الجسر الجوي الطبي .. الأمل البعيد


منذ خمسة أعوام والشعب اليمني يتجرع الموت بشكل مستمر، فمنهم من يموت بطائرات التحالف ومنهم من يموت جوعا نتيجة الحصار الذي تفرضه قوى تحالف على اليمن، والبعض يموت بسبب داء بعد ان حال بينهُ وبين علاجه مطار صنعاء المُغلق منذ اربعة اعوام من قبل قوات التحالف.

الجسر الطبي الجوي الذي تصفه وسائل الإعلام والمنظمات إلانسانية والأمم المتحدة بالعمل الإنساني ماهو إلا ذريعة لتبرير موقف دول التحالف في حصار الشعب اليمني والعزف على معاناته ومواجعه التي أنهكته وسلبت حياة الكثير من مواطنيه بلا مبرر حقيقي يمكن لقوى التحالف الإستناد له كي يفرضوا حصارهم وهيمنتهم على هذا الشعب.

ماجرى في السادس عشر من سبتمبر 2019 بين الخارجية اليمنية والمنسقة الأممية للشؤون الإنسانية في اليمن ليز جراندي من اتفاق حول الجسر الجوي الطبي لنقل المرضى اليمنيين لعلاجهم في الخارج ظل مرميا خلف أدراج الموت حتى الثالث من فبراير الجاري لتبدأ أول رحلة بنقل 7 مرضى كمجوعة أولى حيث إنه كان الإتفاق فيها على إجلاء 30 مريضا بالإضافة إلى مرافقيهم.

 

وإشار بيان المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إلى أن باقي المرضى من المجموعة الأولى سيتم نقلهم في رحلة جوية ثانية.

 

7 مرضى غادروا صنعاء من بين 32 ألف مريض تقدموا بطلبات السفر للخارج لإنقاذ حياتهم التي أصبحت على وشك المغادرة في أي لحظة، ومازال الإنتظار جارِ حتى التاسع من يناير الجاري الذي تم فيه إجلاء 23 مريضا لتكتمل أول رحلة جوية طبية لـ 30 مريضا تم نقلهم إلى الأردن ومصر بعد بعد طول إنتظار.

كم بقي من حياة هؤلاء المرضي؟!

 

إن استمرت هذه الرحلات بشكل منتظم ودوري أي أنه يتم في كل ستة أيم إجلاء 30 مريضا فيسيتم إجلاء آخر مريض بعد 15 سنة، ربما يأتي ذلك الموعد وتصبح جوازات السفر في أيادي أبناء المرضى أو أخوانهم الأصغر منهم وهم يطالبون بالسفر للعلاج بعد وفاة ذاك المريض الذي طال انتظاره لسفرية الأمم المتحدة حتى وافته منيته ربما بسبب المرض وربما قهرا على الوضع الذي يعيش فيه من حصار خانق.

 

قال المبعوث الأممي مارتن غريفيث في بيان مشترك مع منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ومنظمة الحصة العالمية أن الأمم المتحدة ستبذل ما بوسعها لضمان إستمرار الجسر الطبي الجوي كحل مؤقت لتخفيف معاناة اليمني، حتى يتم التوصل أكثر استدامة في المستقبل القريب.

على ما يبدو أن استمرار تلك الرحلات لم يدم طويلا خصوصا بعد عملية البنيان المرصوص التي نفذها أبطال الجيش واللجان الشعبية في مديرية نهم ومفرق الجوف ومارب والتي حرروا فيها حوالي 2500 كم مربع، والتي نتج عنها الكثير من العراقيل في استكمال نقل مرضى المجموعة الأولى المكونة من 30 مريضا.

ويؤكد ذلك تصريح أمين عام المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية عبد المحسن طاووس الذي قال فيه “ترويج منظمات أممية بوقف المساعدات جاء بالتزامن مع ما يحدث من انتصارات في مأرب والجوف”.

مطار المبعوث الأممي

 

مابين فترة وأخرى تهبط طائرة مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث وتقلع طـائرة إحدى المنظمات الإنسانية التي عاثت في الأرض فسادا بإسم المساعدات الإنسانية، وحسب ماقاله أمين عام المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية طاووس أن المساعدات الإنسانية التي تصل إلى الشعب اليمني لاترقى إلى 20% مما يحتاجه الشعب.

فما قيمة تلك الإدعاءات لمساعدة وإنقاذ الشعب من الموت إلى الموت، فقط أحبار على ورق تتخذها المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة كوسيلة لخدمة التحالف في قتل الشعب اليمني الذي عجز تحالف الشر عن إخضاعه بقوة السلاح المستورد من أنحاء العالم.

 

مطار صنعاء صالة إنتظار الموت البطيء.

 

المرضى اليمنيون أصبح مطار صنعاء بالنسبة لهم هو المستشفى الذي يستمرون في السؤال عنه وعن الأجراءات والاتفاقيات التي تقتضي فتحه، لكن بلا جدوى، فيمر عليهم الشهر بعد الشهر والعام تلو العام وحالتهم تزداد سوءا وتعصيا فضلا عن أولئك الذين زارهم الموت قبل أن يسمعوا حتى بفتح الجسر الجوي الطبي لإنقاذ المرضى، فبدلا من سؤالهم عن الدولة التي يذهبون للعلاج فيها أو المستشفى الذي سيتعالجون فيه أصبح سؤالهم فقط عن فتح مطار صنعاء رغم يقين الكثير منهم بعدم سفرهم، وبحسب ما نشره موقع بي بي سي عن إحدى المسؤولات في منظمة الصحة العالمية أنهم عندما كانوا يتحدثون إلى عائلات المرضى – المسجلين لديهم منذ فترة- لإخطارهم بموعد الرحلات الجوية، كان بعضهم يغلق هاتفه بغضب بعدما يخبرهم أن المريض قد فارق الحياة الحياة.

لم يعد لدى هولاء المرضى الوقت الكافي لإنتظار فتح مطار صنعاء، لذلك أصبح إنتظار الموت الذي سيأتي حتما أفضل من إنتظار فتح المطار الذي ربما يفتح وربما لا، وإن فتُح فقد يفتح فترة بسيطة حتى تختلق دول التحالف ذريعة جديدة لإغلاقه ومنع رحلات الجسر الطبي الجوي كعادتها.

كل ما يريده تحالف العدوان على اليمن هو قتل الشعب اليمني بأي وسيلة، متخذين كل الأساليب التي من شأنها أن تزهق أرواحهم وتمحو تاريخهم، فبعد فشلهم في الحسم العسكري وخسائرهم يوما بعد يوم ايقنوا أن لاجدوى من إركاع الشعب اليمني إلا بحصاره وقطع كل السبل عنه المؤدية إلى إكمال حياته بسلام.

قد يعجبك ايضا