الأمم المتحدة تطالب بحزمة دعم مالية للدول النامية تبلغ 2.5 تريليون دولار

في وقت يواجه فيه ثلثا سكان العالم في الدول النامية  أضرارا اقتصادية غير مسبوقة جراء انتشار الوباء الفيروسي، دعت الأمم المتحدة اليوم إلى توفير حزمة دعم مالية لهذه الدول بمبلغ 2.5 تريليون دولار.

ويقول تقرير جديد لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) إن السرعة التي ضربت بها موجات الصدمة الاقتصادية الناتجة عن الوباء البلدان النامية كانت هائلة، حتى بالمقارنة بالأزمة المالية العالمية لعام 2008.

الأمين العام للأونكتاد، موخيسا كيتوي، قال إن التداعيات الاقتصادية الناتجة عن الصدمة مستمرة ويصعب التنبؤ بها، لكنه أكد بأن “هناك مؤشرات واضحة على أن الأمور ستزداد سوءا بالنسبة للاقتصادات النامية” قبل أن تتحسن مرة أخرى حسب قوله.

تصاعد الأضرار الاقتصادية

UN Tanzania
ورشة محلية في تنزانيا حيث يقوم العامال بصنع جهاز لغسل اليدين يمكن المرء بغسل اليدين دون لمس الصابون أو الصنبور.

ويوضح التقرير أنه خلال شهرين منذ بدء انتشار كـوفيد-19 خارج الصين، تلقت البلدان النامية ضربة كبيرة من حيث تدفقات رأس المال الخارجية، ومن حيث انخفاض قيمة العملة المحلية والخسائر في عائدات صادراتها، بما في ذلك انخفاض أسعار السلع وانخفاض عائداتها السياحية.

وفي معظم هذه الإجراءات، جاء التأثير الذي أصاب الدول النامية هذه المرة “أكثر عمقا مما أحدثته الأزمة المالية في عام 2008” حسب تقرير المنظمة التابعة للأمم المتحدة. كما حذرت المنظمة أيضا من أنها غير متفائلة – خصوصا  مع تأثر النشاطات الاقتصاديات المحلية بالأزمة – باحتمال حدوث نوع الانتعاش السريع الذي شهدته العديد من البلدان النامية بين عامي 2009 و 2010.

وتظهر الأرقام أن تدفقات رؤوس الأموال من حافظات من الاقتصادات الناشئة الرئيسية قد ارتفعت إلى 59 مليار دولار بين فبراير ومارس. ويمثل هذا أكثر من ضعف التدفقات الخارجية التي شهدتها نفس هذه البلدان في أعقاب الأزمة المالية العالمية مباشرة (26.7 مليار دولار.)

وينقل تقرير المنظمة أيضا أن قيمة العملات المحلية مقابل الدولار في هذه البلدان قد انخفضت بقدر يتراوح بين 5% إلى  25% منذ بداية هذا العام. كما تراجعت أسعار السلع الأساسية بشكل كبير منذ بدء الأزمة، وهي التي يعتمد عليها بشدة كثير من البلدان النامية في الحصول على العملات الأجنبية. ووفقا للتقرير، فإن الانخفاض العام في الأسعار بلغ 37% هذا العام.

UNDP Eurasia/Karen Cirillo
تفشي فيروس الكورونا كان له تأثير شديد على الاقتصادات في جميع أنحاء العالم.

على مجموعة العشرين “الالتزام بروح التضامن”

في الأيام الأخيرة، قامت الاقتصادات المتقدمة والصين بتجميع حزم حكومية ضخمة والتي ستمد شريان حياة بقيمة 5 تريليون دولار إلى اقتصادات مجموعة العشرين التي تمثل الاقتصادات الكبرى في العالم.

ويمثل هذا الشريان استجابة غير مسبوقة لأزمة غير مسبوقة، ستخفف من مدى الصدمة على هذه البلدان، حسب تقديرات مجموعة العشرين.

وتقول تقديرات أولية أجراها الأونكتاد إن ذلك سيترجم في “ضخ الطلب من تريليون دولار إلى 2 تريليون دولار” في اقتصادات المجموعة. ومع ذلك ، سيشهد الاقتصاد العالمي ركودا مع خسارة متوقعة للدخل العالمي بمليارات الدولارات، مما سيؤدي إلى مشاكل خطيرة للبلدان النامية، مع استثناء محتمل من الصين والهند.

وقال مدير العولمة واستراتيجيات التنمية في الأونكتاد، ريتشارد كوزول رايت، إن  الاقتصادات المتقدمة قد وعدت بأن تقوم” كل ما يلزم” لمنع شركاتها والأسر في دولها من تحمل خسارة فادحة في الدخل”.

وأضاف المسؤول الأممي أن على قادة مجموعة العشرين الالتزام “بالاستجابة العالمية بروح التضامن” فيجب أن يكون  لديهم “إجراءات متكافئة لستة بلايين شخص يعيشون خارج اقتصادات مجموعة العشرين.”

استراتيجية ذات أربعة محاور

وفي مواجهة أمواج هذا التسونامي المالي يقترح مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية استراتيجية بإمكانها “ترجمة تعبيرات التضامن الدولي إلى إجراءات ملموسة” وذلك بتوفير حزمة دعم مالية بمبلغ 2.5 تريليون دولار.

UN Tanzania
شاب يعمل في ورشة محلية بتنزانيا يقوم بصنع جهاز لغسل اليدين يُمكن المرء بغسل اليدين دون لمس الصابون أو الصنبور.

ويتضمن المقترح أن يتم:

  •  أولا، ضخ سيولة بقيمة تريليون دولار من خلال “الاستخدام الموسع لحقوق السحب الخاصة” الحالية في صندوق النقد الدولي وإضافة مخصص جديد يتجاوز مخصصات 2009 التي تم إجراؤها استجابة للأزمة المالية العالمية.

  • ثانيا، إلغاء تريليون دولار من الديون المستحقة على البلدان النامية هذا العام ووقف فوري لمدفوعات الديون السيادية، مثلما حدث بعد الحرب العالمية الثانية من تخفيف لعبء الديون الألمانية والتي ألغي بموجبها نصف ديونها المستحقة.

  • ثالثا، توفير 500 مليار دولار لتمويل خطة كبرى للتعافي الصحي تمول من وعود المساعدات الإنمائية الرسمية التي وعد بها شركاء التنمية والتي لم تقدم حتى الآن. ويقدر الأونكتاد أن المبلغ يجب أن يخصص إلى حد كبير في شكل منح للخدمات الصحية الطارئة وبرامج الإغاثة الاجتماعية ذات الصلة.

  • رابعا، ينبغي تفعيل ضوابط رأس المال في أي نظام للسياسات يسعى للحد من الزيادة في تدفقات رأس المال الخارجة، والحد من انعدام السيولة الناتج عن عمليات البيع في أسواق البلدان النامية، ووقف الانخفاضات في أسعار العملات والأصول.

ويقترب الرقم الإجمالي لهذه الحزمة المقترحة من نفس المبلغ الذي كان سيتم تسليمه إلى البلدان النامية على مدى العقد الماضي، إذا حققت البلدان في لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي هدف المساعدة الإنمائية الرسمية بنسبة 0.7 في المائة.

قد يعجبك ايضا