اليمن بين شبح كورونا ووضع صحي متهالك جراء الحرب والحصار

 يدرك العالم أن الكارثة الإنسانية التي تمر بها اليمن هي الأسوأ في العالم، جراء العدوان الأمريكي السعودي المستمر منذ خمسة أعوام، يضاف إلى ذلك وباء كورونا ، الخطر الذي هدد أقوى الدول العالمية، فكيف سيكون الواقع الصحي في اليمن في حال داهمة وباء كورونا لا سمح الله،  في ظل الوضع الصحي الكارثي جراء الحصار والعدوان على مدى خمسة أعوام.

 وبالرغم من خلو اليمن من وباء كورونا حتى الان، الا أن اكثر من نصف المنشآت الصحية المتواضعة اصلا  خرجت عن الخدمة، والنصف الآخر يعمل باقل من نصف طاقته وإمكانيه.

كما أن ملايين اليمنيين بحاجة إلى مراعاة وضعهم المأساوي، لا سيما الأطفال الذين يموتون من والأمراض المعدية بسبب شحة الامكانيات.

 

كورونا خطر جديد يهدد اليمن

 

وقد دقت وزارة الصحة ، ناقوس الخطر حول احتمالية انتشار فيروس كورونا المستجد في الاراضي اليمنية، محملة دول العدوان مسؤولية اي انتشار قد يحدث للفيروس داخل اليمن نتيجة الحصار والعدوان.

وزير الصحة في اليمن الدكتور طه المتوكل، حذر من كارثة إنسانية كبيرة في حال وصول وباء كورونا إلى اليمن، مؤكداً أن اليمن ما تزال خالية حتى اللحظة من هذا الوباء.

وقال المتوكل، في كلمة أمام مجلس النواب في صنعاء، امس الاثنين، “في حال لا قدر الله ووصل وباء كورونا إلى اليمن فإن الدولة لن تتمكن من مواجهته بالشكل المطلوب لأنه سيتجاوز قدراتها الاستشفائية والمالية”.

وتوقع وزير الصحة في صنعاء، أن معدل من يحتاج دخول المستشفيات في حال وصول كورونا إلى اليمن، سيكون فوق طاقة وزارة الصحة ، مشيرا إلى أن  عدد الأسرة في مستشفيات اليمن هو 1500 سرير فقط”.

و لفت إلى أنه لا يوجد لدى المنشآت الصحية في اليمن سوى 400 جهاز تنفس صناعي، فيما أغلب معامل الاكسجين متوقفة و تحتاج لصيانة.

وطالب من المنظمات الأممية والدولية بتوفير 1000 جهاز تنفس صناعي بصورة عاجلة وكحدٍ أدنى، بالإضافة إلى “ضرورة تحمل منظمات الصحة العالمية والصليب الأحمر واليونيسف وصندوق الأمم المتحدة للسكان، مسؤولياتها وتجهيز المستشفيات لمواجهة أي تفشي لوباء كورونا“.

ودعا المتوكل إلى “تكاتف الجميع في الشمال والجنوب”، مشيراً إلى أن “مبادرة رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط كانت بالجلوس مع الطرف الآخر (حكومة المرتزقة) لمناقشة وضع خطة لمواجهة كورونا في اليمن”.

وبين ان الوزارة قدمت المبادرة لمنظمة الصحة من اجل ايصالها الى حكومة المرتزقة، الا أن الاخيرة لم ترسل اي رد حتى اليوم.

واوضح أن مشكلة ما يسمى بوباء كورونا تتمثل في التغير البيولوجي للفيروس وذلك من منطقة الى اخرى، فضلا عن قدرته على الانتشار السريع، مرجحاً ان تكون ذروة الانتشار في العالم لم تصل الى الحد الاقصى بسبب استمرار الفيروس في الانتشار.

وأكد ان انتشار الوباء حول العالم ادى الى انهيارات ليس على المستوى الصحي وحسب بل على المستوى الاقتصادي والسياسي ايضاَ.

وكان رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبد السلام قد كتب في تغريدة له على تويتر أن من تسبب بالمأساة الكبرى في اليمن جراء استمرار العدوان والحصار لا يتورع أن يقدم على عدوان جديد بنقل الكورونا إلى اليمن، محملًا قوى العدوان كامل مسؤولية وصول هذا الوباء إلى اليمن في حال حصل ذلك.

 فيما قال عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي إن دول العدوان تتعمد في المناطق التي تحتلها على عدم اتخاذ أي إجراءات احترازية ولا طارئة ولا حجر صحي وكأن لا وباء يجتاح العالم يسمى كورونا، محملا دول العدوان وعلى رأسها أمريكا والسعودية والإمارات مسؤولية أي حالة في اليمن بسبب فيروس كورونا، قائلًا إنهم من يسيطرون على الأجواء والمنافذ البحرية والبرية اليمنية، وكذا مسؤولية عدم التأهيل واتخاذ الإجراءات.

من جانبه شدد عضو وفد صنعاء المفاوض عبد الملك العجري على ضرورة دعوة المبعوث الأممي إلى اليمن دول التحالف إلى رفع الحصار عن اليمن.

وفي تغريدة على تويتر، وصف العجري رفع الحصار بأنه بات أكثر الحاحاً نظراً للمخاطر الذي يشكّله فيروس كورونا، موضحاً أن الفيروس يمثّل خطراً على حياة أكثر من 20 مليون يمني وأنه على المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته.

 

واقع القطاع الصحي في ظل العدوان

وسبق أن أعلنت وزارة الصحة اليمنية التعبئة العامة للكوادر الصحية للاستعداد لمواجهة كورونا، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن 93% من الأجهزة والمعدات الطبية خرجت عن جاهزيتها بسبب الحصار والعدوان على اليمن.

ولفت وزير الصحة في كلمته امس الى واقع العمل الصحي في اليمن حيث تؤكد التقارير أن 50% من المنشئات الصحية اليمنية تعمل بشكل جزئي وبعضها لا تعمل الا في الحد الادنى، حيث أن 2477 مرفق صحي اما مدمرة او انها لا تعمل وذلك من بين 5056 مرفق صحي موجود باليمن.

ويعاني في اليمن نحو 16 مليون شخص من انعدام الامن الغذائي كما ان 3 مليون شخص يعانون من سوء التغذية، فضلا عن انتشار الامراض المعدية الاخرى في ظل محدودية الكادر الصحي.

واشار الوزير المتوكل الى ما قامت به حكومة الانقاذ من اجراءات احترازية لمواجهة هذا الوباء قابلها دور دول العدوان الامريكي السعودي في رفع نسبة خطر دخول كورونا الى اليمن حيث لفت إلى أن “السعودية تضغط علينا كل يوم، وهي دفعت بـ1800 معتمر إلى اليمن خلال الفترة الماضية، وأرسلت لنا 60 شخصًا من الصين، وهي تحاول ضخ أشخاص من دول عديدة إلى اليمن”.

 

الأضرار المباشرة وغير المباشرة :

وأكد تقرير صادر عن وزارة الصحة العامة والسكان أن مؤشرات انهيار النظام الصحي في اليمن، تمثلت في تدمير طيران العدوان بصورة مباشرة لأكثر من 469 منشأة صحية وخسائر بعشرات المليارات من الدولارات للقطاع الصحي.

ولفت إلى أن الحصار تسبب في تعذر صيانة 97 بالمائة من الأجهزة والمعدات الطبية التي انتهى عمرها الافتراضي، وقد تتوقف في أي لحظة، نتيجة الحصار وعدم السماح باستيراد التقنيات لصيانتها أو تبديلها بأجهزة حديثة.

وأوضح التقرير أن انهيار القطاع الصحي يتجلى أيضاً في عدم حصول أكثر من 48 ألف موظف في القطاع على المستوى المركزي والمحلي على مرتباتهم وكذا انقطاع الكثير من الأطباء والموظفين جراء النزوح والظروف الاقتصادية إلى جانب توقف منشآت ومغادرة ما نسبته 95 بالمائة من الكادر الطبي الأجنبي، ما تسبب بعجز في الكادر.

المرضى ومعاناتهم

:

وحسب التقرير هناك ثمانية آلاف مريض بالفشل الكلوي وآلاف من مرضى السرطان والسكري والقلب وغيرها من الأمراض، بالإضافة إلى 40 ألف مريض بالأورام السرطانية مهددون بالوفاة نتيجة عدم إدخال جهاز الإشعاع الخاص بعلاج الأورام .. لافتا إلى وفاة 50 بالمائة من مرضى الأورام نتيجة عدم توفر الأدوية بسبب الحصار.

وذكر التقرير أنه لا يوجد جهاز قسطرة قلبية في اليمن خاصة بعد تعطل الجهاز الوحيد لدى مستشفى الثورة العام وعدم وجود دعامات قلبية وصمامات لأكثر من 60 ألف مريض.

 

الضحايا المدنيين :

وأكد التقرير استشهاد وإصابة أكثر من 43 ألف 622 مدنياً، بينهم سبعة آلاف و649 طفلاً وأكثر من 800 طفل معاق نتيجة القصف المباشر لطيران العدوان.

ولفت التقرير إلى أن ألف طفل باليمن يموتون يومياً نتيجة العدوان والحصار ونقص الأجهزة والأدوية وبحسب تقارير المنظمات الدولية يموت 150 ألف طفل في اليمن سنوياً.

تفشي الأوبئة:

كما دمر العدوان المشاريع المرتبطة بالبيئة من مياه وصرف صحي ما أدى إلى انتشار الأوبئة والأمراض وصولاً إلى الكوليرا والدفتيريا، وحاليا حمى الضنك والملاريا بالمقابل تراجع الدعم المقدم من المنظمات الدولية للقطاع الصحي.

وبيّن التقرير أن عدد الإصابات بالكوليرا بلغ اثنين مليون و326 ألف و568 شخصاً، قضى منهم ثلاثة آلاف و786 شخصاً، فيما أصيب 34 ألفاً و520 حالة بالحصبة، قضى منها 273 حالة، وبلغ عدد حالات الإصابة بالملاريا اثنين مليونين و 377 ألف و142 حالة، قضى منها 85 حالة.

ووفقاً للتقرير بلغ عدد المصابين بمرضى الدفتيريا خمسة آلاف و517 مريضاً، قضى منهم 338 حالة، فيما أصيب 154 ألف و 556 بحمى الضنك، قضى منها 432 حالة، وبلغ عدد الحالات المصابة بالأمراض التنفسية ومنها انفلونزا H1N1 25 ألف و533 حالة، قضى منها 564 حالة.

وبين تقرير وزارة الصحة أن الحصار الاقتصادي، أدى إلى زيادة معاناة المواطنين جراء سوء التغذية، حيث أن هناك أكثر من 21 مليون مواطن، بحاجة لمساعدة إنسانية حسب التقارير الأممية، وأكثر من تسعة ملايين مواطن يشرفون على الدخول في مرحلة المجاعة حسب تصنيفات برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة “الفاو“.

وأشار إلى أن مليوني طفل يعانون شكلاً من أشكال سوء التغذية ونصف مليون طفل يعانون من سوء التغذية الشديد الذي يقترب من الوفاة .. لافتا إلى وفاة طفل كل 10 دقائق لأسباب يمكن الوقاية منها حسب منظمة اليونيسف.

وأكد وفاة 265 ألف طفل في العام بأسباب أحد الأمراض الخمسة “الإلتهاب الرؤي، الإسهال ، الحصبة، الملاريا، سوء التغذية”، عوضا عن عدم توفر حضانات في كثير من المستشفيات الريفية والطرفية والمركزية والمرجعية.

وأفاد التقرير أن نحو 18 مليون مواطن يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 8,4 مليون مواطن يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد ويصنّفون عالمياً في المرحلة الخامسة مرحلة المجاعة ” مرحلة الكارثة الإنسانية“.

ووفقا للتقرير هناك 2.6 مليون طفل دون الخامسة مصابون بسوء التغذية من أصل 5.5 ملايين طفل بنسبة 47 بالمائة، منهم 500 ألف طفل مصاب بسوء التغذية الحاد الوخيم.

ولفت التقرير إلى أن 86 بالمائة من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من أحد أنواع فقر الدم و46 بالمائة منهم يعانون من التقزم وهناك 80 ألف طفل مصابون باضطرابات نفسية بسبب أصوات الطائرات وإنفجارات الصواريخ.

وحسب التقرير يموت كل ساعتين ستة مواليد بسبب تدهور خدمات الرعاية الصحية و65 طفل دون الخامسة من أصل ألف طفل يموتون بسبب نوع من أنواع الأمراض.

 

الأمومة والطفولة:

 

وحسب تقرير وزارة الصحة، أهدر العدوان ما تم انجازه في سنوات لتحسين خدمات الصحة الإنجابية ووصولها إلى 70 بالمائة من سكان اليمن وتحسن العديد من مؤشرات الصحة الإنجابية، تراجعت هذه الخدمات إلى الوراء.

وتوقفت خدمات الطوارئ التوليدية الشاملة في معظم المستشفيات بالمديريات وأصبحت مقتصرة على مركز المحافظات، فضلاً عن مغادرة الكوادر الصحية للمراكز خصوصاً بعد استهداف العدوان لها وتوقف المرتبات.

وتلاشت خدمات وحدات رعاية حديثي الولادة في العديد من المرافق الصحية بسبب سفر الكادر الأجنبي ونقص الوقود والأوكسجين والإمدادات اللازمة لإنقاذ الأرواح، فضلاً عن أن زيادة النزوح مع قلة السلامة وفرص الخصوصية في المخيمات يحول دون وصول النساء إلى رعاية صحية جيدة.

 

قطاع الأدوية:

وفيما يخص الحصار على قطاع الأدوية، أشار التقرير إلى أن العدوان والحصار تسببا في عدم توفر 12 صنفاً من أدوية ذوي الأمراض المزمنّة خاصة السرطان، إلى جانب تدمير العدوان لثلاثة مصانع دواء وإنتاج الأوكسجين وانخفاض نسبة استيراد الأدوية.

كما تسبب العدوان والحصار في تعثر نقل أكثر من 362 صنفاً من الأدوية، وحظر بعض المواد الطبية اللازمة للصناعات الدوائية ومنع دخولها وعرقلة وصول شحنات الأدوية والمستلزمات الطبية التي تم منحها وثائق الموافقة على الاستيراد إلى جانب فرض إجراءات تعسفية لدخول السفن والبواخر المحملة بالأدوية ما تسبب في إتلافها.

وأوضح التقرير أن نشاط مئات المستورين، توقف واضطربت أسعار الأدوية بسبب سعر الصرف وفقدان أكثر من 50 بالمائة من الصيادلة لوظائفهم وتوقف النشاط الاستثماري خاصة في مجال التصنيع الدوائي.

جهود وطنية

ورغم ما خيّم على اليمن منذ خمسة أعوام من عدوان وحصار حصد خلالها آلاف الشهداء والجرحى من الأطفال والرجال والنساء، وخلف دمارا هائلا في البنية التحتية للقطاع الصحي الحكومي والخاص، إلا أن وزارة الصحة العامة والسكان وكل كوادرها عملت على توفير الرعاية الصحة الأساسية وحسب الإمكانيات المتاحة.

وقدّم القطاع الصحي وكوارده الطبية والصحية والتمريضية والفنية والإدارية على مدى خمس سنوات، أروع الأمثلة في الصمود والتضحية رغم استمرار العدوان وحصاره الاقتصادي وتوقف النفقات التشغيلية والرواتب.

وبين تعدد المسميات والوصف لحال المنظومة الصحية باليمن يبقى الواقع خير شاهد على حجم الكارثة التي وصل إليها القطاع الصحي الأهم لبقاء الإنسان على قيد الحياة، فمن نجا من غارات العدوان سيموت وهو يبحث عن الرعاية الطبية والدواء.

 

إحصائيات كارثية للصليب الأحمر حول حياة اليمنيين

نشرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، احصائيات كارثية حول حياة الشعب اليمني الذي يتعرض لعدوان همجي من قبل العدوان السعودي منذ عام 2015، مؤكدة أن 80% من اليمنيين بحاجة إلى مساعدة من أجل البقاء على قيد الحياة.

أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مساء أمس الاثنين، أن 80% من اليمنيين بحاجة إلى مساعدة من أجل البقاء على قيد الحياة.

وأضافت اللجنة عبر حساب على “تويتر” أن 65% من الشعب اليمني البالغ عددهم 30 مليوناً، بالكاد لديه أي شيء للأكل.

وذكرت أن 64% من اليمنيين لا يحصلون على الرعاية الصحية، في حين ليس لدى 58 بالمئة منهم مياه نظيفة.

وأشارت الى أن الحرب التي تشنها السعودية على اليمن أجبرت 10% من الشعب اليمني على الفرار من منازلهم.

قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في 26 ديسمبر الماضي، إن نحو 17.8 مليون في اليمن يفتقرون إلى المياه الآمنة وخدمات الصرف الصحي الملائمة، جراء استمرار العدوان على اليمن.

وأضافت اللجنة: “استفاد 5.173.202 شخص من أنشطتنا في مجال المياه والصرف الصحي منذ كانون الثاني /يناير وحتى كانون الأول/ديسمبر الجاري”. وتابعت “ولايزال الاجتياح هائلا“.

 ومع انهيار المنظومة الصحية يحذر المراقبون من استفحال المأساة في حال لو قدر الله دخل وباء كورونا الى اليمن مما سيفاقم الوضع خاصة في ظل اصرار دول العدوان على فرض الحصار وتكثيف الغارات على اليمن.

ويرى الكثير بأن اليمن يحتاج إلى إغاثة عاجلة وطارئة والاهم من ذلك هو بحاجة الى وقفة جادة من اجل وقف العدوان على البلاد وارغام السعودية على اطلاق السفن النفطية والغذائية المحتجزة لديها .

قد يعجبك ايضا