وباء قاتل يحصد مئات المواشي بتعز بعد توزيعها على المواطنين بأيام
مواطنون في مديرية حيفان بتعز يشكون من نفوق مواشيهم. هذه المواشي حصل عليها المواطنون ضمن برنامج دعم الأمن الغذائي للأسر الفقيرة والمتضررة المقدمة من منظمة الفاو.
وعلى الرغم مما شاب هذا المشروع من تجاوزات وتحايل، كما يقولون، إلا أنه تم توزيع نحو ألف وخمسمائة ماشية على الأسر المستهدفة مطلع فبراير الماضي.
فرحة لم تدم
لم تعمر فرحة المواطنين طويلاً، إذ سرعان ما نفقت المواشي واحدة تلو الأخرى نتيجة وباء غريب، حتى أن بعضها نفقت وهي لا تزال في طريقها للتسليم.
ليس هذا هو الوجه الوحيد للمأساة، فالمرض الذي فتك بمواشي المنظمة الأممية انتقل ليصيب المواشي التي كان يمتلكها المواطنون من قبل، ممتداً ليصل إلى قرى بعيدة، لتصبح حياة المواطنين أسوأ مما كانت قبل التدخل الأممي لدعمهم.
ومثل ذلك حدث في مديرية أحور بأبين وسجلت الاتهامات ذاتها على المنظمة نفسها.
يقول الأهالي، إن مئات المواشي في قرى ومناطق أحور نفقت بعد انتقال الوباء من المواشي التي قدمتها منظمة الفاو الدولية للمواطنين خلال الأشهر الماضية.
يحدث كل ذلك في ظل غياب غير مبرر من قبل القطاع الصحي البيطري والجهات الرقابية الحكومية على عمل هذه المنظمات في اليمن.
مدير مكتب الزراعة في تعز عبدالسلام مهيوب، بدأ حديثه عن مشروع الأغنام الذي يعتبر ضمن مشروع سبل العيش الذي يقدم للأسر الريفية التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي المقدم من منظمة الفاو.
وأضاف مهيوب، خلال حديثه لبرنامج “المساء اليمني” على قناة بلقيس مساء أمس، أن هذا المشروع استهدف خمس محافظات يمنية بينها محافظة تعز التي استهدف منها مديريتي حيفان والمواسط.
فساد وتحايل
وأرجع مهيوب نفوق المواشي إلى اعتماد المنظمات على شركاء محليين وموردين ليس لهم علاقة في المجال الزراعي سوى الربح المادي.
فيما يعزو مهيوب السبب الثاني في نفوق المواشي إلى توزيع هذه المواشي في وقت كانت فيه درجات الحرارة منخفضة، وهذا ما فاقم المشكلة.
فيما السبب الثالث يعود إلى توزيع الأعلاف المركزة والمكعبات العلفية والمعدنية كونها منتجات جديدة لها شروط ومحاذير في الاستخدام لا يعرفها المزارع.
وتحدث مهيوب عن غياب التنسيق بين مكاتب وزارة الزراعة وبين منظمة الفاو التي تذهب للشراكة مع منظمات محلية بعيدا عن مكاتب وزارة الزراعة.
وأضاف “هناك قصور في آلية عمل منظمة الفاو والمنظمات العاملة في الجانب الزراعي”، موضحا أن دور مكتب الزراعة يقتصر على حضور الورش التي تنظمها منظمة الفاو ولا ينفذ ما تخرج به هذه الورش سوى حضور التدشين.
وهيب شرف، أحد متضرري مشروع توزيع المواشي، قال إنه منذ تسلمه ثلاثة رؤوس من الأغنام من مشروع توزيع المواشي ظلت ثلاثة أيام لا ترغب في الأكل.
وأضاف أنه قام بأخذ دواء لهذه المواشي لكنه لم ينفع، ما اضطره إلى ذبح إحداهن، ليجدها من الداخل مشوهة، فيما الأخرى كانت تظل تدمع من عينيها بشكل مستمر دون توقف، لافتا إلى أنه فقد اثنتين من أنعامه بسبب عدوى تسببت بها المواشي التي تسلمها.
المستشار الزراعي لمنظمة غدق عبدالجبار القرشي قال، إنه تم توزيع مواد زراعية ومنها الحيوانات إلى 700 أسرة في مديريتي حيفان والمواسط بتعز، نالت حيفان العدد الأكبر منها.
ولفت إلى أن الإشكالية التي حدثت أنه بعد التسليم مباشرة وصلت بلاغات أن هناك نفوق لبعض الحيوانات تجاوزت نسبة 10٪، وهو ما يعتبر كارثة، إذ أن النسبة المقبولة لنفوق الحيوانات أو الدواجن أو النحل تكون 3٪، وفي الحد الأعلى 5٪.
وأشار إلى أن التشخيص الذي ظهر على المواشي وفق بيان منظمة الفاو هو الالتهاب الرئوي البلوري، الذي يحصل غالبا في الشتاء بسبب الإجهاد وبسبب نقل الحيوانات من مناطق منخفضة إلى مناطق جبلية.
وأوضح القرشي أنه لا دور لمنظمة غدق في شراء هذه الحيوانات أو نقلها أو فحصها، وإنما اقتصر دورها في عملية التوزيع فقط.
مضيفا أن هناك شراكة ما بين منظمة غدق كمنظمة مجتمع مدني، وما بين منظمة الفاو كداعمة، وبين الجهات الرسمية المتمثلة في مكتب الزراعة.
وأردف “أثناء التوزيع كان هناك طبيب بيطري من الإدارة العامة لصحة الحيوان في تعز، بالإضافة إلى وجود أخصائي ثروة حيوانية طوال فترة التوزيع”.
كارثة أخرى
عبدالهادي قاسم، متضرر آخر من مشروع توزيع المواشي المقدم من برنامج دعم الأمن الغذائي، قال إن المشكلة طالت الكثير من المواطنين، ووصل عدد نفوق المواشي إلى 290 رأس من الماشية التي تم توزيعها، فيما نفقت 243 رأس من الأغنام التي كان يمتلكها المواطنين من قبل بسبب العدوى.
لافتا إلى أن الكثير من المواشي تسلمها المواطنين وهي في حالة مرض، وأخبروا القائمين على توزيعها بضرورة إعادتها، لكن القائمين على التوزيع تعهدوا لهم بأن لا مشكلة من ذلك وأن المواشي بحالة جيدة.