استهداف الصيادين وتدمير البيئة البحرية.. جرائم حرب يرتكبها التحالف في السواحل اليمنية
ساري نصر
يستمر العدوان السعودي الأمريكي الغاشم منذ خمس سنوات في تدمير الثروة السمكية التي تزخر بها السواحل اليمنية الممتدة على طول 2500 كم، كما يمارس انتهاكات جسيمة ووحشية متعمدة وواضحة للقوانين والأنظمة الدولية من خلال تنفيذ هجمات على مراكب الصيادين في المياه والسواحل الإقليمية اليمنية ويرتكب بحقهم ابشع المجازر الجماعية، فضلا عن قيامة باحتجاز واختطاف هؤلاء الصيادين وتعذيبهم بصورة وحشية مخالفة لكل المعاهدات والمواثيق الدولية والإنسانية .
ولا تقف ممارسات العدوان الغاشم على امتداد السواحل اليمنية من جرائم على ذلك بل عمدت بشكل خبيث وممنهج الى تدمير وتلويث الجزر اليمنية وشعابها المرجانية والبيئة البحرية بشكل لا يصدق، حيث قال وزير الثروة السمكية محمد الزبيري في تصريح لقناة المسيرة: إن البوارج الكبيرة لتحالف العدوان تفرغ زيوتها في المياه اليمنية والتي تؤثر على الأسماك بشكل كبير، مشيرا إلى أن هناك تجريفاً واسعاً واستخدام أسلحة محرمة من قبل بحرية تحالف العدوان تتسبب بنفوق الأسماك بصورة غير مسبوقة، لافتا إلى أنه قام بزيارة منطقة الخوبة في محافظة الحديدة ووقف على الصورة المفزعة لنفوق الأسماك على مسافات كبيرة جراء التصرفات الهمجية لتحالف العدوان .
من جهته أشار مدير عام الرقابة البحرية بوزارة الثروة السمكية المهندس محمد عباس الفقيه إلى أن الرقابة البحرية تتلقى بلاغات باستمرار عن قيام سفن برمي ملوثات كيميائية في البحر الأحمر، حيث أوضح أن الرقابة البحرية بوزارة الثورة السمكية تلقت أكثر من 12 بلاغا في البحر الأحمر فقط عن رمي سفن لملوثات كيميائية، وهذه البلاغات لا تعكس الواقع الكلي سوى بـ10 %، وأن هذه الملوثات الكيميائية التي ترمى في البحر – تحت نظر قوات تحالف العدوان – تمثل خطرا على صحة المستهلك اليمني والعالمي، كما أكد أن الوزارة رصدت حوادث نفوق أعداد كبيرة من الأسماك على سواحل البحر الأحمر والبحر العربي، تنم عن استخدام أسلحة ذات طبيعة غير تقليدية.
تدمير ممنهج
إن ما تزخر به السواحل اليمنية من ثروة سمكية ووجود ما يقارب 400 نوع من أنواع الأسماك بفعل وجود المواد الغذائية في سواحل الجزر التي يبلغ عددها 151 جزيرة جعلها عرضة لأطماع وأجندة العدوان الخبيثة، فالسفن السعودية والإماراتية والمصرية تعبث بهذه الثروة السمكية كيفما تشاء وذلك من خلال الاصطياد الجائر والتجريف المدمر للسواحل والأحياء البحرية والشعاب المرجانية ابتداء من سواحل المهرة وصولا إلى شواطئ ميدي وبشكل مخالف لكل الأنظمة والقوانين الدولية، كما أصبحت قوارب الصيادين اليمنين عرضة للاستهداف من قبل طائرات وبوارج العدوان في حال قيامهم بمحاولة الصيد في المياه اليمنية الإقليمية .
ففي هذا الصدد أوضح مدير عام الرقابة البحرية بوزارة الثروة السمكية المهندس محمد عباس الفقيه أن قوى العدوان ترعى صيدا غير قانوني في المياه اليمنية لا يراعي الأنظمة الدولية، مؤكدا أن الأنظمة الدولية لا تجيز للسفن الاصطياد على مسافة 60 ميلا من الشاطئ و6 أميال من الجزر، مشيرا إلى أن هناك تدميراً ممنهج لبيئة الجزر اليمنية ترعاه وتغض الطرف عنه دول العدوان وخاصة في أرخبيل حنيش وذلك من قلع الشعاب المرجانية التي تحتاج إلى 150 عاما للنمو مرة أخرى، مضيفا إن تجاوز سفن الصيد المحمية من قبل العدوان للمسافات القانونية للصيد يتسبب في تدمير البيئة البحرية ويمتد أثرها الكارثي لعشرات السنين، مبينا ان هناك شركات إماراتية متورطة في قلع وسرقة الشعاب المرجانية في المياه اليمنية وتقوم بنقلها إلى الإمارات .
إخلال بالتوازن
وتشير العديد من الدراسات الى ان الصيد الجائر وغير المرخص يخل بتوازن البيئة وتتم المعاقبة عليه بموجب القوانين الدولية، وفي السواحل اليمنية تقوم دول العدوان بعمليات الصيد الجائر إمعاناً منها في تدمير البيئة البحرية للمناطق التي تتجمع فيها الأسماك، فتستخدم عمليات الجرف العشوائي للأعشاب البحرية أو عملية الصيد عن طريق التفجير بالديناميت أو أية وسيلة من وسائل الاصطياد المحرمة ليتسنى لها تدمير البيئة البحرية في مواقع التجمعات السمكية التي تكون غنية بالأعشاب البحرية، علما بأن عواقب تدمير البيئة البحرية واستخدام عمليات الصيد الجائر آنفة الذكر لأي بلد قد يعاني منه لخمسين عاماً قادمة، أضف إلى ذلك أن دول العدوان تتخلص من نفايات بوارجها العسكرية التي تحاصر بها الشعب اليمني في المياه الإقليمية اليمنية، وهذا يشكل أخطر ضرر على البيئة البحرية.
ممارسات همجية
سكان السواحل اليمنية وخاصة الصيادين هم الأكثر تضررا من الممارسات الهمجية واللا أخلاقية لدول العدوان فقد أشارت التقارير إلى أن مئات الآلاف من اليمنيين فقدوا مصدر رزقهم الوحيد الذي يعيلون به أسرهم وانخفضت مستويات معيشتهم إلى ما دون خط الفقر كما تراجع عدد المستفيدين من الصيد البحري إلى أقل من 20%، وكان السبب الرئيسي وراء هذا التحول هو أن دول تحالف العدوان وفي مقدمتها الإمارات وضعت عينها على سواحل وموانئ اليمن التي يصطاد فيها هؤلاء السكان، فمنعتهم من ممارسة صيدهم وأطلقت أيدي جنودها المرتزقة عليهم قمعا واختطافا وتفتيشا لقواربهم وقصفا لها، مما أدى إلى مقتل وإصابة المئات وفقدان الكثير منهم .
استهداف الصيادين
حيث أشارت العديد من التقارير المحلية والدولية إلى أن ضحايا غارات العدوان السعودي الأمريكي من الصيادين بلغ أكثر من 442 شهيداً وجريحاً ، كما احتجز من دون تهم ما لا يقل عن 115 صيادًا منهم 3 أطفال في السعودية لفترات تراوحت بين 40 يومًا وأكثر من سنتين ونصف، تعرضوا خلال الاحتجاز للتعذيب والمعاملة السيئة ومنعوا أيضًا من الاتصال بأهاليهم، وبحسب تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية فقوات العدوان البحرية نفذت الكثير من الهجمات القاتلة على قوارب صيد يمنية منذ مطلع 2018م، بالإضافة إلى مشاركة مروحيات تابعة لتحالف العدوان في هجمات أسفرت عن مقتل العديد من الصيادين اليمنيين بينهم أطفال.
إن الهجمات التي نفذتها السفن الحربية والمقاتلات الجوية، على مراكب الصيد في المياه الإقليمية اليمنية أو في السواحل، كانت متعمدة في انتهاك واضح وصريح لقوانين الحرب والمواثيق الدولية، والتي تمنع استهداف الصيادين وقواربهم ما دامت لا تشكل أي خطر على السفن الحربية، ويعد مسؤولو تحالف العدوان السعودي الإماراتي الذين أمروا أو نفذوا الهجمات أو عذبوا المحتجزين متورطين على الأرجح في جرائم حرب، كما تقول المنظمات الأممية.
خسائر فادحة
التكلفة الإجمالية لخسائر القطاع السمكي لليمن بحسب التقارير الحكومية منذ بداية العدوان تصل إلى 5.6 مليار دولار، حيث كانت الثروة السمكية تعتبر من أهم ركائز الاقتصاد وتمثل 1.7 % من الدخل القومي، كما تضرر 26ميناء إنزال سمكياً من إجمالي الـ30 ميناء التابعة لوزارة الثروة السمكية في سواحل البحر الأحمر حيث لم يعد يعمل غير أربعة موانئ إنزال فقط.. كما توقفت عن العمل 56 شركة ومصنعاً ومعملاً كانت تعمل في تجهيز الأسماك للتصدير للخارج.. بالإضافة لتدمير 14مصنعاً للثلج تدميراً كلياً كانت تابعة للوزارة.. وهذا الوضع أدى لتسريح 36 ألف عامل ما أثر سلباً على الحياة المعيشية لـ 2.500.000 مواطن.
كما اشارت التقارير الى قيام تحالف العدوان باستهداف 454 قارب صيد وبلغت الكلفة الإجمالية لما تم تدميره من هذه القوارب مبلغ ستة ملايين و223الفاً و605 دولارات، كما توقف بسبب العدوان نشاط 5 آلاف و86 قارباً نتيجة استهداف طائرات وبوارج العدوان لموانئ ومراكز الإنزال أو وقوع بعض المراكز في مواقع مواجهات عسكرية، ومعظم هذه القوارب من مديرية ميدي، محافظة حجة ومديرية ذوباب وباب المندب والمخا بمحافظة تعز ، ويعتبر فاقد إنتاجها ملياراً و 779 مليوناً و51 ألفاً 928 دولاراً.. كما تقدر الخسائر التي ترتبت على توقف تنفيذ المشاريع السمكية في البحر الأحمر بما قيمته مليار و294 مليوناً و702 ألف و5 دولارات.