خبيرة أممية معنية بشؤون العنصرية تشيد بإصلاحات قطر– لكنها تحث على وضع حد لاستمرار ظاهرة التمييز
Share
قالت إي تندايي أتشيومي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب**، إن “انعدام المساواة والتمييز اللذين تواجهما مجموعات عرقية وإثنية وقومية معينة في قطر، واللذين لاحظتهما خلال بعثتي، ناتجان جزئيا عن تاريخ الرق في قطر، والموروثات المعاصرة لهذا التاريخ.”
أتشيومي التي زارت البلاد في مهمة رسمية من 23 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 1 كانون الأول/ديسمبر 2019 تلبية لدعوة وجهتها الحكومة القطرية، قالت في بيان إن التمييز “يمثل تحديا مشتركا تواجهه أمم كثيرة”.
غير أنها أشارت إلى أن قطر “ملتزمة باتخاذ ما يلزم من إجراءات لقطع الصلة تماما بهذا الماضي، وضمان الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان لمحاربة التمييز وعدم المساواة.”
إصلاحات تستحق الثناء
وقالت المقررة في بيانها إن قطر أحرزت تقدما ملحوظا ويستحق الثناء في الجهود التي بذلتها لوضع حد للتمييز القائم على أساس العرق وبلد المنشأ، غير أنها تحتاج إلى مواصلة هذه الجهود وتكثيفها للقضاء على المشكلة.
وأشادت أتشيومي بالإصلاحات الحالية لقوانين العمل والهجرة بهدف تحسين ظروف العمال المهاجرين ذوي الدخل المنخفض الذين يشكلون 71 في المائة من السكان المواطنين، ورحبت بالإصلاحات الإضافية المقرر إجراؤها في مطلع عام 2020.
اختلالات هائلةفي نظام الكفالة
الخبيرة الأممية أكدت على أهمية طابع ونطاق الإصلاحات الإيجابية، بيد أنها لفتت الانتباه إلى وجود “اختلالات هائلة في القوة بين أصحاب العمل والعمال المهاجرين”. وقالت إن جذور هذه الاختلالات تكمن في “نظام الكفالة الذي نظم تاريخيا علاقات العمل وشروط إقامة العمال ذوي الدخل المنخفض في قطر”.
العديد من العمال من ذوي الدخل المنخفض يخشون اللجوء إلى العدالة لإنصافهم من انتهاكات شروط العمل، وهم محقون في خشيتهم بحسب المقررة المستقلة التي أوضحت أن هذه الخشية ناتجة عن “مضمون القانون والسلطة التي يمنحها إلى أصحاب العمل على العمال”.
النساء معرضات بشكل خاص لسوء المعاملة
وقالت المقررة الخاصة إن عمال المنازل، ومعظمهم من النساء، معرضون بشكل خاص لخطر سوء المعاملة والاستغلال، مشيرة إلى تقارير تلقتها تفيد بأنه “ليس من غير المألوف أن يُحتجز عمال المنازل من قبل أرباب عملهم في المنازل الخاصة التي يعملون فيها”.
وذكرت أن الكثيرين منهم يخضعون لظروف عمل قاسية ويعمل الكثير منهم أيام عمل طويلة للغاية من دون راحة ولا أيام إجازة. كما “تُصادر جوازات سفرهم وهواتفهم المحمولة، ويتعرضون لعزلة جسدية واجتماعية، ويتعرضون في بعض الحالات لاعتداء بدني أو لفظي أو جنسي لفترات طويلة من قبل أصحاب العمل”، بحسب المقررة الخاصة.
رؤية قطر الوطنية الطموحة يترتب عليها مسؤوليات والتزامات
وفيما أشادت إي تندايي أتشيومي بما جرى من إصلاحات حيوية لتحسين ظروف عمال المنازل، حثت في بيانها على اتخاذ مزيد من الإجراءات لحماية مئات الآلاف من العمال ذوي الدخل المنخفض في قطر من التمييز.
ومشيرة إلى استضافة قطر لمباريات بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022، قالت إن البلاد “تستثمر بشكل كبير في رؤية وطنية ذات طموح عالمي”. وفي هذا السياق، أوضحت المقررة الخاصة أن هذه الرؤية الوطنية “يترتب عليها مسؤوليات والتزامات بالمساواة وعدم التمييز، وعلى قطر أن تفعل المزيد في هذا الصدد.”
ويتأثر تمتع الكثيرين بحقوق الإنسان إلى حد كبير بأصلهم القومي وجنسيتهم. وهناك عوامل أخرى بارزة أيضا مثل الطبقة والجنس وحالة الإعاقة، وفقا لخبيرة حقوق الإنسان التي أعربت عن “شواغل جدية إزاء التمييز العنصري الهيكلي ضد غير المواطنين في قطر”.
قلق إزاء سلوك الشرطة وسلطات المرور
وقالت “حتى وإن لم يكن الأمر مقصودا، فإن الجنسية والأصل القومي يرسخان نظاما طبقيا بحكم الأمر الواقع بين غير المواطنين تتمتع فيه الجنسيات الأوروبية والأمريكية الشمالية والأسترالية والعربية بشكل نظامي بحماية لحقوق الإنسان أكبر من الحماية التي تتمتع بها الجنسيات من جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.”
وأعربت أتشيومي عن القلق أيضا إزاء التنميط العرقي والإثني من قبل الشرطة وسلطات المرور، وحتى من قبل قوات الأمن الخاصة. وقالت إن “مواطنين من جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى قالوا إنهم منعوا من دخول حدائق وأسواق بسبب مظهرهم”.
هذا والتقت المقررة الخاصة خلال زيارتها الرسمية إلى قطر بمسؤولين حكوميين وأكاديميين وممثلي أقليات عرقية وإثنية ودينية ومنظمات دولية.
**السيدة إي تندايي أتشيومي (زامبيا) عينها مجلس حقوق الإنسان مقررة خاصة معنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب، في أيلول/سبتمبر 2017. وتعمل السيدة أتشيومي حاليًا أستاذة قانون في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، وزميلة باحثة في المركز الأفريقي للهجرة والمجتمع بجامعة ويتواترسراند في جنوب إفريقيا.