في الحديدة .. بؤس وشقاء ومعاناة لاتنتهي

أصوات الصواريخ تثير فزع الأطفال والكبار، والقذائف كل يوم تحت مسمى الخطأ تحصد أرواح الجيران وأبناء منطقته.

أبو أحمد (60 عاماً) أحد سكان مديرية الدريهمي بالحديدة لم تكتفي الحرب بتشريده من بيته، بل نسجت له حبلا من البؤس والشقاء ووضعت على كاهله ثلاثة أطفال أنهكهم المرض.

يروي أبو أحمد تفاصيل قصته مع الحرب قائلا ” كانت أصوات الرصاص والقذائف قريبة منا وتثير مخاوفنا، فنزحنا ولكن الحياة أصبحت صعبه بالنسبة لي وانا احد العشرات الذين نزحوا من الحرب”، ويضيف لـ”الحديدة نيوز” بصوت يملؤه الحزن والألم ” أطفالي الثلاثة مصابين بأمراض السكري والعمى وضعف السمع، ولم يكن هذا الامراض موجودة في أولادي منذ الولادة”.

يقول أبو أحمد أنه بسبب الحرب ترك بيته ونزح إلى مديرية بني سعد القريبة من باجل بالحديدة، واستقر هناك مع زوجته وأطفاله، ولكن ظروف المعيشة هناك لم تكن ملائمة نتيجة قربها من الحديدة، ظل يبحث عن مصدر للرزق كي يستقر مع أسرته هناك، ولكن لم يجد فرصة عمل يكسب من خلالها قوت أطفاله الذين يشكون من آلام آذانهم وضعف النظر لديهم قام بإسعافهم إلى المراكز الصحية القريبة منه، إلا أنها كما يقول الأم تفتقر إلى امكانيات حديثة، ويضيف أبو أحمد “عشان معالجة أطفالي قررت النزوح مرة أخرى إلى مدينة المحويت، وقمت  أسعفتهم إلى المستشفى الجمهوري  وعملنا لهم الفحوصات اللازمة للعيون والأذن، وعرضناها على الدكتور المختص، وقال لي ان أولادي عندهم عمى جزئي وضعف في السمع”.

وبحسب الأب فقد رجّح الدكتور أن اصابة الاطفال بعمى جزئي وضعف في السمع سببه أصوات الصواريخ والانفجارات العنيفة والصدمات النفسية التي كانوا يتعرضون لها في مناطق الحرب بالدريهمي.

ويستدرك أبو أحمد حديثه” وعملنا لأطفالي فحوصات أخرى، وكانت النتائج أن اثنين من اولادي مصابين أيضاً بمرض السكري، إلى جانب اصابتهم بالعمى الجزئي وضعف السمع”.

ضاق الحال بأبي أحمد في مدينة المحويت، فلم يجد عملا يستطيع من خلاله توفير لقمة العيش وشراء أدوية لأطفاله الثلاثة، فقرر النزوح مع أسرته إلى صنعاء، معتقدا أن فرص الحصول على عمل في صنعاء أكثر.

يقول “انتقلت إلى العاصمة صنعاء للبحث عن العمل ولكن لم أجد عمل مناسب وقد انهكني البحث وأطفالي بحاجه للأدوية شكيت لشخص همي فنصحني بالذهاب إلى صندوق رعاية المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة”.

ويضيف أبو أحمد “لم استطيع ان أرى فلذات كبدي(أطفالي) وهم بهذا الحال من المرض، وذهبت إلى مركز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة وقدمت لهم جميع الأوراق والفحوصات لعلهم يساعدوني ولو بشيء بسيط يخفف عني جزء من الأعباء التي أرهقتني”،مع أطفاله الثلاثة، احمد 14عاما ومنى 10 اعوام المصابين بعمى جزئي وضعف في السمع ومرض السكري، وعبدالله 12 عاما المصاب بعمى جزئي وضعف في السمع؛ يذهب أبو أحمد كل يوم إلى مركز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، لعل أحد يلتفت لحاله ويهون عليه مصيبته “كل يوم اذهب وآخذ معي كل الأوراق الخاصه بهم والتي تثبت انهم من ذوي الاحتياجات الخاصه ويحملون مرض السكري ويعانون من ضعف في السمع وعمى جزئي. عسى أن يلتفتوا ولأطفالي وينظرون في طلبي..ولكن دون جدوى تذكر”.

يقول أبو أحمد بنبرة صوت يكسوها الوجع، ” اصبحت اتعب وخاصة ان الوضع المادي لا يساعدني على تكاليف التنقل،فبعض الأحيان اظل امشي مسافات طويلة أنا واولادي الثلاثة لعدم توفر مصاريف التنقلات” ويضيف أن بعض أصحاب حافلات النقل أحياناً يرفضون أن يقلّوه بمبلغ بسيط، مضيفا أنه لم يعد يقوى على الذهاب في كل يوم دون ان يحصل على شيء يذكر.

لم يتوقف أبو أحمد عن البحث عن عمل يقتات منه هو وأسرته، ويوفر لأطفاله الأدوية الضروية، ولم يترك بابا إلا قرعه حتى أشار له البعض بالذهاب إلى المنظمات الصحية ولكن كما يقول “ذهبت لطرق أبواب المنظمات الدولية والمحلية ولكن كل الأبواب تغلق في وجهي.

رغم أني لا أريد منهم شيء سوى توفير سماعات لأطفالي ومساعدتي في تغطية تكاليف العلاج”.

ويختم أبو أحمد حديثه ” لا أحد هنا ينظر لنا فأنا انسان لا توجد لدي وساطة. أنا مواطن رمت به الحرب إلى جحيم المعاناة التي أعيشها الآن”  ويستدرك والحسرة في عينيه “قبل الحرب كنت استطيع ان اعمل واستطيع ان اتحمل تكاليف العلاجات اما الآن لم أعد قادر على تحمل كل هذه المعاناة فقد كبرت وانهكت قواي بسبب الحرب”.

قد يعجبك ايضا