ماكغولدريك: وصول كورونا إلى غزة “قد يكون مخيفا” نتيجة الاكتظاظ السكاني-ونعمل بشكل وثيق مع السلطات لمنع التدهور حيثما نستطيع بالموارد المتاحة
دعا جيمي ماكغولدريك، منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، الأطراف جميعها إلى التعاون من أجل الحد من انتشار فيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.
وفي حوار خاص لأخبار الأمم المتحدة، تحدث ماكغولدريك عن الدعم الذي تقدمه مؤسسات الأمم المتحدة لمساعدة وزارة الصحة في الضفة الغربية وقطاع غزة وتزويدها بالاحتياجات اللازمة للتعامل مع الحالات المصابة بكـوفيد-19.
ودعا المانحين إلى تقديم الدعم للخطة التي تم إعدادها للتعامل مع الجائحة، مشيراً إلى أنه تم عقد اجتماع مؤخراً معهم من أجل هذا الغرض.
وأشار منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية، إلى أن وصول الوباء إلى قطاع غزة قد يكون مخيفاً نتيجة الاكتظاظ السكاني، وكذلك محدودية النظام الصحي القائم في غزة.
فيما يلي تفاصيل المقابلة التي أجراها مراسلنا في غزة حازم بعلوشة:
أخبار الأمم المتحدة: تم تسجيل حالات إصابة بفيروس كورونا في الضفة الغربية، مما دفع الحكومة الفلسطينية إلى اتخاذ إجراءات منها إعلان حالة الطوارئ وعزل بعض المدن. هل هناك تعاون بينكم وبين الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية للتعامل مع الفيروس؟
جيمي ماكغولدريك: نحن في تواصل مباشر مع وزيرة الصحة، ومنظمة الصحة العالمية وشركائنا الآخرين. ونحن سعداء لأن رئيس الوزراء بنفسه يتولى مسؤولية الاستجابة للأزمة من جانب السلطة الفلسطينية التي نتواصل معها عن قرب، بما في ذلك من خلال اتصالات عبر الفيديو.
بكل وضوح، كل مقاربات وقرارات الحكومة في هذا الشأن كانت مهمة ومساعِدة على احتواء الأزمة. وبالنظر إلى الوضع الفلسطيني، ليس (لدى السلطة) الأدوات الكافية للتعامل مع قضايا مختلفة ومتعددة، وخدمات مختلفة في أماكن مختلفة، في الضفة الغربية وقطاع غزة. أعتقد أن هذه الجائحة زادت الظروف تعقيدا. ولكن مع ذلك، نثني على الحكومة ونهجها الذي كان ثلاثي الأبعاد من حيث الوقاية والاستجابة، حيث قامت بالفحص والاختبار، وعزل المناطق المصابة كما رأينا في بيت لحم. وكان هذا ناجعاً. ولكن لا نعرف بوضوح كيف سيكون الوضع في المستقبل إذ كما رأينا في دول أخرى، منحى الجائحة شديد للغاية. أعتقد أن الجهود التي تبذلها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وما تقوم به في غزة جيدة، -غزة أكثر إشكالية بعض الشيء بسبب الوضع الصعب بين الطرفين، لكنني أعتقد أن هذا الفيروس يقرب الناس من بعضهم البعض، لأنهم يفهمون أن هذه الفيروس لا يحترم الحدود أو الأحزاب أو الفصائل السياسية وأنه يؤثر على الجميع، وعلينا العمل والتعاون معا بشأن ذلك بقدر ما نستطيع. نحن في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على استعداد للدعم حيث نستطيع ضمن خطة الاستجابة، ونطلب دعما سريعا لنحصل على المزيد من أجل المساعدة.
أخبار الأمم المتحدة: ما طبيعة هذا التعاون وكيف تقدمون المساعدة؟
جيمي ماكغولدريك: كما ذكرت نحن نعمل عن قرب مع وزارة الصحة، وكذلك نتعاون مع أطراف أخرى من السلطة الفلسطينية، ووزارة الصحة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، ونحاول أن نقدم الدعم بما نستطيع. من الواضح أن الموارد في وضع صعب لأنك تعلم أن التمويل قليل بشكل عام لفلسطين. ونحاول أن نجمع المال من مصادر مختلفة. حصلنا على تمويل من دعم داخلي من وكالات الأمم المتحدة، مثل اليونيسف، ومنظمة الصحة العالمية. كذلك حصلنا على دعم من داعمين أساسين مثل النمسا وكذلك قطر. ونحن نسعى إلى الحصول على المال من أجل دعم أوسع.
الدعم بالدرجة الأولى موجه لتزويد الأطراف بمجموعات الاختبار وتوفير المساعدة لأشد الناس حاجة إليها. ثانيا، توفير أدوات الحماية الشخصية مثل الكمامات والملابس الواقية، خصوصاً لهؤلاء الذين في خط المواجهة الأول ويقدمون الخدمات الطبية للناس. ونعمل مع شركاء آخرين في السلطة الفلسطينية على وجه الخصوص فيما يتعلق بالتعليم، ونحاول تسخير المدارس لتكون أماكن لإيصال الرسائل، وإعداد المدارس لاستقبال الطلاب في مناطق آمنة، كما نقوم بحملات تواصل وتوعية. ونحن نتطلع إلى خطط طويلة الأمد تمنع تدهور الوضع الاقتصادي، وتساعد على إنعاشه في الوقت المناسب.
ولكن يجب أن نعترف أننا في وضع هش، لا نعرف إلى أي مدى سيستمر. ولكن نعمل بشكل وثيق مع السلطات في الضفة الغربية وقطاع غزة لنتأكد من جهوزيتنا وأنه يمكننا منع التدهور حيثما نستطيع بالموارد المتاحة. ولكننا نحاول الحصول على المزيد من الدعم من المانحين. نفعل ذلك من خلال مكتب المنسق الخاص نيكولاي ميلادينوف، وكذلك من خلال المقر الرئيسي للأمم المتحدة، وهنا محليا مع مجتمع المانحين، حيث عقدنا اجتماعا هذا الأسبوع لتوضيح الظروف وحثهم على تقديم الدعم للخطة العاجلة. خطتنا حاليا هي طلب مبلغ سبعة ملايين دولار، وهذا ما نحتاجه من أجل الاحتياجات العاجلة للأيام الستين القادمة، وهذا قد يتغير أذا ارتفع عدد حالات الإصابة.
أخبار الأمم المتحدة: هل تتابعون ما يحدث في قطاع غزة فيما يتعلق بفيروس كورونا؟ هل هناك مساعدات يتم تقديمها؟
جيمي ماكغولدريك: نحن نعمل بشكل قريب معهم من خلال منظمة الصحة العالمية وكذلك مؤسسات صحية أخرى في الميدان. ونحن على تواصل دائم معهم لأنه يجب أن يكون الأمر كذلك. نحن على تواصل مع وزارة الصحة وكذلك التنمية الاجتماعية، وغيرها المرتبطة بالوزارات في رام الله. ونحن نفعل في غزة ما نفعله منذ سنوات عديدة، منذ مسيرة العودة الكبرى. لقد بنينا علاقة قوية فيما يتعلق بالصدمة والقدرة على التعامل مع ذلك. هذا التحالف وهذه الروابط هي على المستوى الفني. ونعمل بشكل أكبر فيما يتعلق بكيفية وضع نفس أنظمة التأهب والكشف والاستجابة والتعليم. ونحن نقوم بذلك بشكل جيد.
من الواضح أننا قلقون حاليا فيما يتعلق بغزة، أنها منطقة معقدة، بسبب الحصار طويل الأمد والقيود المفروضة بشكل مسبق التي تصعب الأمور حيث قد تصبح ما يشبه الحاضنة عندما يعلق الناس في منطقة مكتظة بالسكان. نحن نعلم أنهم يقومون بالاختبارات ويُنشِئون مراكز للفحص، نحن نتعامل مع حكومة الأمر الواقع، لنفهم ما الذي يحصل. وفي الوقت نفسه، حددت السلطة الفلسطينية المستشفى الأوروبي –في خانيونس- لتكون المكان حيث يتم التعامل مع الحالات المصابة. كما هو الحال في الضفة الغربية، نشجع الفنادق في غزة لتستضيف الحالات التي يتم حجرها صحيا. هناك فندق في غزة قد تم تخصصيه لهذا الغرض، وهذا يشجع الآخرين. وبعد أن تُستنفد القوة الاستيعابية لهذه الأماكن، سنبحث عن أخرى. يجب أن يبقى الناس في الحجر الصحي لمدة 14 يوماً. للقادمين عبر ممر رفح من مصر على سبيل المثال، يمكن أن تكون مصاباً. وبالتالي قد لا تتمكن من العودة إلى عائلتك لأنك تعيش في منطقة مزدحمة للغاية. لذا هناك حاجة لفحص الناس ووضعهم في الحجر للتأكد أنهم غير مصابين بالفيروس. نحاول التأكيد مع السلطات في غزة أن الوقاية هي المفتاح. نحن نعلم أن النظام الصحي في غزة كان مرنا على مدى عقود، لكنه ما زال يعاني من نقص في التمويل ونقص في الموارد والأجهزة. كما أن مسيرات العودة قد وضعت عبئاً كبيراً على القطاع الصحي الضعيف أصلا. أعتقد أن هذا أدى إلى مزيد من التدهور في النظام الصحي من حيث القدرة على الاستجابة. نحن نفعل ما نستطيعه وكل ما يمكننا القيام به مع كل الأطراف في رام الله وغزة وكذلك الإسرائيليين الذين يساعدون على إبقاء خطوط الإمداد مفتوحة.
أخبار الأمم المتحدة: حتى اللحظة لم تعلن السلطات في غزة عن تسجيل أي إصابة لحسن الحظ، ولكن هناك خشية إذا ما تم وصول الفيروس سيكون الأمر أكثر صعوبة في قطاع غزة، أليس كذلك؟
جيمي ماكغولدريك: هذا مقلق جداً لنا، انتشار الوباء في غزة مخيف جداً، بسبب الظروف هناك وبسبب الكثافة السكانية العالية، وطبيعة النظام في دعم الناس الذين قد يصابون. لا نملك القدرة كافية للتصدي للتفشي. لحسن الحظ، كما ذكرت، لم تسجل أية حالة في غزة، ونحن نراقب الوضع عن كثب من خلال منظمة الصحة العالمية والشركاء الآخرين على الأرض، ونأمل أن يبقى الوضع على ما هو عليه. نحن نرفع التوعية طوال الوقت من خلال نشر المعلومات العامة حول كيف يجب على الناس أن يقوموا برعاية أنفسهم والحفاظ على نظافتهم وصحتهم. ونحن لا نعلم إنْ كان القادمون عبر رفح مصابين. يمكننا فقط مراقبة الوضع لنرى ما قد يحدث. نحاول تخزين الموارد بما فيها مجموعات الفحص، وتشجيع المانحين على تقديم المال والعمل عن قرب مع السلطات الإسرائيلية حتى تستمر بالسماح في إدخال المواد المطلوبة. حتى الآن كان هناك تعاون إيجابي، وكانت السلطات داعمة ومتعاونة للغاية. كما نعمل أيضا عن كثب مع السلطة الفلسطينية.
هذا الأمور جيدة، ولكن المشكلة الكبرى هي الموارد ونقص التمويل، نقص المواد في السوق العالمي حالياً، مواد الحماية والوقاية وكذلك مجموعات الفحص، وأجهزة التنفس الصناعي ونقصها عالمياً. إذا لم يتوفر لدينا المال لشرائها محلياً، فهذه مشكلة. نحن على تواصل دائم مع الإسرائيليين حتى نشتري من إسرائيل وغيرها. لكنْ هناك نقص عالمي، وهذا ما يجب أن نعترف به(…). قد نضطر إلى اللجوء لجهات تصنيع محلية لتصنيع بعض هذه المنتجات. وهذا ما نستكشفه في الوقت الحالي.
أخبار الأمم المتحدة: قد يكون هناك تعامل إيجابي فيما يتعلق بالحد والوقاية من انتشار الفيروس ولكن هذا له انعاكسات أيضاً على الواقع الاقتصادي الفسطيني، لاسيما إذا ما طالت مدة الأزمة. كيف يمكن التعامل مع هذا الأمر بعد ذلك؟
جيمي ماكغولدريك: لقد طورنا خطة هنا بصفتنا المستجيبين الدوليين لدعم السلطات لمدة 90 يوماً، ولكن نبحث عن الجانب المادي من هذه الخطة لنحضر المواد الطبية والأجهزة وغيرها، وهذا جزء من الخطة. ولكن يجب موازنة ذلك مع الاقتصاد. فعلى سبيل المثال في الضفة الغربية يذهب الكثيرون للعمل في إسرائيل ويحضرون المال لعائلاتهم. الأمر الذي سيتباطأ بسبب القيود التي سيتم فرضها. ولكن الوضع في غزة خاص لأن 50% من السكان عاطلون عن العمل. الناس يرون أن هذا الرقم سيئ جداً، ولكن الناس في غزة استطاعوا التأقلم لأنهم يتعاملون مع ذلك منذ سنوات طويلة، فهم يعيشون في هذه الظروف الصعبة منذ 13-14 عاما. وهم يتمتعون بالمرونة لأن عليهم البقاء على قيد الحياة، ويعلمون كيف يفعلون ذلك. ولكن ذلك قد يشكل نقطة تحول للكثير من الناس الذين يعيشون هناك بسب الضغط الذي سيوضع على الموارد والقدرات وحتى على الصمود الذي يتحلى به أبناء غزة. يجب علينا تخفيف الضغط من خلال توفير المساعدة والمعلومات لمساعدة العائلات على تخطي هذه المرحلة الصعبة. ونأمل بمجرد الخروج من هذه المحنة ومن خلال التعاون الذي تم بناؤه بين الأطراف- بما فيها الأجزاء المختلفة من السلطة الفلسطينية، وسلطة الأمر الواقع بالإضافة إلى الإسرائيليين- نأمل أن يؤدي هذا التعاون إلى فوائد أخرى في المستقبل. ونأمل أن تكون إحدى تلك الفوائد إعادة إنعاش الاقتصاد في الضفة الغربية وغزة.