بعد وفاة طفلة مصرية بسبب تداعيات الختان، الأمم المتحدة والسلطات المصرية يكثفان الجهود لمكافحة الظاهرة

أكدت منظمات أممية أن ختان الإناث يُمثل انتهاكا لحقوق الإنسان، وشكلا من أشكال العنف ضد النساء والفتيات، متجذرا في عدم المساواة بين الجنسين، بجانب التفسيرات الدينية والمعتقدات الثقافية المغلوطة.

وحذرت تلك المنظمات الأممية، ومن بينها الصحة العالمية، اليونيسف، من أن هذه الممارسة يُمكن أن تؤدي إلى مضاعفات جسدية ونفسية ممتدة لوقت طويل، وقد تؤدي إلى الإصابة، وفي بعض الحالات إلى الوفاة.

وقبل أيام قليلة، توفيت طفلة مصرية، تبلغ من العمر 12 عاما، أثناء خضوعها لختان الإناث على يد أحد الأطباء. وقد أدان مكتب الأمم المتحدة في مصر الوفاة المأساوية للطفلة ندى في محافظة أسيوط.

وأعرب المكتب في بيان، عن الصدمة إزاء الحادثة، على الرغم من التقدم المُحرز نحو إنهاء هذه الممارسة الضارة، مثل إجراء الإصلاحات القانونية، وزيادة الوعي، وكذلك الانخراط المباشر مع المجتمعات المحلية والقادة الدينيين.

 نضم صوتنا إلى اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث في المطالبة بتوقيع أقصى عقوبة على الجناة

ورحبت الأمم المتحدة بالبيان الذي أصدرته اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث، والذي أدانت فيه الواقعة المُروعة، وأضاف البيان:

“نحترم التحقيقات الجارية واستقلال القضاء، و نضم صوتنا إلى اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث في المطالبة بتوقيع أقصى عقوبة على الجناة.”

في هذا التقرير، يسلط مراسل أخبار الأمم المتحدة في مصر، خالد عبد الوهاب، الضوء على ظاهرة ختان الإناث في مصر وحادثة الوفاة المأساوية.

كالدبة التي قتلت صاحبها. هكذا قاد والد الطفلة ندى، طفلته إلى حتفها ظنا منه أنه يحافظ على شرفها، حيث فقدت الطفلة ندى، البالغة من العمر 12 عاما بقرية الحواتكة بمركز منفلوط محافظة أسيوط، حياتها لتنضم لضحايا تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أو ما يعرف بـ “ختان الإناث،” حيث تلقى خط نجدة الطفل، والذي يديره المجلس القومي للأمومة والطفولة، بلاغا بوفاة ندى، كما يقول مدير وحدة حماية الطفل بمركز منفلوط بمحافظة أسيوط محروس جاد المولى:

“بعد أن تلقينا البلاغ عن حالة ختان الإناث، توجهنا على الفور إلى عيادة الطبيب ووجدناها مغلقة في وجود الشرطة. ثم توجهنا الي نيابة منفلوط ووجدنا والد الطفلة الضحية تقدم ببلاغ ضد الطبيب. ثم توجهنا إلى مشرحة المستشفى، وجدنا أقارب الطفلة المتوفاة، وتعرفنا منهم على ما حدث وتم القبض على الطبيب ووالد ووالدة الطفلة وخالتها وتم حبسهم أربعة أيام على ذمة التحقيق”.

UNFPA

دعوة لزيادة حملات التوعية

الغريب هو أن هذه الحادثة المأسوية تتزامن مع الاحتفال باليوم الدولي لعدم التسامح مطلقا إزاء تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، ولذا تحركت الجهات المختصة في مصر، وخاصة المجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للأمومة والطفولة، واللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث، لمحاسبة المتورطين، مع الدعوة لزيادة حملات التوعية بخطورة الظاهرة، كما تقول رئيسة المجلس القومي للمرأة بمصر الدكتورة مايا مرسي:

“نستمر في دعم حملة “احميها من الختان” من خلال وسائل الإعلام المختلفة، كالإذاعة والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، بالتعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة الختان .وكما فعلنا حين توفت الطفلة بدور، نخصص الآن شهرا كاملا للتوعية بالشراكة مع الجمعيات الأهلية، بتنسيق بين اللجنة الوطنية للقضاء على الختان والمجلس القومي للمرأة، وهدفنا كما يقول شعار الحملة (احميها من الختان).”

Khaled Abdul-Wahab
نائبة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر جيلان المسيري

كما دعت نائبة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر، جيلان المسيري، إلى تغيير نمط الثقافة الاجتماعية وتعزيز قدرة الشركاء من الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني لمناهضة العنف ضد المرأة ومضت قائلة:

“في جميع أنحاء العالم، لا يزال العنف ضد النساء والفتيات من أخطر انتهاكات حقوق الانسان، كسبب ونتيجة لعدم المساواة والتمييز بين الجنسين. وفي مصر، تعمل هيئة الامم المتحدة للمرأة، بالشراكة مع الحكومة المصرية والمجتمع المدني لمناهضة العنف ضد المرأة، وخاصة ختان الإناث وتعزيز قدرة الشركاء على منع العنف والتصدي له، وتشجيع تغيير الثقافة الاجتماعية. دعونا نتحد لمناهضة العنف ضد المرأة. “

استطلاع رأي أهالي الطفلة القتيلة

وفي قرية الحواتكة، بمركز منفلوط بمحافظة أسيوط، مسقط رأس الضحية ندى، تلقى الأهالي الخبر كالصاعقة. ورغم ذلك اختلفت آراؤهم حول الختان:

“أنا أسامة عبد العظيم أحمد من قرية الحواتكة. تلقينا خبر وفاة الطفلة ندي نتيجة الختان كالصدمة، وعملية الختان في الصعيد مرتبطة بالعادات والتقاليد.”

“الختان موروث من الآباء والأجداد. كنا نلجأ للداية. أما الآن نذهب للطبيب ولا نسأل إذا كان متخصصا أم لا.”

“الطهارة أو الختان وراثة أبا عن جد.”

“أمي كانت غير مقتنعة بالختان، لكن زوجة أخي كانت مع الختان لكني أقنعتها بعدم الختان. وأنا لدي طفلة لن أجري لها عملية الختان”

“أنا لم أخضع لعملية الختان نتيجة معرفتي بخطورته من خلال الندوات التثقيفية ووسائل الإعلام، خاصة بعد علمي بوفاة بنات مثل كريمة وندي وبدور.”

© UNICEF/Giacomo Pirozzi
عاملة اجتماعية (في الوسط) تتحدث عن مخاطر تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية لفتاة ووالدتها في مصر.

تشديد عقوبة الختان

وتندهش الأستاذة إيمان عمر، المحامية بالنقض، وعضو بالمؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة بأسيوط، من ادعاء البعض باللجوء للختان للحفاظ على شرف البنت زعما بأنه منصوص عليه في الشريعة الاسلامية في الوقت الذي يجرمه القانون المصري:

“العقوبة في القانون غير رادعة، لأنه فتح باب من خلال عبارة (إلا إذا دعت الضرورة). فماهي هذه الضرورة؟ ومن يحددها؟ يجب أن تشكل لجنة من ثلاثة خبراء. والضرورة للختان تحدد بعد ثلاث سنوات بعد سن البلوغ على الأقل. لذا فالعقوبة غير رادعة، فالقانون يعاقب بالمادة 240، ويشدد على ذلك بالمادة 242. لدينا قرار وزير الصحة 271 لعام 2007 الذي يجرم على الأطباء الختان، والمادة 116 من قانون الطفل تضاعف العقوبة خاصة إذا وقعت من بالغ على طفل.”

ختان الإناث جريمة، ولا يوجد في الشرع ما يأمرنا بالختان

مفتي جمهورية مصر العربية الأسبق الدكتور علي جمعة، أكد على تحريم وتجريم ختان الإناث لعدم وجود ما يؤيده شرعا:

“ختان الإناث جريمة. لا يوجد في الشرع ما يأمرنا بالختان. في دول مثل السعودية، إيران، الجزائر، المغرب لا يمارس ختان الإناث…. لا يوجد دليل لهذه الممارسة في الشرع.” 

ندى ابنة الإثني عشر ربيعا، ضحية جديدة من ضحايا ختان الإناث. وبالرغم أن الموت غيبها، إلا أنها تدق ناقوس الخطر لمكافحة هذه الظاهرة، التي باتت مسؤولية الجميع، في كل المجتمعات. والصمت على تلك الممارسة ليس خيارا لأي شخص.

من محافظة أسيوط بمصر خالد عبد الوهاب لأخبار الأمم المتحدة.

قد يعجبك ايضا