبهذا يمكن مراقبة مجتمع بأكمله في آن واحد، مع مراعاة أن تؤخذ العينات من مناطق قريبة من بؤر انتشار الوباء، ومراعاة درجة حرارة مياه الصرف.

أضف إلى ذلك ضرورة إجراء معايرة دقيقة لضمان دقة البيانات التي تكون حساسة للغاية للمتغيرات الرئيسية، بما في ذلك درجة الحرارة الموسمية ومتوسط ​​وقت بقاء مياه الصرف الصحي في المجاري، ومعدلات التحلل للعلامات الحيوية، والديمغرافيا المجتمعية (علم السكان)، ومعدل استخدام المياه لكل شخص.

مزايا الفحص الجديد

تشير بيانات من أوروبا وأميركا الشمالية إلى أن كل شخص مصاب بكورونا سيطرح الملايين -إن لم يكن المليارات- من الجينوم الفيروسي إلى مياه الصرف الصحي يوميا، وهذا يقاس بما يقارب 0.15 إلى 141.5 مليون جينوم فيروسي للتر الواحد من المياه العادمة الناتجة.

بالإضافة إلى الحد من انتقال العدوى والوفيات الناتجة عن الإصابة بكورونا، توفر نتائج فحص مياه الصرف الصحي فوائد مجتمعية مهمة أخرى، أهمها إمكانية تحديد البؤر النشطة لانتشار الفيروس، مما يمكننا من توجيه الموارد بشكل أفضل لحماية سكان تلك المناطق بفرض تدابير التباعد الاجتماعي.

وذلك بالتوازي مع تخفيف قيود حظر التجول في المناطق الخالية من الفيروسات، مما سيؤدي إلى التخفيف من الاضطراب الاقتصادي والاجتماعي.

وقد أنشأ فريق الباحثين مشروع “ون ووتر ون هيلث” (OneWaterOneHealth)، وهو مشروع غير ربحي تابع لجامعة ولاية أريزونا، يقوم بإجراء اختبار كوفيد-19 للذين لا يستطيعون تحمّل تكاليفه في الفترة الراهنة.

مقال من الجزیرة

قد يعجبك ايضا