تعزيزا للسلامة والأمل، صندوق الأمم المتحدة للسكان يوفر خدمات صحية لنساء سوريات محاصرات بتداعيات الحرب
Share
استمرار وتواصل النزوح – من المناطق المتأثرة بالنزاع في شمال شرق سوريا – يعرض الكثير من النساء والفتيات للحاجة الماسة إلى المأوى والفضاءات الآمنة، ويلقي الضوء على أهمية توفير خدمات الصحة الإنجابية.
جاء ذلك في تقرير حديث صدر هذا الأسبوع عن صندوق الأمم المتحدة للسكان. وبسبب الصراع المستمر، لا يزال أكثر من 70 ألف شخص من الشمال الشرقي السوري مشردين في محافظات الحسكة والرقة وحلب، “أكثر من 17,500 منهم فتيات ونساء في سن الإنجاب.”
يقول تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان إن النساء يواجهن، بالإضافة إلى الانخفاض المستمر في درجة الحرارة في هذه المناطق، “ظروفا معيشية حرجة ومليئة بالمخاطر المتزايدة”. التقرير يحذر من أن بقاء النساء والفتيات النازحات داخليا “دون خدمات الرعاية الصحية الكافية وغيرها من الخدمات يعرضهن للعنف القائم على النوع الاجتماعي.”
ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا، كارِن دادوريان يوضح أن “النساء والفتيات يواجهن مخاطر مختلفة في شمال شرق سوريا فيما يخص الحماية والصحة الإنجابية.” ويقول ممثل الصندوق إن خطر العنف القائم على النوع الاجتماعي “مرتفع بشكل خاص في مخيمات مثل الهول، الذي تبلغ نسبة النساء والأطفال فيه 96% من مجموع سكان المخيم.” ويضيف أن “النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة هن الأكثر ضعفا، وفي حاجة إلى عناية خاصة”.
“شريان حياة” للنساء المحتاجات
ويقوم صندوق الأمم المتحدة للسكان، عبر شركائه المنفذين لاستجابته الإنسانية، بتوفير ستة “أماكن آمنة” لضمان السلامة والدعم للنساء والفتيات في هذه المنطقة المنكوبة تحديدا.
توفر هذه الملاذات الآمنة خدمات أساسية ضرورية للتصدي لحالات العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الدعم النفسي والاجتماعي وإدارة الحالات وزيادة الوعي والتدريب المهني. كما تتيح للنساء سبلَ الوصول إلى المزيد من الخدمات المتخصصة، مثل الصحة العقلية والرعاية الصحية الإنجابية.
وتقدم هذه الملاذات الآمنة خدماتها للنساء النازحات حديثا، إلى جانب النساء المقيمات أصلا في المجتمعات المضيفة للنازحات. كما تتوفر أيضا عياداتٌ متنقلة وفرق صحية تنقل الخدمات العلاجية إلى المناطق التي تشتد الحاجة إليها.
ولادة الأمل في قلب الأزمة
UNFPA Syria/2019
يقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان خدمات للنساء والفتيات المشردات في جميع أنحاء شمال شرق سوريا.
السيدة أسماء العيسى، 32 عاما، وهي ممن حصلن على الرعاية الصحية الإنجابية المنقذة للحياة من خلال خدمات الصندوق، توضح أنها كانت تشعر “بقلق شديد قبل الولادة.” السيدة التي اضطرت للنزوح لأول مرة قبل ثلاث سنوات “بعد هدم منزلها في قرية القادسية” تعيش الآن في الطبقة في محافظة الرقة، في منزل غير مكتمل البناء.
وقد تلقت العيسى خدمات صحة الأمومة الضرورية من “عيادة منظمة المودة غير الربحية” المدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان. وبفضل الرعاية الماهرة التي قدمتها لها “القابلة حنان” في العيادة، سارت فترة حمل السيدة أسماء بسلاسة، على الرغم من العنف والاضطراب المحيطين بها.
السيدة أسماء قابلت آلام المخاض والولادة في 25 تشرين الأول/أكتوبر، في وقت كانت فيه المعارك القتالية تتصاعد في المنطقة.
وتقول قابلتها الصحية حنان إن “أسماء وضعت دون أي مضاعفات” قائلة إنه “لمهمة رائعة أن تنقذ حياة أسماء وحياة طفلتها الجديدة.”
أسماء العيسى غادرت العيادة، مع وليدتها الصغيرة في حالة صحية جيدة وروح معنوية عالية.
أكثر من 42 ألف امرأة مستفيدة
منذ تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، قدم صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه خدمات الصحة الإنجابية (خدمات الولادة المأمونة ورعاية ما قبل وما بعد الولادة وتنظيم الأسرة) لأكثر من 42 ألف امرأة في سن الإنجاب. وتم توفير أكثر من 39 ألف خدمة في مجالات منع العنف القائم على النوع والتخفيف من حدته والتصدي له.
في الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر ومنتصف كانون الثاني/يناير، تم تقديم المساعدة للنازحين واللاجئين ممن يعيشون في 45 مأوى وأربعة مخيمات في جميع أنحاء المنطقة، حسب الصندوق الذي أفاد بأنه دعم عبر شركائه المحليين 40 حالة ولادة مأمونة في هذه الفترة.
وتوضح الدكتورة عدنان، منسقة الصحة الإنجابية التي تعمل في المنطقة أن “أسماء ليست حالة خاصة أو استثنائية” فهي “واحدة من الذين ينتمون إلى آلاف العائلات النازحة والمحرومة التي نخدمها كل يوم وتضيف المنسقة أن “الشعور بالأمان والأمل هو مكسب آخر يأتي نتيجة لحصول النساء على الرعاية الصحية رغم “أجواء تتسم بالكثير من العنف واليأس.”
في الفترة بين آذار/مارس 2019 ومنتصف كانون الثاني/يناير هذا العام تم توفير 189 ألفا و463 خدمة صحية في مخيم الهول وحده. وتضمنت هذه توفير خدمات الصحة الإنجابية، بالإضافة إلى دورات لمحو الأمية بالتنسيق مع اليونيسف.
دعم سخي، وتفاني من الشركاء
ويقول الصندوق إن تكرار حدوث حالات النزوح والتشريد يؤدي إلى خلق عقبات أمام وصول الرعاية الصحية إلى من يحتاجونها، بالإضافة إلى تحدياتِ عدم كفاية الإمدادات، والاكتظاظ الذي يحدث في بعض المعسكرات.
ويقول الدكتور دادوريان ممثل الصندوق في سوريا إن نطاق وشدة الاحتياجات، وكذلك الانتشار الجغرافي للنازحين في الشمال الشرقي “يتطلبان زيادة عاجلة للاستجابة الإنسانية للصندوق.”
وقد تمكن الصندوق، بفضل الدعم السخي من المانحين وتفاني الشركاء في تقديم الخدمات “من الوصول إلى أكثر النساء والفتيات حاجة واستضعافا،” حسب قول المنسق.
مع ذلك، يشير صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى عدد من التحديات التي تواجه الدعم المستمر للمرأة في شمال شرق سوريا: “الاكتظاظ في الملاجئ الجماعية وعدم كفاية الإمداد بالملابس الشتوية والخبرة المحدودة المتخصصة في تقديم خدمات التصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي.”
وحث الدكتور دادوريان على تقييم النتائج والفجوات الراهنة في مجال التوعية ونوعية الخدمات “لضمان حصول النساء والفتيات عليها في المخيمات والملاجئ والمستوطنات والمجتمعات.”
وقال ممثل الصندوق إننا “نعول على الدعم المستمر من المانحين والشركاء في هذه المهمة الصعبة المتمثلة في ضمان صحة وكرامة جميع النساء المتضررات من الأزمة في شمال شرق سوريا”.