معاناة مستمرة سببتها الحرب
تُعد المعلمات والتربويات العاملات في مدارس محافظة الحديدة الواقعة في ساحل اليمن الغربي من أكثر النساء اللاتي تفاقمت معاناتهن جراء الحرب التي ماتزال تدور رحاها في اليمن منذ نحو خمسة أعوام.حيث تعددت أوجه المعاناة والتي من بينها انعدام الأمن جراء العمليات القتالية،وتفاقم الأزمات الاقتصادية مثل استمرار مشكلة إنقطاع المرتبات،وارتفاع نسب البطالة،وتزايد معدلات النزوح من الحديدة إلى المحافظات الأكثر أماناً.
قصف ونزوح :
هدى المساوى معلمة أربعينية كانت تعمل في تدريس الصفوف الابتدائية بمدرسة “خولة” للبنات في منطقة “المنصورية”جنوب شرق ﻣﺪﻳﻨﺔ “الحديدة”هي واحدة من بين مئات المعلمات اللاتي أضطررن إلى مغادرة محافظة الحديدة إلى مدينة صنعاء قبل نحو ثلاثة أعوام،بسبب الحرب وتداعياتها.ففي مطلع العام2015 تدمر مبنى المدرسة التي كانت تعمل فيها هدى،بسبب تعرضه لقصف جوي،ولأن غالبية المدارس في محافظة الحديدة غادرها آلاف الطلاب،قررت هدى النزوح إلى العاصمة”صنعاء”؛لكن رحلة النزوح لم تكن بالأمر السهل،كما تحكي لـ”الحديدة نيوز”.وتقول«لقد مررنا بظروف قاسية حينما بدأنا أول خطوات رحلتنا من الحديدة إلى صنعاء،بسبب ارتفاع تكاليف المواصلات مع إشتداد المعارك المسلحة،وحينما وصلنا إلى العاصمة صنعاء لم نجد سكن مناسب نأوي إليه إلا بشق الأنفس».
فقدت هدى زوجها في الأيام الأولى للحرب حينما توفي جراء تدهور حالته الصحية بسبب مضاعفات إصابته بمرض السكري,وأصبحت هدى هي العائل الوحيد لأطفالها الثلاثة،وبسبب مشكلة النزوح صرفت هدى كل ماكانت تمتلكه من مدخرات مالية.وفي العام الأول من تواجدها في العاصمة صنعاء كانت هدى تبحث عن مدرسة خاصة للعمل فيها رغم تدني المرتبات المقدمة للمدرسين في تلك المدارس.لكنها لم تجد من يقبلها بسبب تكدس المعلمين هناك،وممارسات تمميز مناطقي، الأمر الذي دفع هدى إلى صناعة الحلويات وبيعها في السوق القريب من سكنها حتى تتمكن من دفع إيجار المنزل الذي تقطنه.
وفي الحديدة ماتزال عدد من المعلمات باقيات في مناطقهن رغم استمرار القصف لكن معاناتهن تتضاعف،من بينهن سميره الوصابي المعلمة في مدرسة بلقيس بمنطقة الجراحي،تقول سميره لـ”الحديدة نيوز”،«نحن المعلمات لقد تعايشنا مع الوضع القسري الذي تسببته الحرب وأخذنا على عاتقنا أن نستمرفي أداء الأمانة التي حملناها من أجل أن لا يُحرم أبنائنا من حقهم في التعليم».
تهميش ولا مبالاة :
يزيد عدد المعلمين في محافظة الحديدة عن 30ألف معلم ومعلمة وقد أدت الحرب هناك إلى تغيب أكثر من 60 ألف فتى وفتاة خارج المدرسة،وإغلاق ثلث مُجمل المدارس وتحويلها بعضها إلى ملاجئ للعائلات النازحة؛بينما تعرّضت بعض المدارس لأضرار فادحة،وتم إغلاق 155مدرسة بسبب وقوعها على مقربة من مناطق نزاع .وفقاً لتصريحات ممثلة منظمة اليونسيف ميرتشل ريلنيو لموقع”اليونسيف”؛وبسبب ذلك الواقع المؤلم لجأت الكثير من المعلمات في محافظة الحديدة لترك مهنة التدريس،والاتجاه نحو مهن أخرى لطلب الرزق،وتشير نبيلة المهندس نائبة مدير مكتب التربية بمحافظة الحديدة إلى أن«غالبية المعلمات في محافظة الحديدة هن الأكثر تضرراً من الحرب من بين المعلمات العاملات في مختلف المدارس في اليمن»، وفي حديثها لـ”الحديدة نيوز”،تقول نبيله«الشيء الذي يحز في النفس أن لا أحد يلتفت إلى معلمات الحديدة ولا يلتفت لمعاناتهن مع أنهن صامدات ».