اعتقالات نوفمبر.. حلقة جديدة من مسلسل القمع السعودي
شنت السلطات السعودية حملة إعتقالات جديدة ضد نشطاء و إعلاميين من بينهم نساء، رغم الضغوط الدولية ضدها والفضائح التي لم يتخلص منها ولي العهد محمد بن سلمان ورغم محاولاته البائسة لرسم صورة ايجابية للمملكة أمام الرأي العام العالمي.
تشهد السعودية منذ أكثر من عامين، اعتقالات مستمرة استهدفت مئات من الدعاة والنشطاء والحقوقيين، وذلك بتهمة التعبير عن رأيهم ومعارضة ما تشهده السعودية من تغييرات تحت ما يسمى اصلاحات، وسط مطالبات حقوقية بالكشف عن مصيرهم وتوفير العدالة لهم.
وفي أحدث مسلسل اعتقالات، شنت سلطات النظام السعودي مساء أمس الأحد، حملة اعتقالات جديدة طالت أكاديميين ومغردين، بينهم نساء.
وأفاد حساب “معتقلي الرأي” عبر “تويتر” أن الاعتقالات حدثت خلال الـ 48 ساعة الماضية.
وأضاف الحساب، في ساعة متأخرة من ليل الأحد، أنه سينشر خلال ساعات قليلة أسماء من تأكد خبر اعتقالهم.
ودشن ناشطون سعوديون وسم #اعتقالات_نوفمبر.
وذكر الحساب أن من بين المعتقلين الذين تم التعرف عليهم الصحفية المتدربة في “صحيفة الوطن” السعودية، مها الرفيدي؛ وذلك على خلفية دعمها لمعتقلي الرأي.
وأشار إلى أن المعتقلة سبق أن راسلت صفحته في وقت سابق، وأكدت تعرضها لتهديدات بالاعتقال.
كما ذكر الحساب أنه من المقرر أن يشهد الأسبوع الجاري جلسة النطق بالحُكم ضد الداعية السعودي سلمان العودة، بعدما حددت المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض الأربعاء 27 نوفمبر موعداً لهذا الحكم.
وتبادر السلطات السعودية بشكل دوري على تنفيذ حملات اعتقال تطال ناشطين وحقوقيين وأكاديميين ودعاة، وحتى رجال أعمال، ويتم توجيه اتهامات لهم بالتآمر على المملكة والتواصل مع جهات خارجية لهذا الغرض.
وكانت أبرز الحملات، تلك التي حدثت في مطلع سبتمبر/أيلول 2017، والتي شملت مئات من رموز ما يسمى “تيار الصحوة” المحافظ من أكاديميين واقتصاديين وكتاب وصحفيين وشعراء وروائيين ومفكرين.
وفي 2018، اعتقلت السلطات ناشطات تصدرن حملات حقوقية للمطالبة بتحسين أوضاع النساء في المملكة، وفي مقدمتها منح المرأة حق قيادة السيارة، وتخفيف ولاية الرجل عليها في شؤون أخرى، أبرزها السفر والتنقل.
وفي أبريل/نيسان 2019، شنت السلطات حملة اعتقالات جديدة، استهدفت مؤيدين لحقوق المرأة وكتابا ومثقفين، وذوي ارتباط بالناشطات المعتقلات بالمملكة.
ويرقد في سجون المملكة العشرات من المعارضين السعوديين السلميين الذين يقضون أحكاماً قاسية بسبب عملهم الحقوقي فقط، والتعبير عن رأيهم.
وتشهد السعودية تغييرات غير مسبوقة على المستوى الاجتماعي والثقافي والديني منذ صعود ولي العهد محمد بن سلمان لسدة الحكم، والذي سجن كل من عارضه وترك فقط من يطبل منهم لسياسته بل ويفصل الدين والفتاوى بما يناسب أوامره.
ويرى مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “رايتس ووتش”: “إسكات المعارضة السلمية بأحكام مشينة يُظهر عدم التزام الحكومة السعودية بإصلاحات سياسية ومدنية جادة”.
وتحاول السلطات السعودية رسم صورة وردية من المجتمع السعودي أمام الرأي العام العالمي،من خلال الترويج للعالم بأن السعوديين مشغولون بالترفيه ويستمتعون بحضور الحفلات الفنية ومتابعة الفعاليات المتنوعة ورؤية المشاهير القادمين من مختلف أنحاء العالم.
وفي الواقع، سلك محمد بن سلمان هذا الاتجاه بعد فضيحة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول والتي هزت العالم بوحشيتها وبشاعتها، في محاولة منه لتغيير صورة المملكة المشوهة لدى الرأي العام العالمي، بانشاء ما يسمى هيئة الترفيه وجلب الفنانين والمطربين الأجانب الى المملكة ومنح بعض الحريات التي كانت ممنوعة مسبقا، الى النساء والشباب، وكل ذلك في إطار اصلاحاته المزعومة.
ومن المفارقات أن كل ذلك القمع والترهيب يحدث في الوقت الذي يحاول فيه بن سلمان الترويج لنفسه كرائد للانفتاح ويسعى لتجاوز تبعات جريمة اغتيال خاشقجي، بينما يتجاهل حقيقة أن أوضاع الحقوق والحريات في المملكة قد بلغت من السوء في عهده مبلغا لم يعرفه السعوديون في كل العهود السابقة.
وبحسب المحللين، فان سياسة ترويج الترفيه لن تنجح في مملكة يحكمها نظام يرفع شعار القمع والترهيب والاعتقال والسجن في الداخل ويتجسس على المواطنين ويرسل فرق الموت والخطف لإخراس معارضيه في الخارج ويبدد مقدرات الشعب في شراء الذمم والتعاقد مع شركات العلاقات العامة واللوبيات في محاولات بائسة لتحسين صورته أمام العالم ومن أجل تقديم صورة مزيفة لا تعكس حقيقة الأوضاع على أرض الواقع.