وثائق ومستندات جديدة تكشف المزيد من المعلومات عن فساد منظمة الغذاء العالمي
كشفت وثائق ومستندات جديدة، نشرتها صحيفةُ “المسيرة” المزيدَ من المعلومات عن حجم الفساد الذي يمارسُه “برنامجُ الأغذية العالمي” وغيرُهُ من المنظمات الأممية والدولية العاملة في اليمن، من خلال الإصرار المتواصِل على إدخال الأغذية والمواد الفاسدة والتالفة وتوزيعها لليمنيين المحاصَرين، في نشاط منافٍ تَمَاماً لكُلِّ الشعارات الإنسانية التي ترفعُها هذه المنظمات، التي لم تكتفِ بأن تنهبَ أكثرَ من ثلثي أموال “المانحين” كـ “نفقات تشغيلية” لموظفيها، كما تم كشفه سابقاً وبالوثائق، بل لا زالت ترسلُ سمومَها لليمنيين، وفوق ذلك كله، ما زالت تواصلُ محاولاتِها لابتزاز سلطة المجلس السياسي الأعلى، ساعية لتمرير كُـلّ ذلك الفساد الذي بات يبدو وكأنَّه مشروعٌ ربحي تخافُ أن يتوقفَ.
تتضمّنُ الوثائقُ الجديدةُ التي حصلت عليها الصحيفة، كشوفاتٍ لـ “المساعدات” التي تم رفضُها وإتلافُها من قبَلِ هيئة المواصفات والمقاييس، منذ العام الماضي، في عدد من المحافظات؛ وذلك بسَببِ عدم مطابقتها لمعايير الاستخدام البشري. شحنات فاسدة بكميات كبيرة جداً، تضمنت حتى “الأكياس الفارغة”، وكان بإمْكَان ذلك أن يشكل كارثية صحية غير مسبوقة إذَا ما وُزّعت على المواطنين، وترجح مصادر أنها قد تسببت فعلاً في تسميمِ الكثير من المواطنين، وأسهمت في انتشار الكثير من الأمراض التي شهدها اليمنُ خلال الفترة الماضية.
تضُمُّ إحدى الوثائق، كشفاً للشحنات التي تم إتلافُها من مساعدات المنظمات الدولية؛ بسَبَبِ عدم صلاحيتها للاستخدام، ويلاحَظُ أن النصيبَ الأكبر منها لـ”برنامج الغذاء العالمي”.
وبحسب الكشف، فقد قام ديوان عام الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس، منذ نهاية يناير 2019، وحتى منتصف أكتوبر 2019، بإتلاف ما يقارب (385) طناً من مواد (دقيق القمح الأبيض والبسكويت وخليط القمح والصويا والعدس والمكملات الغذائية والسكر والزيت)، إلى جانب قرابة ألف كيس من (البقوليات ودقيق القمح المدعم)، وكل هذه المواد تم إدخالها عبر برنامج الغذاء العالمي.
ويوضح الكشف أَيْـضاً أن فرع هيئة المواصفات والمقاييس في محافظة إب قام بإتلاف (636) كيساً من (الدقيق الأبيض والملح والسكر والعدس) إلى جانب أكثر من (65) ألف كرتون وعلبة من مواد (البزاليا والتونة وخليط القمح والصويا والحلاوة الطحينية والزيت النباتي)، وذلك خلال شهر يوليو من العام الماضي، وكل تلك المواد تحملُ شعارَ برنامج الغذاء العالمي.
بالمثل، يوضحُ الكشفُ آلافَ الأطنان والأكياس والكراتين والعلب، التي تحتوي على مواد فاسدة ومنتهية جاءت عبر برنامج الغذاء العالمي ومنظمات أُخرى، وأتلفتها هيئةُ المواصفات والمقاييس في الحديدة وحجَّة وعمران وصعدةَ ومركَز عفار ومركَز الراهدة ومركَز سفيان، وذلك منذ العام الماضي وحتى فبراير المنصرم.
واحتوت الوثائقُ على جدول يلخص إجمالي الشحنات التي تم إتلافُها خلال هذه الفترة، ويوضح الجدول أن تلك الشحناتِ تتضمن أكثرَ من (407) أطنانٍ من (دقيق القمح، وخليط القمح والصويا، والبسكويت، ومواد غذائية متنوعة)، إلى جانب ما يقارب (2000) كرتون من (الحلاوة الطحينية والفول والمكمِّلات الغذائية والبزاليا والتونة والزيت) وقرابة (ألف) كيس من البقوليات والسكر والملح، مع العلم أن حوالي 90% من هذه المواد دخلت عبر برنامج الأغذية العالمي الذي لا زال يحاولُ التنصُّلَ من هذا الفساد الكارثي، ويهاجمُ سلطاتِ المجلس السياسي الأعلى؛ لأَنَّها منعت هذه السمومَ من أن تقتُلَ الناس!
ما سبق لم يكن سوى جزءٍ بسيطٍ من المواد المسمومة التي يُدخِلُها “برنامجُ الغذاء” وغيرُه من المنظمات الدولية إلى اليمن، تحت اسم “مساعدات”، ولكن الأمر أكبر من هذه الأرقام بكثير، وقد سبق وكشفت صحيفة المسيرة في عدة تقاريرَ وبالوثائق عن شحنات أُخرى من المواد الغذائية والدوائية الفاسدة والمنتهية التي تم رفضُها وإتلافُها.
والواقعُ أنه يمكنُنا القول: إن معظمَ ما تقومُ المنظماتُ الأممية والدولية بإدخاله إلى اليمن هو عبارةٌ عن مواد فاسدة ومنتهية، إذ تظهر الوثائق التي بين أيدينا اليوم، أن هيئة المواصفات والمقاييس رفضت خلال العام الماضي أكثر من (464 ألفاً) من “الأكياس الفارغة” والتي تُستخدَمُ لتعبئة الدقيق والبقوليات، والتي أرسلها برنامج الغذاء العالمي.. حتى الأكياس الفارغة لم تسلم من هذا الفساد “الإغاثي”!.
وإلى جانب ما سبق، حصلت صحيفة المسيرة على وثيقتَي “رفضٍ كلي” صادرتين عن الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس فرع الحديدة، تتعلقان بشحنتَين كبيرتَين من “الدقيق” أرسلهما برنامجُ الغذاء العالمي، العامَ الماضيَ إلى ميناء الحديدة، وتم رفضُهما؛ لعدم مطابقتهما للمواصفات الصحية.
تتعلَّقُ الوثيقةُ الأولى بشُحنة وصلت إلى الميناء في مايو 2019، وتحتوي على (163 ألفاً وَ892) كيساً من “دقيق القمح” الذي أرسله البرنامج كمساعدات، وتتضمن الوثيقة إشعاراً لمدير عام جمرك ميناء الحديدة يقول إنه “تبين من خلال المعاينة والفحص بأن الإرساليةَ غيرُ مطابقة للمواصفات القياسية المعتمدة الخَاصَّة بها من حيث وجودِ حشراتٍ ميتةٍ فيها، وبذلك تعتبر الكمية تالفةً وغيرَ صالحة للاستهلاك الآدمي، وعليه يرجى التوجيهُ بإعادة تصدير الكمية على نفس الباخرة”.
وتتعلق الوثيقةُ الثانية بشحنة أُخرى وصلت إلى الميناءِ في سبتمبر 2019، وتحتوي على (100 ألف و5 أكياس) من الدقيق الذي أرسله البرنامجُ أيضاً، وتوضح الوثيقة أن سببَ رفض هذه الشحنة هو أن تأريخَ الانتهاء يسبقُ تاريخَ الإنتاج.
ماذا لو وُزِّعت هذه الموادُّ التالفةُ على المواطنين؟! يتجاهلُ برنامج الغذاء هذا السؤال باستمرار ويستمرُّ بإدخال المزيد من هذه المواد، وبدلاً عن أن يتحمل المسؤولية التي يفترَضُ به أن يتحملها، يتهربُ بوقاحة ويحاول أَيْـضاً أن يهاجمَ سلطات صنعاء؛ لأَنَّها تمنعُ هذه السموم من أن تقتلَ اليمنيين.
ويتماهى “مجلسُ الأمن” مع ذلك الفساد الإجرامي بكل وقاحة أيضاً، ليؤكّـدَ على أن الأغذية الفاسدة والتالفة ليست إلا وسيلة إضافية من وسائل العدوان على اليمن، شأنُها شأنُ شحنات الأسلحة التي يواصلُ مجلسُ الأمن نفسُه التغاضيَ عنها ودعمَ استمرارها برغم الجرائم المشهودة التي ترتكبُها دولُ العدوان بحق اليمنيين.
والحقيقةُ أن كُـلَّ هذه الحملاتِ التي يشُنُّها برنامجُ الغذاء وبقيةُ المنظمات الأممية على صنعاءَ بخصوصِ “العمل الإغاثي” ليست إلا محاولات ضغط؛ سعياً لتمريرِ استمرارِ هذا الفساد الذي من الواضح أنه يُدِرُّ أرباحاً كبيرةً إلى جيوبِ هذه المنظمات، على حساب معاناة اليمنيين، إلى جانب كونه غطاءً للعمل الاستخباراتي التي باتت هذه المنظمات تمارسُهُ بوضوح لصالحِ دول العدوان التي ليس من قبيل الصدفة أن تكونَ هي نفسها “الدول المانحة” التي تموِّلُ هذه المنظماتِ وهذا الفسادَ.