ميدل إيست آي: فيروس كورونا.. العالم تتنازعه الحرية والاستبداد
Share
حذر موقع ميدل إيست آي الإخباري البريطاني من أن البشرية تواجه خطرا أعظم من جائحة كورونا الفتاكة (كوفيد-19)، ألا وهو “فيروس الاستبداد”.
ونبّه المقال الذي كتبه الشاعر المصري عبد الرحمن يوسف، إلى أن الصين التي انطلق منها فيروس كورونا، نجحت في دحر الجائحة عبر استخدام وسائل متنوعة، من بينها أجهزتها الأمنية التي ترصد عيونها كل صغيرة وكبيرة.
لكن يوسف يرى في نجاح الصين تهديدا لدعاة الحرية في العالم الذين ينتابهم خوف عميق من القادم، مما يدفعهم للتكاتف من أجل حماية كوكب الأرض من مرض أخطر كثيرا من كوفيد-19 المستجد، وهو “فيروس الاستبداد”.
وتسعى الصين -بحسب المقال- إلى تقديم نفسها كنموذج ناجح في التعامل مع أزمة كورونا، حتى في ظل الشكوك التي أُثيرت حول دقة البيانات التي تعلنها بكين عن عدد الإصابات والوفيات جراء العدوى.
ناقوس الخطر
ليس ذلك فحسب، بل إن الطبيب “الشجاع” -كما يصفه يوسف- الذي كان أول من دق ناقوس الخطر بتفشي فيروس كورونا، تعرّض لتوبيخ السلطات الصينية.
ولو أن هذه الجائحة انطلقت من دولة ديمقراطية، لأمكن على الأرجح اكتشافها مبكرا بدلا من الانتظار أسابيع أو شهورا بينما تتفاقم الكارثة قبل أن تنتشر في العالم برمته، على حد تعبير كاتب المقال.
ومع أن البعض يعتقد أن الاستبداد كان مفتاح نجاح الصين في احتواء الوباء، فإن هذا الرأي -بحسب الكاتب- لا يعدو أن يكون في حقيقة الأمر افتراضا لا يستند إلى دليل، ويصر الكاتب على أن يعزو السبب الحقيقي في تفشي الفيروس إلى الاستبداد.
بيد أن يوسف يستدرك قائلا إن هناك رغبة جامحة لدى النخب الحاكمة والسياسيين في معظم الدول -حتى الديمقراطية منها- في استغلال الجائحة كذريعة لمراقبة مواطنيها والتحكم أكثر في أنشطتهم، بحجة حماية الصحة العامة.
جبهة موحدة
وهناك دعوات لرصد كل صغيرة وكبيرة ولمعاملة البشر كآلات، وفقا لمقال ميدل إيست آي الذي حث من يسميهم “المحبين للحرية في أرجاء المعمورة” على إقامة جبهة موحدة ضد “عقلية الترصد التي تزداد وحشية بمرور الزمن، ولن يهدأ لها بال إلا بعد انجلاء هذه الجائحة”.
ولم يكن استفحال أزمة كورونا بسبب ضعف الإجراءات الأمنية المتبعة، بل نتيجة قلة الإنفاق على أنظمة الرعاية الصحية إلى جانب دور الاستبداد في ذلك.
ومن وجهة نظر الشاعر المصري، فإن الحل ليس في منح الأجهزة الأمنية مزيدا من الصلاحيات، إنما يكمن في إعادة توزيع المال العام، وتقليص الإنفاق على شراء الأسلحة وشنّ الحروب، وزيادة تمويل قطاع الرعاية الصحية والتعليم.
وينبغي منح سلطات أكثر للمجتمع الذي ستكون الأولوية عنده لرعاية أفراده وليس إشباع نهم السياسيين ورغباتهم التي لن تقود سوى لتعزيز تجارة السلاح وإذكاء صراعات تحصد الأرواح بلا داعٍ.
الرعاية الصحية
ويقترح كاتب المقال تمليك مؤسسات الرعاية الصحية للشعوب لا الدولة، مضيفا أن البشرية إذا لم تتمكن من بناء ذلك النمط من التضامن في مواجهة الاستبداد والطغيان، فسيشهد العالم على الأرجح كارثة أعظم من كوفيد-19.
ويستطرد قائلا إن هذه الجائحة -رغم هولها- فإنها لن تستطيع تغيير ميزان القوى في العالم دفعة واحدة، “فالقوى العظمى ستواصل الإصرار على تفوقها”. ومن ثم، ليس ثمة وسيلة لإعادة رسم حدود النفوذ إلا عبر حروب تنشر الموت وتتسبب في نزوح البشر.
ومن نافلة القول إن معظم ضحايا تلك التغييرات سيكونون من العالم العربي الذي ابتلي بحكام ظالمين، كما يزعم عبد الرحمن يوسف.
ويمضي الكاتب في تقديم نصائحه، فيقول إن على “الأحرار في العالم” التفكير فيما بعد فيروس كورونا حتى لا نصل إلى مرحلة تُقرَع فيها طبول الحرب مجددا، ويكون فيها أي حديث عن حقوق الشعوب انتهاكا للأمن القومي وتفتيتا للجبهة الداخلية.
ويختم يوسف مقاله بالتأكيد على أن الشعوب إذا لم تتحرك الآن، فإن الأنظمة الحاكمة التي تتجاهل مواطنيها غالبا ما ستفرض تدابير “استبدادية” لإسكات أصوات من يتحدثون باسم الشعوب.