الثروة الحيوانية في مديرية الحالي بالحديدة.. معاناة جراء الحصار
لم يسلم أحد من المعاناة والظلم والقهر في هذا الوطن من أدناه إلى أقصاه، ومن نجا من القتل والقصف من قنابل وصواريخ قوى العدوان لم ينج من الكبد والمعاناة، ومن أكثر المناطق التي يتعرض سكانها للتهجير والفتك، بل اﻹبادة هم أبناء محافظة الحديدة.
نعم أبناء الحديدة التهاميون اﻷرق قلوبا واﻷلين أفئدة، فما من منطقة أو مديرية أو قرية إلا ونالها نصيب من القتل والدمار وأصبحت فيها المعاناة أضعافا بسبب العدوان والحصار المفروض على مناطقهم من كل الجهات، ينفذه مرتزقة عملاء سخروا أنفسهم للشيطان اﻷكبر أمريكا وإسرائيل وآل سعود وآل نهيان، خدمة لهم على حساب معاناة أبناء بلدهم وإخوانهم اليمنيين.
مدينة الدريهمي خير شاهد على حجم الكارثة اﻹنسانية ونموذج عمّا يراد ﻷبناء اليمن .
ومع استمرار العدوان والحصار على الشعب اليمني تزداد أوضاع التهاميين سوءاً، ومع تراخي اﻷمم المتحدة التي تشرف على تنفيذ اتفاقية السويد يضاعف الخناق على المدن والقرى في الساحل الغربي ومدينة الحديدة بالخصوص التي أضحت الحياة فيها شبه منعدمة بسبب نزوح الكثير من أبنائها إلى مناطق بعيدة عنها علها تكون أكثر أمانا من قذائف وصواريخ ورصاص قوى التحالف الذين يصبون على المدينة حمم حقدهم وحسدهم على أولئك القوم المستضعفين.
ومع اقتراب التحالف من مدينة الحديدة في سبتمبر ٢٠١٨م، شهدت مديرية الحالي آلاف الغارات والصواريخ والقذائف بمختلف أنواعها بما يشبه اﻷرض المحروقة، جعلت من البقاء في تلك المناطق الجنوبية تعريضاً للموت واﻹبادة، رغم الحياة التي كانت تزخر بها تلك المناطق وجمال الخضرة وعشرات المصانع والمشاريع بمختلف أنواعها، ومن تلك ما كان يسمى أحواش البقر الكبيرة لمربي الثروة الحيوانية ومنها اﻷبقار، حيث أضحت الآن بقايا أطلال أو ما تبقى من عظام أبقار نفقت جراء قذائف..
الحاج عبده فارع، رئيس الجمعية التعاونية لزرائب اﻷبقار، قال: فوجئنا بالهجوم علينا وكنا نعيش في أمن وسلام، كان لدينا (٢٤٢٦) بقرة وكانت كلها منتجة (حليب وسمن وجبن) وكل شيء كنا ننتجه من اﻷبقار التي نملكها..
يؤكد أبناء المنطقة أن اﻷبقار المتواجدة في أحواشهم قبل الاجتياح العسكري لقوى الغزو ومرتزقتهم لمنطقة كيلو١٦ في سبتمبر ٢٠١٨م كان عددها (١٢٠٧٧) بقرة، ومع بدء الهجوم المباغت لتلك القوى نفق منها أكثر من ثلث العدد، ثم تلاحقت البقية تباعا، لم يستطع اﻷهالي إخراج أبقارهم ومواشيهم إلا النجاة بأنفسهم نزوحا وهربا من القتل واﻹبادة جراء هجوم الغزاة، البعض منهم استطاع أن يأخذ معه القليل من اﻷبقار بعد أن أصاب الكثير منها شظايا القنابل والصواريخ والرصاص المكثف، وذهب بها إلى مديرية المراوعة شرق الحديدة، والبعض منها نفق عطشا وجوعا وأخرى بقيت حتى نفقت، فكانت هذه ضربة قاصمة قاضية لمربي الأبقار في منطقة كيلو١٦..
يقول محمد شراعي، من جمعية الكشوبع: انتهت كل أعمال المزارعين وتشتت اﻷسر وضاعت معظم اﻷبقار بسبب العدوان وبعضها تم نقلها إلى منطقة المخا وأكثرها مصابة إما بالشظايا أو هزيلة من الجوع والعطش بسبب بقائها في اﻷحواش بدون اهتمام، ويضيف: العدوان حاصرنا من كل جانب ومع الهجوم العسكري على الحديدة تدهورت حياتنا كمزارعين ونفقت الكثير من اﻷبقار بسبب القذائف من مختلف أنواع اﻷسلحة التي صبوها علينا..
أما الحاج عبده فارع، رئيس الجمعية التعاونية لزرائب اﻷبقار، يقول: كنا نستلم أنا وأبنائي في اﻷسبوع الواحد قرابة ثلاثة ملايين ريال أسبوعيا كان لدينا حوالي ٥٥٠ بقرة، أما اﻵن حوالي ٢٥٠بقرة وبعضها شلوها إلى المخا!! ذلحين ما نحصلش أكثر من ٣٠٠ألف ريال مما بقي معانا وهذه البقر بتموت من الجوع والعطش ما عاد بش معانا ما نأكلها ونشربها إلا القليل أصبح إنتاج الأبقار قليل لأن نقلها من مكان إلى آخر يجعلها تقلل من الانتاج بسبب الجو والمرعى والله كريم..
كان مربو اﻷبقار في منطقة كيلو١٦ يعتمدون على مصنع (يماني) في تصنيع وتسويق الحليب الذي تنتجه أبقارهم، إذ كان يبلغ الإنتاج اليومي أكثر من (٢٦٤٦٠) لترا من الحليب..
يقول أحمد منصر، أمين عام جمعية الريف: كنت قبل الهجوم الوحشي على منطقتنا نحصل من الحليب أكثر من (٨٠٠٠) لتر يوميا لكن اليوم نحصل حوالي (١٦٠٠) لتر وكل يوم يكون أقل..
تراجع اﻹنتاج أكثر وانهزم الناس نفسيا بسبب استمرار القصف والحصار وحرب اﻹبادة التي شنها الغزاة المحتلون، أصبحت معدلات اﻹنتاج العامة أقل من ١٠آلاف لتر، وفوق هذه المعاناة معاناة ثانية هي أطم وأطغى، فقد عمد العدوان إلى قصف مصنع يماني ما أدى إلى توقفه تماماً، وهنا المشكلة الكبيرة، فأصبحت المعاناة أضعافا مضاعفة، إذ يؤكد من تبقى منهم أن الكثير منهم يصبون الحليب الذي ينتجونه إلى الشارع بعد أن عجز مربو اﻷبقار عن تسويق ألبانهم..
وفي مثل هذا الوضع الكارثي الذي أصاب أولئك التهاميين قامت بعض المبادرات التي تبنتها مؤسسة بنيان التنموية بالتنسيق بين الجمعيات التعاونية لمنتجي اﻷلبان في منطقة المراوعة التي هاجر إليها أصحاب زرائب اﻷبقار وتعاون مزرعة رصابة والمؤسسة الاقتصادية اليمنية لتصنيع وتسويق كميات الحليب الطازجة المنتجة يوميا كإنقاذ ومد حبل النجاة لما تبقى من أبقار ومزارعين تعرضوا لخسارة كبيرة في معايشهم ومناطقهم التي ظلت آمنة مطمئنة حتى غزاها ودمرها مرتزقة العالم وشذاذ اﻵفاق الذين أرهقوا البلاد والعباد، بدأت تلك المبادرات تؤتي أكلها وتحد من تدهور حالة الناس هناك، وهذا هو الفرق بين من قتل الناس ودمر معايشهم من قوى البغي والعدوان وبين من يسعى لتطبيب الجروح وتخفيف المعاناة عن شعب أراد لنفسه الحرية والاستقلال ولن يتراجع عنها..
وما يأمله مربو اﻷبقار في منطقة المراوعة اﻵن هو المزيد من التفاعل من الجميع للحد من معاناتهم التي سببها العدوان .
المصدر: الثورة نت