الأمم المتحدة تحيي اليوم الدولي للتعليم بالتأكيد على الحاجة الملحة إلى نهج جديد واستثمارات ضخمة للتصدي للتحديات الهائلة التي تواجه التعليم
أحيت الأمم المتحدة اليوم الدولي للتعليم بعقد حوار تفاعلي رفيع المستوي في مقرها في نيويورك، بمشاركة جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك الدول الأعضاء، وكالات الأمم المتحدة، المنظمات الحكومية الدولية، المنظمات الإقليمية، منظمات المجتمع المدني، المعلمون، الطلاب والشباب.
ويأتي الاحتفال باليوم الدولي للتعليم، في 24 كانون الثاني/يناير من كل عام، احتفاء بالدور الذي يضطلع به التعليم في تحقيق السلام والتنمية.
ويسعى الحوار التفاعلي رفيع المستوى إلى تحقيق أهداف عديدة من بينها تعزيز الفهم المشترك للمعنى الحقيقي للتعليم الشامل والتعلم المستمر مدى الحياة وفوائده ورفع مستوى الوعي به، وتسليط الضوء على التقدم المحرز والتحديات التي تواجه تنفيذ التعليم الجيد الشامل داخل البلدان وفيما بينها، إضافة إلى تركيز انتباه المشاركين على الصلة بين التعليم الجيد الشامل والتعلم مدى الحياة، والتنفيذ الفعال لأهداف التنمية المستدامة.
وتحدث في الفعالية رفيعة المستوى رئيس الجمعية العامة، تيجاني محمد باندي، ونائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، وممثل مجموعة أصدقاء التعليم، إضافة إلى عدد من ممثلي الدول والمنظمات الأخرى.
باندي: التعليم يساعد في تعزيز احترام الذات وبدونه ستعاني كافة المجتمعات
السيد باندي أشار في حديثه إلى الزيادة في معدلات الالتحاق بالمدارس في جميع أنحاء العالم، حيث يذهب المزيد من الأطفال إلى المدرسة، مشيرا إلى أن معدلات الزيادة هذه تمت ترجمتها في ارتفاع معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة داخل البلدان وفيما بينها.
فعلى سبيل المثال، يبلغ معدل الإلمام بالقراءة والكتابة للذكور والإناث معا الذين تبلغ أعمارهم 15 عاما أو أكثر 86.3% حاليا. أما إذا نظرنا إلى معدل الإلمام بالقراءة والكتابة لدى الذكور من نفس الفئة العمرية على حدا، فنجد أنه يبلغ 90% في جميع أنحاء العالم. فيما يبلغ المعدل 82.7% لدى الإناث من نفس الفئة العمرية.
وفي حين أن هذا أمر يستحق الثناء، إلا أن السيد باندي قال إنه من غير المقبول أن حوالي 258 مليون طفل وشاب لا يذهبون إلى المدرسة، وأن 617 مليون طفل ومراهق لا يستطيعون القراءة أو معرفة أساسيات الرياضيات، فيما لا يزال ملايين اللاجئين والنازحين والأشخاص الذين يعانون من الإعاقة خارج المدرسة.
ودعا الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لهذا القطاع وإقامة شراكات ضرورية لضمان الحصول على التعليم الابتدائي والثانوي المجاني والجيد، فضلا عن التعليم المهني والفني الشامل وبأسعار معقولة وشاملة.
ومع دخولنا عقد العمل من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، قال باندي إنه من المهم أن يركز اليوم الدولي للتعليم لهذا العام على “محاذاة سياسات التعليم الشامل للجميع مع تلك الأهداف، داعيا إلى التركيز بشكل خاص على تحقيق التقدم المطلوب في قطاع التعليم.
ولحل أزمة التعلم، ورفع معايير وجودة التعليم في جميع أنحاء العالم. اقترح السيد باندي مجموعة من الحلول نذكر منها ما يلي:
- ضمان ألا تتدنى القدرة على القراءة والكتابة والمحادثة بلغات التعليم الأساسية، نظرا لأن الانتظام في المدارس آخذ في الارتفاع.
- ضمان ألا يكون هناك تنافر بين المناهج الدراسية والحاجة المتزايدة للكفاءات والمهارات المتخصصة في عالم العمل.
- ضمان أن يعزز التعليم المساواة بين الجنسين، ويسهل الحراك الاجتماعي، ويشجع التفاهم بين الثقافات، ويسد الفجوة الرقمية بين المتعلمين في البلدان المتقدمة ونظرائهم في الدول النامية.
- ضمان إقامة شراكات فعالة لمساعدة الدول الأكثر احتياجا للمساعدة في تطوير المناهج وتدريب المعلمين وتوفير البنية الأساسية المناسبة والمنح الدراسية وبرامج تبادل الطلاب.
- ضمان أن تشمل فوائد التعليم الأشخاص ذوي الإعاقة.
وكان الأكاديمي والدبلوماسي النيجيري البارز قد أجرى مقابلة مع أخبار الأمم المتحدة، قبيل يوم التعليم الدولي، قال فيها إن جميع المجتمعات ستعاني بدون تعليم جيد، معربا عن إيمانه الراسخ بأن التعليم “يساعد في تعزيز احترام الذات.”
أمينة محمد: وضع التعليم ينذر بالخطر
نائبة الأمين العام للأمم المتحدة قالت إن العالم لا يزال يتخلف عن الركب، برغم أن عام 2030 بات يلوح الأفق، مشيرة إلى أن ذلك هو السبب الذي دفع الأمين العام إلى إطلاق دعوة عالمية لعقد العمل، بهدف الإسراع في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
وقالت أمينة محمد إن وضع التعليم ينذر بالخطر بسبب الأزمة في عدد الأطفال والشباب والكبار غير الملتحقين بالتعليم.
إذا كان التعليم قادرا على تشكيل العالم، فنحن أيضا قادرون على تشكيل التعليم
فوفقا لليونسكو، تشير السيدة أمينة محمد إلى إن هناك 258 مليون طفل وشاب تتراوح أعمارهم بين 6 و17 عاما لا يزالون خارج المدرسة. أما في المرحلة الثانوية العليا، فتبلغ معدلات إتمام الدراسة 49% فقط. وهناك حوالي 770 مليون فردا من البالغين أميون، معظمهم من النساء. ويواجه الشباب ذوو الإعاقة تحديات إضافية.
وأضافت بالقول:
“إذا كان لدى التعليم القدرة على تشكيل العالم، فلدينا أيضا القدرة على تشكيل التعليم. وهذا يعني مراعاة احتياجات الأفراد التي تختلف باختلاف السياقات، والتفكير في عالم اليوم مع ضمان انتقال المعرفة عبر الأجيال، الاستفادة من تقنيات التعلم والبنى التحتية الرقمية، إضافة إلى تغيير الطريقة التي نقدر بها المعرفة والتعلم في مجتمعاتنا.”
وأشارت أمينة محمد إلى المسؤولية التي قالت إنها تقع على عاتقنا تجاه الملايين من الأطفال والمراهقين الذين تظل المدرسة بالنسبة لهم وعدا فارغا، وإلى ملايين النساء والرجال الذين لا يستطيعون تحقيق إمكاناتهم الكاملة. ودعت إلى تكثيف الجهود حتى لا يعد التعليم الجيد للجميع هدفا للمستقبل، بل حقيقة واقعة.
يشار إلى أن الاستنتاجات والتوصيات الناتجة عن مداولات الحوار التفاعلي رفيع المستوى بمناسبة اليوم الدولي للتعليم ستتم مشاركتها مع الدول الأعضاء وأصحاب المصلحة الآخرين.
أودري أزولاي: التعليم يمثل حجر الزاوية بالنسبة لأهداف التنمية المستدامة
التعليم يمثل حجر الزاوية بالنسبة لأهداف التنمية المستدامة، والفشل في التعليم يعني انهيار البنية الكلية للتنمية
وبمناسبة اليوم الدولي للتعليم، عقدت اليونسكو، في مقرها في باريس، اليوم الجمعة، مؤتمرا بعنوان “التعلّم من أجل البشر والكوكب والرخاء والسلام” بهدف تسليط الضوء على مستقبل التربية والتعليم.
وقالت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي إن التعليم يمثل حجر الزاوية بالنسبة لأهداف التنمية المستدامة، قائلة إن الفشل في التعليم يعني انهيار البنية الكلية للتنمية.
ودعت إلى إعادة التفكير فيما نتعلمه وكيفية القيام بذلك بهدف بناء المستقبل الذي نتطلع إليه.