عدن تغزق في فوضى أمنية
إبراهيم القانص :
حالة الفوضى الأمنية التي أغرق التحالف بها مدينة عدن منذ دخول قواته إليها أواخر عام 2015؛ لا تزال قائمة، بل تزداد يوماً بعد آخر،
بأوجه عدة وبطرق شتى، كلها تسلب المواطن أمنه واستقراره وسكينته العامة، ولا تزال قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الأداة الأبرز للتحالف يستخدمها ويوجهها لإحداث ذلك الخلل الهائل الذي يمزق النسيج المجتمعي لأهالي عدن المسالمين، بقتلهم واختطافهم ونهب ممتلكاتهم، ولا تستثني تلك الأداة أحداً فالنساء والرجال والأطفال أهداف لعمليات القتل والاختطاف والتعذيب ونهب المنازل والأراضي بقوة السلاح.
منذ بداية السنة الجارية سجلت جرائم القتل والاختطاف والتعذيب ونهب الأراضي والممتلكات أرقاماً كبيرة في مدينة عدن، وغالبيتها تحدث في أماكن قريبة من مراكز الشرطة ومواقع المعسكرات، أقربها اختطاف المواطنة مريم عبدان البالغة من العمر 30 عاماً، من أمام أحد المراكز التجارية في مديرية البريقة رغم أنها كانت مع زوجها، وتم احتجازها لمدة ثلاثة أيام في منزل شعبي، حتى تمكنت من الهرب بمساعدة أحد المواطنين، وحدث الاختطاف على بعد بضعة أمتار من مركز شرطة البريقة وتحيط بمكان الجريمة أربعة معسكرات، ورغم إبلاغ الجميع إلا أنهم لم يكلفوا أنفسهم عمل شيء وكأن الأمر لا يعنيهم.
لا يزال الأطفال والنساء عرضة للاختطاف والتعذيب والاغتصاب، ولا يزال الشباب عرضة لعمليات الاغتيال، سواء برصاص أفراد يمتطون أطقماً عسكرية، أو بعمليات اختطاف ومن ثم قتل تحت التعذيب أو قتل مباشر، ولا تزال المنازل والأراضي الخاصة عرضة للبسط والنهب، ضمن تراجيديا مؤلفها التحالف وشخوصها الجنوبيون، ضحايا وجلادين، فمصالحه في الجنوب وأطماعه الكبيرة تستدعي أن يُشغل أبناؤه بقتل بعضهم بعضاً، وحصر تفكيرهم في زاوية ضيقة هي كيف ينجون من عمليات القتل والاختطاف، وكيف يحمون أطفالهم من كل تلك الجرائم التي تنفذها أدوات التحالف بما يمليه عليها قادته الذين استباحوا كل شيء في عدن ومحافظات الجنوب كافة.
ترتبط غالبية تلك الجرائم فعلياً بعدد من قادة القوات التابعة للمجلس الانتقالي، والذين أصبح ابناء عدن يخافونهم كثيراً لما عرف عنهم من إجرام وإقدام على ارتكاب أي انتهاكات لا يستطيع أحد ردعهم عنها، فمنهم من يتخصص بعمليات الاختطاف والتعذيب، ومنهم من يتخصص في القتل، ومنهم من يستخدم كل نفوذه لنهب منازل الناس وأراضيهم، ومنهم من يجيد كل تلك المهارات الإجرامية ببراعة، مثل قائد لواء العاصفة في قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي، أوسان العنشلي، الذي رفض توجيهات قيادة المجلس بإخراج أحد متنفذيه من منزل الدكتورة غادة العولقي، في مدينة إنماء بعدن، حيث بسط عليه أحد أعضاء المجلس الانتقالي ويدعى إبراهيم معكر الضالعي، وهو أيضاً أحد المقربين من مدير أمن عدن شلال شايع، إلا أن العنشلي رفض توجيهات أحمد سعيد بن بريك، القائم بأعمال رئيس المجلس ورئيس جمعيته الوطنية، بإخراج المعكر وعصابته المسلحة الموالية للانتقالي.
العنشلي نفسه دعم عصابة أخرى مسلحة يقودها أحد أصدقائه، حيث داهمت تلك العصابة منزلاً في التواهي ونهبوا كل ما فيه، والسيارة التي يمتلكونها، ولم يكتفوا بذلك بل اختطفوا أفراد الأسرة وعذبوهم، وبعد كل ذلك هدد رئيس تلك العصابة أفراد الأسرة المنهوبة بقتلهم جميعاً في حال طالبوا بسيارتهم، والأدهى من ذلك كله أنهم أثناء مداهمة المنزل أطلقوا النار على شابة من أفراد تلك الأسرة، الأمر الذي تسبب في بتر ساقها نهائياً.
فإذا كان هذا هو سلوك قادة ألوية وفصائل عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، الأداة الأبرز للتحالف في عدن، وبالتزامن مع تخلٍ كامل لمن يفترض أنهم حراس الأمن وحماته من قوات هادي؛ فبمن سيستعين المواطن ومن سيضمن له حقوقه في الأمن والعيش بسلام وكرامة؟، وهذا بنظر مراقبين، أصبح مستحيلاً إلا أن ينتفض كل أبناء عدن في وجه التحالف وأدواته.