إسرائيل والمرأة الفلسطينية.. هل لا يزال لدى النساء في فلسطين حقوق إنسانية؟
كشفت العديد من المصادر الإخبارية مؤخراً بأن حكومة الاحتلال الإسرائيلية لا تزال مستمرة في انتهاك حقوق المرأة الفلسطينية، حيث لفتت تلك المصادر الإخبارية إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي تحتجز في سجونها 62 امرأة فلسطينية، بمن فيهن 6 طفلات، 9 مصابات و3 نساء رهن الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، كما وتمارس قوات الاحتلال بحق أولئك النساء مختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.
كما ذكرت تلك المصادر الإخبارية، أنه في وقتنا الحالي تقبع في سجون الاحتلال 35 أسيرة في سجن “هشارون”، و25 أسيرة في سجن “الدامون”، وواحدة في سجن “الرملة”، حيث قامت سلطات الاحتلال بنقل المعتقلات الفلسطينيات من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى خارج الأراضي المحتلة عام 1967، أي بما يخالف اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السكان من الأراضي المحتلة.
وحول هذا السياق، ذكرت بعض التقارير الحقوقية بأن الكثير من الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات يتعرضن لشتى أنواع الانتهاكات على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية منذ لحظة اعتقالهن وحتى لحظة الإفراج عنهن.
وأشارت تلك التقارير الحقوقية إلى أن الانتهاكات تتنوع بين التعذيب والاعتداء الجسدي والنفسي، والتفتيش العاري المهين، كما يتم الاعتداء على الأسيرات الفلسطينيات لفظياً بشكل متكرر أثناء فترة الاعتقال والتحقيق، وهو ما يشكّل انتهاكاً للمعايير الدولية الخاصة بالتعامل مع الأسرى والمعتقلين.
وفي سياق متصل، كشفت المحامية “شيرين العيساوي” عن تفاصيل عملية اعتقالها من قبل قوات الاحتلال الصهيوني في عام 2014، حيث قالت: “بعد اقتحام منزلي ومنزل شقيقي، قام جنود الاحتلال بضربي ضرباً مبرحاً قبل أن ينقلوني إلى مركز تحقيق، وكنت مكبّلة اليدين ومعصوبة العينين طوال فترة النقل، كما قام الجنود بإهانتي وضربي داخل الجيب العسكري”.
يذكر أن “العيساوي” تعمل في رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها قوات الاحتلال بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في القدس، وفي حادثة أخرى وصفت المعتقلة الفلسطينية “أمل جهاد” طريقة اعتقالها بالقول: “لقد تم اعتقالي يوم الثلاثاء 2014 عند الساعة الثانية عصراً تقريباً، بينما كنت أود أن أوصل والدتي إلى بيت خالتي الكائن في نفس الشارع الذي أسكن فيه، ووالدتي سيدة كبيرة في العمر وتعاني من أمراض عديدة وتستند إلى عكازين لمساعدتها على المشي وتحتاج إلى شخص ليرافقها دائماً“.
وفي حالة أخرى كشفت المعتقلة الفلسطينية “بيان عزام” عن ظروف اعتقالها، حيث قالت: “في تاريخ 2014 الساعة 11:00 صباحاً حاولت مرور حاجز قلنديا، ولم يكن بحوزتي أي شيء محظور، فقط كنت أريد الذهاب للصلاة في المسجد الأقصى، وأثناء مروري بالحاجز ناداني أحد الجنود من الخلف مستخدماً عبارة (حجة)، ووقتها لم أكن أعلم أنه كان يقصدني لأن كلمة حجة تقال عادة للمرأة الكبيرة في السن، وفجأة اعترضت طريقي مجندة وقالت بصوت عالٍ: لماذا لم تجيبي على الجندي؟ فقلت لها إنني لم أكن أعلم أنه يناديني، وطلبت المجندة مني الهوية، وقالت لي أن عمري لا يسمح لي بالعبور من الحاجز دون تصريح، فقلت لها أن من حقي أن أصلي في المسجد الأقصى فأنا مسلمة، فبدأت تتحدث معي بنبرة استهزاء، وكان معها حوالي 6 جنود، فقامت المجندة بعد ذلك بالتطاول علي بالكلام والاستهزاء، فغضبت وجاوبتها بعصبية، وفجأة وجدت نفسي ملقاة على الأرض والمجندة فوقي مباشرة، حيث قامت بالجلوس فوق جسدي وقامت بالسيطرة على يدي ورجلي، وأثناء ذلك قامت بضربي بيديها ورجليها، وكان هذا على مرأى من الجنود الذين قاموا بتحويطنا دون أي تدخل منهم“.
وفي السياق نفسه، قالت المعتقلة الفلسطينية “دلال محمد” أنها تعرّضت للكثير من العنف الجسدي أثناء نقلها إلى مركز التحقيق وأضافت: “بعد الاعتداء علي قام الجنود بسحبي بطريقة وحشية، وقاموا بتقيدي بقيود حديدية ويدي إلى الأمام، وعندما كنت أريد أن أربط ملابسي كانوا يقومون بسحبي وقاموا بشتمي وبضربي أثناء سحبي إلى الجيب، حيث كنت قد رفضت أن أدخل في الجيب العسكري، إلا أن أحد الجنود قام بضربي بالبندقية على ظهري ما سبب لي الألم الشديد، وأجبرت بعدها على الدخول إلى الجيب العسكري، وعند الدخول إلى الجيب كان هناك مجندتان موجودتان، وكان جندي آخر يجلس في الأمام، وطلبت من إحدى المجندات تخفيف قيود يدي لأنني كنت قد أجريت عمليه في يدي اليمنى، وردّوا علي بالقيام بضربي على القيود الحديدية ما تسبّب لي بالألم الشديد“.
إن التجارب التي مرّت بها العديد من الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات ابتداءً من عملية الاعتقال وحتى التوقيف والسجن تشير إلى الاعتداء القاسي الذي تعرضن له من قبل الجنود وعناصر مصلحة السجون للاحتلال، وهذا الأمر يتعارض تعارضاً كلياً مع قرارات وبنود المنظمات الحقوقية والإنسانية ولا سيما منظمة حقوق الإنسان التي طالما تغنّت خلال السنوات الماضية بأنها تقف إلى جانب المظلوم ولكن الأحداث والوقائع التي حصلت للنساء والشابات الفلسطينيات أثبتت للعالم أجمع بأن منظمة حقوق الإنسان ما هي إلا منظمة استثمارية تم إنشاؤها لخدمة بعض الأطراف السياسية الخارجية.
الجدير بالذكر هنا أن عمليات الاعتقال والاحتجاز والتعذيب الذي تتعرّض له المرأة الفلسطينية اليوم، يأتي ضمن سياسة ممنهجة للاحتلال تهدف إلى تفتيت بنية المجتمع الفلسطيني، حيث إن الاستمرار في اعتقال النساء الفلسطينيات يعكر صفو النسيج الاجتماعي للعائلات الفلسطينية.