في هاواي: المضي “إلى أبعد ما يمكن” لجعل استدامة التنمية حقيقة واقعة
Share
سيسعى شعب وحكومة ولاية هاواي الأمريكية بكل الطاقة الممكنة، وبالمضي “إلى أبعد ما يمكن” لجعل أهداف التنمية المستدامة حقيقة واقعة؛ تلك الأهداف التي توافقت ووافقت عليها بلدان العالم للحد من الفقر وحماية الكوكب وضمان السلام والازدهار للجميع، بحلول عام 2030. في عام 2016، قدمت هاواي مبادرتها الخاصة التي أسمتها “هاواي المستدامة.”
أخبار الأمم المتحدة سافرت إلى أرخبيل الجزيرة، ضمن مشروع لمنظمة العمل الدولية (يسمى الاحترام في العمل) وتحدثت هناك مع حاكم ولاية هاواي، ديفيد إيج، في مقابلة تجدون محاورها فيما يلي:
لماذا تعتبر أهداف التنمية المستدامة مهمة بالنسبة لهاواي؟
هاواي هي أكثر المجتمعات الجزرية انعزالا على كوكب الأرض، فهي تقع على بعد 2500 ميل من أقرب كتلة أرضية؛ ونحن نرى هنا آثار تغير المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر بطريقة حقيقية، إذ تتحقق هذه التأثيرات بشكل يومي تقريبا. في السنوات الخمس الماضية، كان لدينا على الأقل خمسة “أحداث نادرة الحدوث” من النوع الذي يحدث عادة مرة واحدة فقط كل 500 سنة. في عام 2018، هطل أكبر قدر من الأمطار في فترة 24 ساعة واحدة، على الإطلاق: 51 بوصة؛ وهذا هو أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق في تاريخ البشرية.
في عام 2015، شهدنا بالفعل ثلاثة أعاصير من الفئة 4 تحيط بالجزر لأول مرة في التاريخ المسجل. كما شهدنا أربعة أحداث “تبييض” مرجانية؛ وظهرت “موجات مدٍّ ملوكية الحجم” وعدد من العواصف المطيرة. لذلك نحن نعلم أن تغير المناخ هو أمر حقيقي، ويؤثر على طقسنا وعلى مجتمعاتنا.
هذا كله مثير جدا للقلق…
بالتأكيد. مع ارتفاع مستوى سطح البحر، نرى على سبيل المثال تآكلا أكبر لنظام الطرق عندنا، مما يخلق تكلفة مادية للدولة بمعنى أننا نعلم أن عليها نقل هذه الطرق السريعة من مواقعها، فذلك أمر ضروري للحفاظ على نظام النقل لدينا.
لذا، نعلم أنه يجب علينا أن نبدأ التخطيط لمواجهة ارتفاعات مستوى سطح البحر.
Clearway Energy Group
ما هي تدابير التخفيف التي تتخذوها الآن؟
“هاواي المستدامة” هي مبادرة أطلقناها في عام 2016، وهي تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. التزمت هاواي بالوصول إلى طاقة نظيفة ومتجددة للكهرباء بنسبة 100 في المائة بحلول عام 2045. وتشمل المبادرة أيضا إدارة وحماية 30 في المائة من “مستجمعات المياه” ذات الأولوية، فنحن واعون بأن المياه العذبة تبدأ في “مستجمعات المياه” التي نملكها. وهذا يعني إدارة 30 في المائة من مياه المحيط القريبة.
وقد ظللنا ندرس بقوة الممارسات التقليدية والمحلية، بما في ذلك تبسيط عملية التصريح للسماح باستعادة المزارع السمكية التقليدية في جميع أنحاء الولاية. نحن نعلم أنه منذ أكثر من ألف عام، كانت هاواي مكتفية ذاتيا بالكامل، وأن المزارع السمكية وإدارة موارد المحيطات كانت جزءا مزدهرا من الاكتفاء الذاتي.
وتشمل خطة هاواي المستدامة أيضا الحماية ضد “الأنواع الغازية”. هاواي تحتوي على العديد من أنواع الحياة الأكثر عرضة للخطر من أي مكان آخر على هذا الكوكب. ولدينا العديد من الأنواع التي لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر من العالم، ويرجع ذلك جزئيا إلى عزلتنا الجغرافية.
ILO Photo/Kevin Cassidy
لذا، نحن بالتأكيد ملتزمون بإبقاء “الأنواع النباتية والحيوانية الغازية” خارج نظمُنا البيئية، والأهم من ذلك نحن ملتزمون بالاستجابة السريعة حين يتم ادخال هذه الأنواع الغازية إلى جزرنا.
كما تهدف هاواي إلى مضاعفة إنتاج الغذاء المحلي بحلول نهاية هذا العام. وقد اضطرت هاواي مثل العديد من المجتمعات الجزرية الأخرى، إلى استيراد الغذاء. يتم استيراد أكثر من 90 في المائة من الطعام المستهلك هنا من مكان آخر، ونحن ندرك، مرة أخرى، أنه إذا تمكنا من الاستثمار في مجتمعاتنا، فسوف نكون قادرين على زراعة المزيد من طعامنا.
إن التزامنا بأهداف التنمية المستدامة هو حقا التزام تجاه المجتمعات المستدامة، والاستثمار في أنفسنا. بدلا من إنفاق دولاراتنا خارج الدولة لخلق وظائف في مكان آخر، نعتقد أن التحول إلى “هاواي أكثر استدامة” يعني أننا سوف نستثمر في أنفسنا ونخلق فرص عمل هنا في مجتمعاتنا المحلية.
يبدو أن المعرفة التقليدية ستلعب دورا مهما جدا في هذه العملية …
قبل ألف عام، كان عدد سكان هاواي مطابقا تماما لما هو عليه اليوم، وفي ذلك الزمان كانوا يعتمدون على أنفسهم بالكامل؛ فلم يتم استيراد الطاقة ولا الغذاء. لذلك، نحن نتطلع بالتأكيد إلى استخدام الأفكار التقليدية والثقافية في إدارة الموارد في عالم اليوم الحديث، للعودة إلى الاعتماد على الذات.
هل ثمة إنجاز واحد يمكنك الإشارة إليه، نحو بناء الاستدامة، والذي تفتخر به بشكل خاص؟
التزامنا بتوفير الطاقة المتجددة النظيفة للكهرباء بنسبة 100%. في الوقت الذي سننا فيه تشريعا للالتزام بذلك، لم يُقدِم أي مجتمع آخر على شيء من هذا القبيل. والواقع أنه في جمعية حكام الولايات، كان الناس متفاجئين بشكل عام. فقد حسب البعض أن السعي في ذلك هو مضي “إلى أبعد مما هو ممكن” وأنه سيكون “سعيا أحمقا.
والآن، تبنت ولاية كاليفورنيا الالتزام بالطاقة المتجددة النظيفة بنسبة 100% بينما تفكر ولايات أخرى في القيام بنفس الشيء. أنا فخور بأن هاواي ألهمت ولايات ومجتمعات أخرى في هذا الصدد.
ما هي الوظائف الجديدة التي تتطلعون إلى إنشائها؟
UN News/Daniel Dickinson
تعاونية جزيرة كاواي المساعدة في هاواي، تولِّد كما كبيرا من كهرباء الجزيرة من الطاقة الشمسية.
لقد ركزت الكثير من مشاريع الطاقة المتجددة النظيفة على الطاقة الشمسية، وكان لدينا توسع هائل في مصادر الطاقة الشمسية على أسطح البيوت في هاواي. 37 في المائة من منازل الأسرة الواحدة لديها الآن طاقة شمسية على السطح وهي تولد الطاقة لنفسها. أعتقد أن هذا هو أعلى نسبة اختراق للطاقة الشمسية في البلاد. ونحن نعلم أن مشاريع الطاقة الشمسية على الأسطح، والمرافق الشمسية على نطاق واسع، قد خلقت وظائف في خدمات البناء والدعم المرتبطة بهذه الطاقة النظيفة.
وهل تتخذون أي خطوات لإعداد العمال لهذه الوظائف الجديدة؟
لقد تعهدنا في كلياتنا المجتمعية بتعليم وإعادة تدريب الأفراد الذين يرغبون في العمل في مجالات الطاقة النظيفة. نحن نعلم أن التعليم هو المفتاح لتحسين نوعية حياة الأسرة، وقد ركزنا على مجموعة واسعة من برامج التعليم التي نأمل أن توفر المهارات التي يحتاجها سكاننا، لتزدهر الوظائف التي تم إنشاؤها في الاقتصاد المستدام.
ما هي أكبر التحديات التي تواجهها في خلق الوظائف؟
كانت هاواي ولسنوات عديدة من أكبر منتجي السكر والأناناس مما حفز في الماضي الكثير من الابتكار. وقد أغلقت آخر هذه المزارع في عام 2016، ونحن نريد الآن دعم الزراعة المتنوعة. هنالك تقدم كبير يحدث في التكنولوجيا الزراعية، على سبيل المثال، الدفيئات الذكية التي يمكنها انتاج مجموعة واسعة من المواد الغذائية.
لقد قمنا بإعادة الاستثمار في صناعة الثروة الحيوانية التي نملكها، حتى نتمكن من إنتاج المزيد من لحم البقر ولحم الخنزير، ونقترب كثيرا من إطلاق مزرعة للبيض، حتى تتمكن هاواي مرة أخرى من تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج البيض.
ويركز جزء من التزامنا بمضاعفة الإنتاج الغذائي على صغار المزارعين وعلى جذب المزيد من الشباب للزراعة وهو ما يمثل تحديا كبيرا. نحن نعلم أن مَزارع المستقبل ستعتمد على التكنولوجيا لتكون أكثر كفاءة. إذا لم نتمكن من جذب جيل جديد من المزارعين، فسيكون من الصعب جدا زيادة الإنتاج الغذائي المحلي.
ما مدى تفاؤلكم بشأن مستقبل العمل في هاواي؟
أنا متفائل للغاية بشأن مستقبل العمل. كانت هناك تنبؤات رهيبة بأنه سينم القضاء على العديد من الوظائف بسبب التكنولوجيا. ومع ذلك، في كل حالة ألغت فيها التكنولوجيا وظائف محددة، فإنها خلقت أيضا العديد من الوظائف الجديدة.
لذلك أنا متفائل، لأنني أعتقد أن اقتصاداتنا ستتغير وأن وظائف المستقبل ستكون مختلفة عن الوظائف في الماضي. غير أنني أعتقد أيضا أنه سيكون هناك المزيد من الوظائف لمواطنينا، وأنه سيكون نوعا مختلفا من العمل، ولكنه سيكون أيضا بنفس قوة التحدي، وبنفس ما يمنحه من شعور بالرضا.
نحن ندرك كجزيرة أننا بحاجة إلى أن نكون ملتزمين أكثر بالاستدامة، لصالح المجتمع على المدى البعيد. وتشعر الغالبية العظمى من الناس في هاواي بنفس هذا الشعور وهم على استعداد لمواجهة تحدي التنمية المستدامة من خلال الاستثمار في مجتمعاتنا.