إشراق: فتاةٌ ريفية تنجح في محو أمية نساء قريتها

أنور الطيب

لم تستطع عادات وتقاليد ونظرة مجتمعها الريفي وقيودِه .. إيقاف ( إشراق عُمَر 23عاماً ) عن تحقيق طموحاتها ومواصلة تعليمها ، ابتداءً من محاولة إيقافها المُتَعَمَّد عن التعليم ، ومروراً بالقيود الأُسرية التي فُرِضَتْ عليها كفتاةٍ ريفية .

تقول إشراق لموقع الحديدة نيوز ” كَوني أعيشُ في مجتمعٍ ريفيٍّ يَسُودُهُ الجهل وعدم الوعي بدور المرأة وأهميتها في تنمية الأسرة والمجتمع أصررتُ وبكل طاقتي أن أعمل على تغيير سلوك وثقافة المجتمع من خلال مواصلة تعليمي الثانوي والجامعي رغم الظروف الصعبة التي نعيشها “


أكْمَلَتْ “إشراق” دراستها الثانوية والتَحَقتْ بقسم الإعلام بالحديدة وهو القِسم الذي اختارته بإرادتها و قناعتها الشخصية ، حيث ترى أنه البوابة التي ستوصلها لتحقيق أهدافها .

وفي لحظةٍ ما استطاعت ثقافة مجتمعها وبكلِّ قوةٍ الضغط و التأثير في أُسرتها وإقناعهم لإيقافها عن دراسة الإعلام لأنه حسب وجهة نظرهم – يخدشُ عادات وقيم المجتمع .

تقول إشراق ” في تلك الفترة التي كانت ثقافة المجتمع ترى أنها استطاعت أن تمنعني من تحقيق هدفي قُمتُ بإنشاء (مركز السلام لمحو الأمية) لتعليم المرأة وهو الوحيد في قريتي الريفية مما أسهم في التحاق عدد كبير من الأمهات  ثمّ توسّعت لدي الفكرة لإنشاء مبادرة ( أجيال المستقبل ) حيث قمنا بتنفيذ عدد من الندوات والمحاضرات التوعوية للمرأة كما قمنا بتنمية قدرات ومهارات المرأة حرفياً ومهنياً مما جعلها مُشَارِكةً للرجل في رفع مستوى دخل الأسرة “.


( أم عفاف ) إحدى الأمهات اللواتي التحقْنَ بالمركز والمبادرة تقول ” كانت أمنيتي فقط أن أتعلم القراءة والكتابة وكان لإشراق الفضل – بعد الله- في تحقيقها ، وإضافة لذلك تعلمتُ مهنة الخياطة والتي ساعدتني في توفير الدخل لأسرتي كما تم تعريفنا بحقوق المرأة، وحقّها في أن تكون معلّمة أو طبيبة أو مهندِسَة أو إعلامية…الخ، مما جعلنا – نحن الأمهات – نشجع بناتنا على تحديد مستقبلهنَّ ومواصلة تعليمهن ” .

كانت إرادة إشراق أقوى من كل التحديات ، حيث لاقت الكثير من المعوّقات إلا أنها تغلّبت عليها بفضل حنكتها وإرادتها وانتزعت حقوقهنَّ وانتصرت لنفسها ولمجتمعها .

تقول إشراق ” بعد مرور عام من إيقافي عن الدراسة
وخوفاً مني على أن لايدخل العام الثاني ..
استثمرتُ ماقد حققتُهُ من نتائج المركز والمبادرة من تغيير ثقافة المجتمع نحو المرأة ؛ فاستطعت _بفضل الله- مواصلة دراستي بعد التأثير في أسرتي و مجتمعي الذين كانوا سبباً في محاولة منعي من تحقيق ذلك .

(أ/ عصام محمد ) أخصائي في علم الاجتماع يحدثنا عن طبيعة بعض المجتمعات ومدى استجابتهم لتلك العادات والتقاليد قائلاً “إنه لمن الصعبِ أن تُحدِث تغييراً جذرياً في ثقافة مجتمعٍ تَحكُمُهُ العاداتُ والتقاليد التي يؤدي بعضها إلى حرمان المرأة من أبسط حقوقها ، فهناك الكثير من المجتمعات الريفية لازالت متأثرةً بها ولا تقبل النقاش حولها ” .

(وفاء عبدالله ) إحدى فتيات هذه القرية اللواتي قيَّدتهن تلك العادات والتقاليد.
تقول ” لقد عانيت كثيراً ومثلي الكثير من تلك العادات والتقاليد ،
وكنا لانمتلك الإرادة والجرأة للمطالبة بحقوقنا
إلا أن إشراق كانت أكثر جرأةً وإرادةً وأقوى تأثيراً، فكانت حافزاً لاندفاعنا للمطالبة بحقوقنا ومناصرة قضايانا .


إشراق بذكائها استطاعت تنوير مجتمعها وإنقاذ حوَّاء من شبح التخلَّف الذي طاردَهنَ
فأشعلت في نفوس قريناتها ثورةً لتغيير تلك العادات والثقافات والسلوكيات الخاطئة التي غيَّبَتْ أدوارهنَّ و حرمتهن من ممارسة حقوقهن .

لم تتوقف نجاحات ” إشراق ” عند هذا فحسب بل استطاعت توظيف ما اكتَسَبَتهُ من هوايتها الإعلامية
بمشاركتها في معرض الصور الفوتغرافي الذي أقامته مؤسسة بنات الحديدة، وحصدِها المـركـز الأول لأجمل صورة معبِّرة – التقطتها بعدستها _حول الشراكة بين الرجل والمرأة .

قد يعجبك ايضا