العمل في ظل الحروب والمعاناة: تجربة طبيبة يمنية تسعى إلى إنقاذ حياة الأمهات والأطفال حديثي الولادة
Share
كيف تبدو تجربة خدمة المتأثرين من الحروب والنزاعات في مناطق مثل اليمن؟ وما حجم التحديات والتضحيات اليومية التي يقدمها موظفو وموظفات الأمم المتحدة في سبيل خدمة من يقاسون مرارات الحروب والمعاناة، وبالذات النساء والأطفال؟
نستعرض من خلال قصتنا هذه تجربة الطبيبة اليمنية، أفراح ثابت الأديمي، أخصائية برامج الصحة الإنجابية بمكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن.
تقول أفراح في حوارها مع أخبار الأمم المتحدة إنها كانت تعمل مع الحكومة اليمنية كطبيبة نسائية، قبل التحاقها بالأمم المتحدة في اليمن في عام 2005.
سألنا الطبيبة أفراح عن عملها على الأرض في اليمن، فقالت إنها تتنقل في كافة أرجاء البلاد، حيث تعمل بالتنسيق مع وزارة الصحة اليمنية على إيصال الخدمات إلى النساء في الريف في كل مكان بغض عن التقسيمات السياسية.
تعمل أفراح أيضا مع المنظمات الأممية مثل منظمة الصحة العالمية واليونيسف إضافة إلى المنظمات غير الحكومية، وهي الأذرع التي “تمكن الوصول إلى المناطق البعيدة.” وبسؤالها عن العمل اليومي الذي تقوم به في ظل المعاناة التي يعيشها الناس في اليمن وبالذات النساء والأطفال، قالت الدكتورة أفراح:
“قبل الحرب، كان عملي يتركز حول برامج الصحة الإنجابية ودعم الحكومة والمنظمات الدولية في تقديم خدمات الصحة الإنجابية وتدريب الكوادر والقابلات. أما في السنوات الخمس الأخيرة، وبسبب الحروب في اليمن، صار عملنا يتركز حول الاستجابة الإنسانية، وبالتالي عملنا هو إنقاذ حياة الأمهات والبنات في سن الإنجاب (15-49 سنة) أكثر مما هي خدمات تقدم في الأيام العادية، إلى جانب العنف الذي يمكن أن تتعرض له النساء بسبب الحروب.”
UN News/Abdelmonem Makki
الثانية من اليمين: الطبيبة أفراح ثابت الأديمي أخصائية الصحة الإنجابية بمكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن، خلال مؤتمر صحفي في نيويورك لحظة إطلاق رؤية صندوق الأمم المتحدة للسكان رؤيته لعام 2020.
وأشارت الدكتورة أفراح إلى معاناة أكثر من 4 ملايين من النازحين، غالبيتهم من النساء والأطفال، الذين يفتقرون لأبسط الخدمات مثل الغذاء والدواء والمأوي والكساء، والأمن، داعية إلى تضافر جهود كل المؤسسات في سبيل الاستجابة لهذه الاحتياجات “الهائلة.”
العمل متواصل على مدار الساعة
وقالت الدكتورة أفراح إن مكتب الأمم المتحدة لخدمات الاستجابة يعمل على مدار الساعة للاستجابة لأي طارئ في أي مكان في اليمن، ومنع الوفيات من خلال توفير ولادة آمنة للأمهات، خصوصا أن أكثر النساء، وبسبب الحرب، يخشين من الذهاب إلى المرافق الصحية ويفضلن الولادة في بيوتهن، وهو ما يؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة بسبب المضاعفات:
“بدأنا في دعم كل المرافق الصحية بخدمات الطوارئ التوليدية من خلال توفير الأدوية وكل الاحتياجات. نعلم أنه بسبب الحرب، توقفت معاشات ورواتب موظفي الصحة بالكامل، وبالتالي نحن نحاول مساعدتهم وتشجيعهم على تقديم الخدمات على مدار الساعة. هذه كلها تحتاج إلى ميزانية تشغيلية كبيرة بالإضافة إلى توفير الأدوية مجانا، فالمرأة لا ذنب لها. زوجها عاطل عن العمل وبالتالي لابد من توفير الخدمة لها وإعطائها الأدوية مجانا، لأنها لا تملك المال لشراء تلك الأدوية. ولا نستطيع ضمان توفر هذه الخدمات بدون الدعم اللازم لتغطية هذه الاحتياجات.
ختان الإناث ممارسة شائعة في بعض أجزاء اليمن
وتحدثت الدكتورة أفراح عن قضية ختان الإناث في اليمن، قائلة إن هذه الممارسة منتشرة بكثافة في مناطق اليمن الساحلية مثل الحديدة، عدن، وحضرموت، مشيرة إلى توقف برامج التوعية بشأن مضار هذه الممارسة، بسبب اندلاع الحرب وتحولها إلى برامج وخدمات إنقاذ الحياة، وخدمات الطوارئ التوليدية ومنع العنف الذي يمكن أن تتعرض له المرأة، سواء كان العنف الجنسي أو العنف بسبب الانتقال من مكان لآخر.
تجربة إنسانية مؤلمة لا تنسى
خلال عملها على الأرض في اليمن، قالت الدكتورة أفراح إنها مرت بالعديد من التجارب الإنسانية المؤلمة، ولكن تجربة واحدة لا تزال عالقة بذهنها:
“في السنة الماضية، زرنا مستشفى تعليميا في صنعاء. في قسم الولاة، وجدنا أما كانت قد وضعت طفلها للتو. كانت تستخدم خمارها، لتغطية مولودها الحديث. طلبت منها كشف المولود لأنظر إليه. اكشفت أنها كانت تغطيه بورق الصحف اليومية، لأنها لا تملك ملابس لمولودها الحديث. كان الجو باردا جدا. أحضرنا حقيبة بها ملابس للأم ومولودها. طلبت من الممرضة نزع الورق من على جسد المولود واستبداله بالملابس التي أحضرناها. للأسف كان الورق ملتصقا تماما بجسد المولود، مما أضطر الممرضة إلى إدخاله في الماء بغرض تسهيل نزع الورق. كان هذا المشهد محزنا جدا وقد أثر في نفسي كثيرا.”
ووفقا للأمم المتحدة فإن اليمن يشهد حاليا أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ دفع الصراع البلاد إلى حافة التدهور الاقتصادي. ويحتاج حوالي 24 مليون شخص، أو 80% من السكان، إلى مساعدات.