المرأة الريفية في الحديدة .. طموحٌ لم ينطفئ وآمال مبعثرة !.
أنور الطيب : :
في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للمرأة والذي يصادف 8 مارس من كل عام تتعرض فيه المرأة اليمنية وخصوصاً المرأة الريفية في محافظة الحديدة لشتّى أنواع العنف والاضطهاد و الحرمان لحقوقها ، وأبسط تلك الحقوق حقها في التعليم .
استطلع آراء عدد من النساء والفتيات والأكاديميين حول اليوم العالمي للمرأة .. 8 مارس وانطباعهنَّ بهذه المناسبة ومدى تمكن النساء من الحصول على حقوقهن .. وخرج بحصيلة اللقاءات الآتية :
تقول “فاتن الشريف” ناشطة اجتماعية :
“يأتي الثامن من مارس في كل عام ولا تزال المرأة الريفيةُ غارقةً في ظلامِ مجتمعها .. وظُلْمِهِ لها كأن مثلها لا يستحق النور في تلك المناطق البائسة.خاويةٌ من الحقوق ، مكتظةٌ بالواجبات
مدفونةٌ بمشاهد التغييب والإقصاء .. أول تلك المشاهد تهميش قضاياها ..
وحرمانها من شتَّى حقوقها .. بإطفاءِ مصابيحها على قارعةِ الجهل،
فأبسط تلك الحقوق حقها في التعليم !!
ذلك الطريق الذي إنْ فُتِحَ لها بعد طولِ عناءٍ توقَّفَتْ في بدايتهِ أو في منتصفِه !! ليقومَ الجهلُ بوأدِ ما تبقى من أحلامها وطموحاتها !! ” .
ازدادت في الآونة الأخيرة حوادث العنف الأسري ضد الفتيات وعلى وجه التحديد إجبارهنَّ على الزواج المبكِّر ،حيث تُسلَبُ – غالباً – حقوقهن وإرادتهن في اتخاذ قراراتهنّ ، ويتم إجبارهنَّ بالزواج قبل نضجهنَّ ودون مراعاةٍ للمخاطر والآثار السلبية المترتبة على ذلك ،
ويرى الكثيرون أنَّ الفقر أحد أبرز الأسباب المؤدية لإقدام الآباء وأولياء الأمور على اتخاذ تلك القرارات الظالمة بحقّهنّ إضافةً إلى الجهل وقلة الوعي في المجتمعات الريفية .
بينما ترى الإعلامية ” إشراق عمر ” – حسب المجتمع الذي تعيش فيه- أن النزوح -بسبب الحرب الدائرة في اليمن- أحد أكثر الأسباب التي لمِسَتْهَا مؤخراً وما يترتب عليه من عدم الشعور بالأمن وخوف الآباء من الآثار السلبية للنزوح مما اضطروا لتزويج فتياتهم خوفاً عليهنّ ، وترى كذلك أن بعض الآباء يعتبرون البنت عاراً عليهم ويُستحسن التخلّص منها بأسرع وقت .
وتضيف إشراق ” لقد حدثت نتائج سلبية كثيرة للزواج المبكر ومنها وفاة بعضهنَّ أثناء الولادة ، وكذلك الطلاق السريع بسبب أن الفتاة ليست مؤهلة لتكون ربة بيت” .
وعلى نفس السياق تتحدث (سماح ناصر) عاملة في إحدى المنظمات الغير حكومية قائلة ” : إن أحد الأسباب التي تم رصدها عن الزواج المبكر في الريف اليمني هو زواج( الشغار أو البدل ) ويتم هذا النوع من الزواج بتزويج فتاة من عائلةٍ ما لرجلٍ من عائلة أخرى مقابل زواج فتاة من العائلة الثانية لرجلٍ من العائلة الأولى دون دفع أي مهور للفتاة وهذا ما جعل بعض الأسر تختار هذا النوع لسهولة التكاليف المادية بالإضافة إلى التضحية بأي فتاة من العائلة مقابل زواج أخيها حتى لو كانت غير مهيَّأةٍ للزواج ” .
وتضيف “هناك حالات أخرى مازالت تحدث وتُسلب منها حقوق المرأة ..حيث يتخذ بعض الآباء وأولياء الأمور زواج فتياتهم تجارة رابحة ، وذلك عندما يزوجهنَّ ليأخذ عليهنّ مهورهِنَّ ويحرمهنَّ من حقهنَّ ولا يعطيهنَّ إلا الشيء اليسير الذي لا يكادُ يُذكَر ” .
وتقول أيضاً بعض الفتيات تعرَّضنَ للعنف الزوجي وهناك حوادث كثيرة حصلت في هذا الموضوع وإحدى تلك الحوادث .. تعرُّضُ بعضهنََ للحبس وحيداتٍ داخل منازلهنَّ وإغلاق الأبواب عليهنََ بسبب عدم الثقة نحوهنّ من بعض الأزواج ” .
وحول هذه النقطة تُضيف (فاتن ) قائلةً ” تُحْرَمُ المرأة الريفية من حقوقها وتَشْوِيْه ربيعها قبل أوانه بتزويجها مبكراً وجعْلها عرضةً للدمار الذاتي والأسري والمجتمعي ،وهناك الكثير من الحقوق التي تُحرم منها و يتكاتف عليها الجميع محيطاً و بيئةً وظروفا لحرمانها إياهافكيف تكتمل المجتمعات ؟؟أوَ ليست هي النصف الآخر لنفسِ المجتمع ؟؟ فكيف يكون المسؤول عن هدمهِ إذن هو نصفه الآخر ؟؟!! على الرغم من أن إعطاء المرأة حقوقها هو في صالحه دائما !! ”
وتتساءل
” ما ذنب تلك الأحلام وتلك الطموحات ؟
أ لم يئن لصباحاتها أن تكتملَ كغيرها ؟ ” .
من جهته يتحدث ” للحديدة نيوز ” الدكتور / علي الحاوري أستاذ الإذاعة والتلفزيون المشارك – قسم الإعلام -كلية الآداب- جامعة الحديدة قائلاً : “حرمان المرأة من التعليم في الوقت الحاضر بمجتمعنا يعود لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى ثم أسباب مجتمعية وثقافية بدرجة ثانية.
ولحسن الحظ بأن الوعي الجمعي لدى المجتمع اليمني في مناطق الريف قد تغيَّر بصورة كبيرة لصالح تعليم الفتاة في العقدين الماضيين، حيث نلاحظ اندفاعاً بشكل ملفت نحو العلم من قبل الفتيات والوالدين؛ ولكن الظروف الاقتصادية المتردية التي عاشتها اليمن نتيجة الأزمات المتتالية حالت دون تحقيق طموحات الفتاة ووالديها.
بمعنى آخر نستطيع أن نقول أن كلمة “عيب” فيما يخص تعليم الفتاة قد انتصرَ عليها المجتمعُ اليمني إلى حدٍّ كبير،أي أنَّ العائقَ الأساسي الآن أمام تعليم الفتاة اليمنية هو عائق اقتصادي، ثم يأتي عاملٌ آخر وهو عدم توفر البنية التعليمية في المناطق الريفية، حيث نجد أن المدارس الثانوية لا توجد إلا في مناطق محدودة، مما يتطلب تنقُّل الفتاة كل يوم إلى مسافات بعيدة شيئًا ما عن منازلهم، الأمر الذي يجعل الأهل يخشون على الفتيات من السفر اليومي، فيكون مبعث القلق هذا دافعًا للوالدين لتوقيف الإناث عن مواصلة التعليم” .
أما عن دور المرأة اليمنية يضيف الحاوري بقوله ” لعبتْ المرأة اليمنية دوراً عظيماً على مَرِّ التاريخ لا ينكرهُ إلا جاهل .
يكفينا شرفًا أنْ خلّد القرآنُ الكريم الحضارة اليمنية في فترة زمنية كانت تحكم الإمبراطورية اليمنية امرأة، ومن المعلوم تاريخيا أن الإمبراطورية السبئية كانت تحكم الجزيرة العربية وجزءاً من أفريقيا (الحبشة) (أثيوبيا وجيبوتي والصومال و أرتيريا)، بل امتدَّ نفوذها إلى شرق العالم وغربهِ في تلك الحِقبة.
إنها المرأة اليمنية التي أنجبت الأبطال، وزرعت الأرض، وحفظت المال والعرض عندما غاب الرجال، وحملت السيف في عصر الجهاد، وتخَطّت على سفوح الجبال وبطون الأودية وذرات الرمال، معلِّقةً عشق الوطن” .
تختمُ( فاتن الشريف) حديثها معنا عن نماذج مميزة من الفتيات الريفيات اللواتي لم يستسلمنَ عن تحقيق أحلامهن قائلةً
“إنَّ ما يشرقُ بقلبي دائما رغم حزنهِ وأساه على كلِّ واقعٍ نعيشهُ وكلِّ انطفاء أنَّه على الرغم من كل التحديات والمعوقات والصعوبات التي تواجهها الفتاة الريفية هناك الكثير ممن لم تدفعهن الظروف للاستسلام وتحدَّوا المستحيل وأثبتوا ذواتهنّ فكانت أحلامهنَّ بعد عناءٍ واقعاً عظيما رغم كل شيء “.