لم يسجل التاريخ الحديث للانسانية ان واجهت كارثة عمت الكرة الارضية واطبقت على جميع شعوب العالم في وقت قصير، كما تواجه اليوم وباء فيروس كورونا، الذي حبس اكثر من خمسة مليارات من سكان الارض في البيوت، وعطل المصانع والمعامل والمدارس والجامعات، وتوقفت الحركة في الشوارع وتحولت مدن الارض الى مدن اشباح، وقتل كورونا اكثر من 100 الف انسان واصاب اكثر من مليون و200 الف شخص.
لم تُمتحن الحضارة الغربية امتحانا حقيقيا كما امتحنت الان على خلفية تفشي وباء وكورونا ، وللاسف الشديد سقط الغرب في هذا الامتحان، بعد ان نال كورونا من غرور الغرب الذي كان يعتقد انه اخذ بناصية العلم، بينما مازال ومنذ 6 شهور يرواح في مكانه ولم يتمكن من اكتشاف لقاح لفيروس كورونا رغم مزاعمه عن امتلاك اضخم المختبرات واكبر العلماء من اصحاب جوائز نوبل، حيث حدد اكثر علمائهم تفاؤلا نهاية هذا العام كأقرب موعد لاكتشاف لقاح لفيروس كورونا، اي بعد 9 اشهر من الان!!.
اذا ما مررنا مرور الكرام من السقوط العلمي للحضارة الغربية في امتحان كورونا، الا اننا سنتوقف قليلا امام السقوط الاخلاقي لهذه الحضارة، وهو سقوط اكثر دويا من السقوط العلمي، ففي الوقت ترفع الشعوب ايديها الى السماء تضرعا الى الله سبحانه وتعالى لرفع هذا البلاء، وفي الوقت الذي تدعو المنظمات الدولية حكومات العالم الى وقف الحروب والنزاعات بينها ورفع العقوبات عن الشعوب، بهدف تجنيد كل الامكانيات من اجل التصدي للوباء العالمي، نرى وللاسف الشديد بعض الحكومات الغربية تتصرف وكأن شيئا لم يكن.
في ذروة تفشي كورونا في امريكا التي تجاوز المصابون فيها اكثر من نصف مليون مصاب واكثر من 20 الف حالة وفاة، واعلان حالة “الكارثة الكبرى” في الولايات الامريكية الخمسين لاول مرة في تاريخها، وفي ظل ما يشبه الانهيار في النظام الصحي الامريكي الذى بدا عاجزا عن مواجهة الوباء، تعلن ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب عن تخصيص مكافآت بعشرات الملايين من الدولارات لكل من يدلي بمعلومات عن رجال المقاومة، الذي هزموا داعش والقاعدة والجماعات التكفيرية والمخططات الامريكية الصهيونية في اليمن والعراق!!.
الملفت ان هذه الملايين التي تخصصها امريكا لملاحقة ابطال محور المقاومة في المنطقة، كان الاجدر بترامب وبومبيو ومن لف لفهم، ان يخصصوها للكوادر الطبية الامريكية التي تفتقر حتى للملابس الطبية الخاصة، حيث تضطر هذه الكوادر لارتداء اكياس النفايات في المسشفيات، او لشراء الكمامات للولايات التي ظهر حكامها على شاشات التلفزيون وهم في حالة يرثى لها.
هذا السلوك الامريكي ليس شاذا، فهناك في الغرب من يتصرف اسوء من ترامب، فالاخير لا ينافق ويفعل كل ما يقوله دون اي تردد او خجل، فهذا رئيس وزراء كندا جاستين ترودو الذي احاط نفسه بهالة من النبالة والتظاهر بالتمسك بالقيم الاخلاقية والانسانية، بل وبرفضه، في الظاهرطبعا، لسياسة ترامب، الا انه في الباطن اسوء من ترامب ، ففي الوقت الذي وقفت فيه اغلب دول العالم ضد حرب اليمن وانتقدت امريكا والغرب لتزويدهم السعودية بالاسلحة ، وطالبت السعودية بوقف حربها العبثية ضد الشعب اليمني، وازدادت هذه المطالبات حدة بعد تفشي وباء كورونا في العالم واحتمال تفشيه في اليمن، يخرج علينا ترودو “النبيل” ليعلن في هذا الظرف الصعب عن تنفيذ عقد بقيمة 10 مليار دولار أبرمته كندا مع السعودية لبيعها اسلحة، كان قد تم تجميده عقب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول وكذلك على خلفية الحرب في اليمن.
ترى هل الظروف التي يمر بها العالم اليوم افضل من الظرف الذي كان يمر به عندما قتلت السعودية خاشقجي؟!، وهل حرب اليمن توقفت؟! الجواب على هذين السؤالين هو لا، اذا ما عدا مما بدا، لماذا اذا نفذت كندا العقد في هذا الوقت بالذات؟، انه الجشع والنفاق والسقوط الاخلاقي، الذي دفع كندا الى استغلال انشغال العالم بكورونا، لتنفيذ العقد والحصول على 10 مليارات دولار، حتى لو كان على حساب ارواح الملايين من الشعب اليمني، وعلى حساب القيم الاخلاقية والانسانية التي يدعي ترودو كذبا ونفاقا الدفاع عنها.