التحالف يضيق الخناق على الناس باستمرار إعاقة صرف المرتبات
محمد الجبري
في كل جولة من جولات التفاوض لوقف العدوان وإحلال السلام في اليمن يصر العدوان بأدواته التي لا تزال تطمح في الحصول على المزيد كما يظن من خلال التحالف الغاشم أن يكون داعماً لها إلا أنه أثبت وفي كل مرة وأكثر من مكان أنه يبحث عن مصالحه الفردية تاركاً وراءه خدمه وعبيده يواجهون مصيرهم وينالون شر الهزائم المستمرة على أيدي الجيش واللجان الشعبية في جبهات القتال وكذلك كشف أوراقهم اللاوطنية خلال المفاوضات التي دارت مع الوفد الوطني من صنعاء ليعريهم ويفضحهم أمام الشعب اليمني.
حقد العدوان
ويعتبر الملف الاقتصادي في مفاوضات واتفاقية استوكهولم أحد الملفات الشائكة والتي سعى العدوان إلى استغلالها من أجل إركاع اليمن وأبطاله الرافضين للوصاية والاحتلال والتبعية في كل مرة والذي بدأ وللأسف الشديد بمساعدة من أبناء هذا البلد عملوا كعملاء وساعدوا العدوان ودوله في تنفيذ مخططاتهم الخبيثة في تجفيف المنابع الاقتصادية والتي كانت في الأساس بسيطة تغطي احتياجات اليمن واليمنيين نعم إن تدمير البنية التحتية بكل أشكالها المختلفة خاصة التي مست الجانب الاقتصادي فاقمت الأزمة الاقتصادية حيث دمر العدوان المصانع والمتاجر الحيوية التي كانت تدر على الاقتصاد اليمني بعضاً من الأموال وعمل على إغلاق الطرق والمطارات والموانئ أن اكبر جرائم العدوان مع حلفائه تتمثل في نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن رغم التزام البنك المركزي في صنعاء بتسديد المرتبات لجميع الموظفين في أنحاء الجمهورية اليمنية والذي تم نقله تحت مبررات كاذبة ولا يمت إلى المصداقية بأية صلة كل ما ادعاه ولكن تم استغلال هذا الأمر للضغط على حكومة صنعاء بالتراجع حول ما أحرزته من تقدم على الساحة السياسية والعسكرية والاقتصادية.
اتفاق الحديدة ومساعي العدوان لإفشاله
التزم الوفد الوطني بتنفيذ ما عليه من التزامات في الجانب الاقتصادي في اتفاق ستوكهولم الذي ابرم في السويد بشأن الحديدة فقد قام بتوريد عائدات ضرائب النفط وإيداع جميع إيرادات موانئ الحديدة الثلاثة إلى حساب خاص بصرف المرتبات لجميع الموظفين في أنحاء الجمهورية اليمنية في فرع البنك المركزي اليمني في الحديدة، وبذلك عبَّر الوفد الوطني عن صدق النوايا تجاه الملف الاقتصادي على أن يقوم الطرف الآخر من الشرعية المزعومة ومن ورائه التحالف الغاشم باستكمال واستيفاء المبالغ المورَّدة من حكومة صنعاء وصرف المرتبات، إلا أن شرعية هادي والرياض لم تلتزم بذلك الاتفاق وضربت به عرض الحائط أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة الوسيط بين الطرفين وهو ما أكده الوفد الوطني الذي شارك في مباحثات الأردن من منتصف مايو 2019م.
بيان الوفد الوطني
أصدر الوفد الاقتصادي المشارك في محادثات الأردن بياناً في ختام المباحثات التي عقدت بالعاصمة عمان خلال الفترة 14 إلى 16 مايو من العام الماضي ، والتي كرست لمناقشة الجانب الاقتصادي المتعلق باتفاق الحديدة الذي اتفق عليه الطرفان في مشاورات ستوكهولم.
حيث أوضح الوفد الاقتصادي في البيان الذي أصدره آنذاك أن الاجتماعات ناقشت البند المتعلق بالجانب الاقتصادي في اتفاق الحديدة الذي يتضمن إيداع جميع إيرادات موانئ الحديدة الثلاثة وصرف مرتبات الموظفين في كل أنحاء الجمهورية اليمنية.
وأشار إلى أن الهدف الرئيسي من هذا الاتفاق هو تخفيف المعاناة الإنسانية لأبناء الشعب اليمني، وقدم الفريق الاقتصادي رؤيته إلى مكتب المبعوث الأممي من أجل تحقيق هذا الهدف المهم والذي يصب في الصالح العام لكل أبناء الشعب اليمني.
ولفت البيان إلى أنه تم عقد لقاءات منفردة مع كل طرف من قبل مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن وبحضور ممثلي الجهات ذات الاختصاص من المؤسسات المالية الدولية بما فيها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة، وتمت مناقشة تعريف بعض المصطلحات فيما يخص الإيرادات والمرتبات والنفقات الحتمية وطبيعة الدور الرقابي والإشرافي الذي ستساهم به الأمم المتحدة ممثلة ببرنامجها الإنمائي والآلية للتوريد والصرف من الحساب الخاص الذي سيتم إنشاؤه في فرع البنك المركزي في محافظة الحديدة.
وبناء على النقاشات التي تمت، قدم مكتب المبعوث بعض الأفكار والآليات حول موضوع إيرادات الحديدة وأوجه استخدامات تلك الإيرادات، وكان من المؤمل إنجازها في هذا اللقاء لولا تعنت الطرف الآخر وقيامه بالإعلان مسبقا عن فشل الاجتماعات قبل نهايتها.
وبين الوفد الاقتصادي أن الأمم المتحدة اقترحت معاودة اللقاء في شهر يونيو القادم للمضي قدما في تنفيذ اتفاق اقتصادي يساعد في صرف المرتبات التي توقفت منذ الإجراء التعسفي بنقل البنك المركزي إلى عدن في سبتمبر 2016م.
وأكد الوفد أنه كان من المؤمل تحقيق نجاح خلال هذه المحادثات إلا أن الطرف الآخر ركز على جوانب شكلية خارج مفهوم الاتفاق كليا وتناسى أن اتفاق الحديدة جاء من اجل الحد من تدهور الوضع الإنساني وارتفاع معدل الفقر وتجنيب اليمن خطر المجاعة.
ولفت إلى أن الطرف الآخر لم يكن جادا في اختيار ممثلي فريقه، أعضاء ليس لهم خلفية أو معرفة بالجانب اقتصادية والذي كان يتحكم بشكل كامل في مداخلات الفريق الآخر، مما يدل على الإصرار على تسييس الوضع الإنساني والاقتصادي والتدخل في أمور ليست من اختصاصهم.
وقال البيان” كنا نطمح إلى أن تكون مخرجات الاتفاق لبنة أولى في تحييد الاقتصاد وتوحيد واستقلالية البنك المركزي اليمني، وأن يغطي اللقاء كافة القضايا الاقتصادية المهمة والعاجلة التي تعتبر أولوية للمعالجة وأن يستأنف مناقشة مسودة الاتفاق الاقتصادي التي تضمنها اتفاق ستوكهولم، ونأمل ترتيب اللقاء القادم في القريب العاجل للحد من تدهور الوضع الإنساني والاقتصادي الذي يعاني منه كل أبناء الشعب اليمني”.
تعنت مستمر
وكانت اللجنة الاقتصادية في العاصمة صنعاء قد أكدت أن وفدا رسميا من البنك المركزي اليمني غادر حينها للمشاركة في لقاء اقتصادي بالعاصمة الأردنية عمان، لمناقشة تنفيذ الشق الاقتصادي في اتفاق السويد وفي المقدمة إيرادات الموانئ ودفع مرتبات الموظفين في كافة أنحاء الجمهورية.
وأشار المصدر إلى أن اللجنة الاقتصادية منفتحة على كل خيارات التفاوض والتنسيق التي من شأنها التخفيف من معاناة المواطن وتحييد الاقتصاد ودفع مرتبات الموظفين، ورفع الحصار، وتدعو الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤوليتها للضغط على الطرف الآخر للالتزام بتنفيذ الاتفاق.
وقال المصدر” في الحقيقة نحن غير متفائلين بمخرجات هذا اللقاء نظراً للتجارب السابقة والمتعددة التي أثبتت الأمم المتحدة فشلها في الضغط على الطرف الآخر لفتح المطار أو صرف الرواتب رغم مبادراتنا المتكررة في ذلك “.
وأضاف: اللجنة الاقتصادية استكملت دراسة خيارات الرد في المسارات الاقتصادية، وتم رفعها للقيادة يومنا هذا، في انتظار التوجيهات لتنفيذ خيارات كبيرة ومزعجة في حال فشل هذا اللقاء عن تحقيق مطالب الشعب اليمني بتحييد الاقتصاد وإيقاف استهداف المنشآت الاقتصادية ودفع الرواتب ورفع الحصار والإفراج عن سفن المشتقات النفطية المحتجزة.
ودعا المصدر المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى الضغط في سبيل تحييد مصالح عامة الناس وشؤون حياتهم ومنع العدوان من استخدام الورقة الاقتصادية كسلاح حرب في مخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية بغرض تجويع وتركيع الشعب لاحتلال أرضه ونهب مقدراته.
ونصح المصدر الطرف الآخر بتحكيم العقل والمصلحة الوطنية والاستجابة لهذه المبادرة التي تعتبر فرصه أخيرة، ما لم فالشعب اليمني قد عقد العزم على الدفاع عن مصالحه الاقتصادية بكل الخيارات المتاحة لديه وسيتحمل الطرف الآخر والمجتمع الدولي مسؤولية التداعيات التي قد تحدث.
وأهاب المصدر بالشعب اليمني استمرار الجهوزية والاصطفاف ورفد الخيارات الاقتصادية في حالة أي عرقلة للمساعي الإيجابية للأمم المتحدة لتحييد الاقتصاد.
وأشاد في الوقت نفسه بالتجاوب الكبير من أبناء الشعب اليمني وفي الطليعة الأكاديميون والخبراء والكفاءات الذين تفاعلوا مع دعوة اللجنة الاقتصادية لرفد الخيارات الاقتصادية بالرؤى والأفكار والمقترحات.
ويبدو أن الجولات لازالت تراوح مكانها بين الفشل والفشل وذلك لأن دول العدوان المشاركة في العدوان على اليمن تريد ذلك متناسية ان الصبر الذي يبديه الجانب الوطني اليمني الحر قد ينفد، الأمر الذي سيتمخض عنه الرفض التام للتحاور وبدء مرحلة جديدة من الكفاح لأجل تحرير ما تبقى من أرض الوطن الذي فشل المتآمرون عليه وتحالفهم الغاصب والغاشم في تحقيق أدنى مستوى معيشي مستقر وأمني، وإزاء عدم جدية العدوان وتحالفه في إنقاذ اليمن من الهلاك فلا بد أن يدرك العدوان وأدواته أن الصبر بدأ في النفاد وأن الاحتماء بدول كبرى لن يطول خصوصاً بعد مواجهتها معارضة كبيرة من المنظمات الإنسانية والحقوقية الموجودة فيها إزاء قتل الأبرياء وموت الآلاف في اليمن بسبب الجوع والفقر.