دموع بريئة تروي قصص معاناة أسر المختطفين في سجون الاصلاح بمأرب
دموع غزيرة تنسكب من عيون عائلات أكثر من 1200 مختطف بينهم نساء وقاصرين يتعرضون لأبشع انوع التعذيب الجسدي والنفسي، في سجون حزب الإصلاح بمدينة مأرب، دون أي تهمة سوى أنهم ينتمون لأسر هاشمية، وهي جزء من جرائم حزب الإصلاح في مأرب التي لم يرى العالم مثيلاً لها.
منذ استيلاء مليشيات الاصلاح على محافظة مأرب، ازداد عدد السجون في المدينة، ليصل إلى 14 سجناً، بينما كان يتواجد في مأرب اثنين من السجون فقط قبل تستولى عليها مليشيات الاصلاح، تضم تلك السجون الآن مئات الابرياء من المواطنين الذين تم اختطافهم اثناء سفرهم على الطرقات العامة.
أب مكلوم يروي المعاناة
الوالد يحي احمد المهدي، يبكي بحرقة وألم على ولده “المهندس عباس” المختطف منذ 4 سنوات في سجن “الأمن السياسي” بمدينة مأرب حيث كان نجله يعمل مهندس خزنات لدى التاجر الأكوع، قبل أن يتعرض المهندس عباس للاختطاف، من قبل مليشيات حزب الاصلاح والذين يطالبون بفدية لإطلاق سراحه، أو مقايضة اطلاق سراح عباس مقابل إطلاق مجرمين وقتلة يتبعون الحزب بدلاً عنه .
الوالد المكلوم يحيى المهدي قال لـ”وكالة الصحافة اليمنية” بأن ولده عباس، كان يعمل مهندساً لخزنات النقود لدى “بنك اليمن الدولي” في العاصمة صنعاء، قبل أن يأتي التاجر الأكوع و يطلب منه الذهاب معه إلى مدينة مأرب لفتح خزانة نقود خاصة بالتاجر الأكوع، وتعهد الأخير بإيصاله وعودته سالماً إلى بيته وأسرته بالعاصمة صنعاء.
وأضاف المهدي بأن ميلشيات الإصلاح قامت باختطاف ولده عباس، وطلبوا منهم فدية مالية ضخمة أو إطلاق سجناء متهمين بقضايا قتل وإرهاب في محافظة ذمار.
وأوضح المهدي بأن نجله المختطف لم يحمل في حياته لا سلاح ولا حتى خنجر بل كان يحمل معه معدات عمله لكونه العائل الوحيد لأسرته المكونة من أب وأم وزوجة و3 أطفال، عانوا الويلات منذ اختطاف عباس، و تم طردهم من منزلهم لعدم قدرتهم على دفع الإيجارات.
وأكد المهدي بأن ميلشيات الإصلاح رفضت السماح لهم بزيارة نجلهم المختطف أو الاطمئنان عليه رغم تقديم وساطات قبلية عدة.
وكشف المهدي بأن كل محاولاته ومناشدته للمنظمات الدولية لم تلقى لها أذان صاغية.
-عنوان فرعي –
تعد حالة عباس المهدي واحدة من بين مئات الحالات التي يبكي فيها الأباء والأمهات والأبناء حزنا وحرقة على ذويهم المختطفين بلا ذنب، والذين تعرضوا للاختطاف، من الطرقات والشوارع والمدارس ومقرات عملهم، دون أي مسوغ قانوني، وتم اخفائهم لسنوات طويلة، تعرضوا خلالها لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي .
ولفترة طويلة بعد الاختطاف، لم تعرف أسرهم عنهم شيئا، فيما منعت عنهم الزيارات، وسمحت بها أحيانا بشروط. وتعرض معظمهم للتعذيب، بعضهم فاضت أرواحهم من قسوت التعذيب، وبعضهم فقد عقله أو أصيب بعاهات، وآخرون لا يزالون يعانون ويلات التعذيب في السجون، دون أن تلوح أي آمال بإمكانية الإفراج عنهم.
قطاع الطرق روايات مفزعة
وعلى سبيل الذكر هناك حالات كثيرة من عمليات الخطف للطلاب والتجار والمواطنين في نقطة الفلج على مدخل مدينة مأرب نذكر منها ما رواه المعتقل المحرر “مهنا مصطفي” لموقع “أنصارالله” مطلع ديسمبر الجاري عن عملية اختطاف المواطن محمد فتحي الأعور من أبناء محافظة ريمة يعمل تاجر أحجار كريمة تم إلقاءُ القبض عليه وهو مسافر إلى الخارج، وذلك بدعوى انتمائه إلى المؤتمر الشعبي العام، وتم إلقاءُ القبض عليه وبحوزته 27 ألف دولار وأحجار كريمة نادرة غالية الثمن وساعة رولكس ويتم معاملته بطرق شنيعة جداً، وإلى حدِّ الآن لم يتم الإفراج عنه.
الشاب علي الخولاني تم إلقاءُ القبض عليه وهو ذاهبٌ لزيارة خالة قبل ثلاث سنوات وتم تعذيبه في سجن المزرعة وسجن معهد الصالح وسجن الأمن السياسي.
ويروي مهنا قصص اعتقال طلاب منهم عبدالله عابر الذي كان يدرس في عمان وهو من أرحب، وهناك تجار تم اختطافهم منهم أبو عادل تاجر قطاع الغيار، إلى جانب معتقل من دولة “مالي” كان يعمل في السفارة الصومالية، إلى جانب اختطاف سائقي قاطرات سوريين.
ولعل أكثر القصص مأساوية ما حدث للمختطف عبدالغني الذي ذهب للبحث عن أخاه “خالد” لدى مليشيات الاصلاح في سجن “الأمن المركزي” ليقوم السجانون بوضعه بالسجن مع أخيه بعد أن قطعوا عهوداً له بالسماح له بزيارة أخاه حيث وضعوه في الغرفة التي بجانبه ويفصل بينهم جدار وعندما دخل المعتقل عبدالغني للغرفة كانت توجد فتحة صغيرة في الجدار صاح عبدالغني يا خالد فرد عليه أخاه من معي فقال له: معك أخوك، وعندها قال السجين خالد جحاف: ايش اللي جابك فقال جيت ادور عليك وينك من خمسة وأربعين يوم.. وعندها بكى الأَخَوان” وبكى معهما كل السجناء.
أطفال وشيوخ ونساء في عتمة السجون
قصة الشيخ الطاعن في السن علي العنسي تاجر بطاريات البالغ من العمر75 سنة، والذي تم اعتقاله هو وزوجته وطفلته وهو ذاهب إلى السعودية قبل ثلاث سنوات، ليتم الإفراج عن زوجته وطفلته بعد أسبوع من اعتقاله بعد قيام منظمة خارجية زارت السجن بنشر صورة الطفلة المعتقلة ونشرت تقريراً عنها ووصفته بـ “أصغر معتقلة في العالم”.
ويعاني العنسي من الضغط والسكر ومنعوا عنه الزيارات وحتى في معظم الأوقات الأدوية.
وعن المعتقلين من سكان محافظة مأرب، قال مهنا إن المعتقلين من الأشراف يتم التحفظ عليهم ويتم تعذيبهم ومن ضمنهم الشاب خليفة زبن الله المأربي وطفل اسمه فهد ويبلغ من العمر 12 سنة بتهمة أنهم هاشميون.
وتعتبر قضية اقتحام ميلشيات التحالف لمنزل المواطنة سميرة مارش قبل أكثر من عام في مديرية الحزم بمحافظة الجوف والاعتداء على أطفالها ونقلها إلى سجون الإصلاح في مأرب، “عيباً أسود” يتنافى مع القيم والأعراف اليمنية .
حيث أوضحت أسرة مارش بأنها بذلت جهودا كبيرة وطرقت كافة الأبواب لدى المنظمات الدولية وأعيان محافظة مأرب لإخراج سميرة من سجون ميلشيات الإصلاح، وهو ما لم تقبله ميلشيات الإصلاح .
منظمة سام للحقوق والحريات (منظمة حقوقية مستقلة) رصدت خلال أربع سنوات من العدوان على اليمن، «أكثر من ثلاثة آلاف حالة تعذيب في السجون، منها(800) حالة فقط في عام 2018م، بعضها مورس بصورة فردية وأخرى بصورة جماعية، حيث أدى التعذيب إلى الموت» كما جاء في تقرير صادر عنها في يوليو المنصرم.
لم تكن تلك المعاناة حصرا على المختطفين فحسب، بل شملت أسرهم أيضا بدءا من تلقي صدمة اختفائهم، حيث تدهورت صحة آباء وأمهات وأبناء ضعفاء،بانتظار احبائهم المختطفين في سجون مليشيات الاصلاح في مأرب.
توسعت سجون الإصلاح لتصل إلى أكثر من 14 سجناً داخل المدينة وتديرها بوحشية لا نظير لها لترهيب السجناء وممارسة أقسى أنواع التعذيب بعد إصدار فتاوى بتكفيرهم واستباحة كراماتهم ولعل أبشع تلك السجون هي سجن الأمن السياسي وسجن الأمن المركزي وسجن الشرطة العسكرية وسجن المحكمة وسجن الصالح.