ليبيا: فيما أدان قصف معمل البسكويت في طرابلس اليوم، غسان سلامة أكد أن إنهاء النزاع والاتفاق على المضي قدما هو “احتمال واقعي”

عبّر الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا، غسان سلامة، عن غضب وحزن كبيرين حيال حادثة أخرى أليمة ألمت يوم الاثنين بليبيا وأسفرت عن إصابات فادحة في صفوف المدنيين.

جاء ذلك في مستهل إحاطته يوم الاثنين أمام مجلس الأمن الدولي حيث أوضح أن مصنعا للبسكويت في حي وادي ربيع بطرابلس تعرض لقصف جوي، وفقا لما ورد من معلومات حتى الآن. وقد أسفر الهجوم عن وفاة 10 أشخاص وإصابة أكثر من 35 آخرين بجراح.

بغض النظر عما إذا كان الهجوم قد استهدف المصنع عمدا أم كان هجوما عشوائيا، فقد يرقى إلى جريمة حرب — غسان سلامة

سلامة الذي كان يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من ليبيا، أشار إلى أن غالبية القتلى كانوا من المهاجرين، لكن اثنين منهم على الأقل من الليبيين. “بغض النظر عما إذا كان الهجوم قد استهدف المصنع عمدا أم كان هجوما عشوائيا، فقد يرقى إلى جريمة حرب”، بحسب سلامة الذي ذكر أن البعثة تعمل على تقصي الحقائق.

وذكر الممثل الخاص أن التقلب سمة الوضع على خطوط المواجهة في جنوب العاصمة، حيث تتجلى المخاطر والعواقب المباشرة للتدخل الأجنبي بشكل متزايد، مشيرا إلى أن إشراك المرتزقة والمقاتلين من الشركات العسكرية الخاصة يشهد تزايدا مستمرا، وأن إقحام هؤلاء المقاتلين من ذوي الخبرة يؤدي إلى اشتداد حدة العنف.

استخدام القوة الجوية والتكنولوجيا الدقيقة

سمة أخرى للنزاع الحالي هي استخدام القوة الجوية والتكنولوجيا مما يرفع من حدة النزاع حيث تقدر البعثة بأن العدد الإجمالي للغارات التي شنتها طائرات مسيّرة تابعة لقوات “الجيش الوطني الليبي” بما يزيد كثيرا عن 800 غارة منذ بداية النزاع. فيما يقدر العدد الإجمالي للغارات التي شنتها طائرات مسيّرة تابعة لحكومة الوفاق الوطني بنحو 240 غارة.

“في تقديرنا فإن الأطراف الخارجية للنزاع تقوم بتيسير البنية الأساسية والعمليات التي تنفذها الطائرات المسيّرة”، كما قال الممثل الخاص مشيرا إلى أن ما يسهل أعمال العنف أيضا هو ذلك الكم الهائل من الأسلحة المتبقية من عهد القذافي، فضلاً عن استمرار دخول الشحنات من عتاد الحرب إلى البلاد في انتهاك للحظر المفروض على توريد الأسلحة.

مؤتمر القمة الدولي

UN Photo/Loey Felipe
الممثل الخاص للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلام يطلع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على الوضع في ليبيا – (4 سبتمبر 2019)

وبشأن مؤتمر القمة الدولي الذي اقترحه الممثل الخاص سلامة، عقدت بالفعل ثلاثة اجتماعات رسمية رفيعة المستوى، وسيعقد اجتماع رابع بالغ الأهمية يوم الأربعاء، 20 تشرين الثاني/نوفمبر. وفي المناقشة الأخيرة التي جرت في 21 تشرين الأول/أكتوبر، عمل المشاركون على الاتفاق على مسودة بيان ختامي يحدد ست حزم من الأنشطة الضرورية لإنهاء النزاع في ليبيا، كما قال غسان سلامة الذي شكر حكومة ألمانيا على عملها بشأن التحضير للمؤتمر.

أما عما تشمله الحزم الست، فقال سلامة إنها تتضمن ما يلي:

  • ضرورة العودة إلى العملية السياسية التي تقودها ليبيا وما يصاحبها من إصلاح اقتصادي؛

  • وقف إطلاق النار وتنفيذ حظر الأسلحة والإصلاح الأمني؛

  • تعزيز احترام حقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني الدولي.

وقال الممثل الخاص إن وضع تنفيذ حظر توريد الأسلحة في صلب الالتزام الدولي أمر أساسي من الناحية العملية وهو بمثابة رسالة إلى الشعب الليبي.

تنشيط العمل على المستوى المحلي

عمل البعثة لا يقتصر على المستوى الدولي ومتابعة أعمال القمة ولكن أيضا على المستوى المحلي لتحفيز العمل الجماعي وبناء القدرات.

وقد عقدت البعثة الحلقة الأخيرة من سلسلة من ثلاثة لقاءات في منتصف تشرين الأول/أكتوبر لدعم الوسطاء المحليين. وقد حضر أكثر من 120 ليبيا، من بينهم 23 امرأة. وبحسب غسان سلامة، تهدف هذه اللقاءات إلى إنشاء شبكة وطنية من الوسطاء تضم زعماء القبائل والشيوخ وممثلي المجتمع المدني والنشطاء من الشباب والنساء والأكاديميين ورجال الأعمال ممن يحظون بالمصداقية والاحترام لدى مختلف الفئات المعنية.

مصير سهام سرقيوة مازال مجهولا

يشكل مصير السيدة سرقيوة جزءا من نمط أكبر من أنماط العنف ضد المرأة في جميع أنحاء البلاد– غسان سلامة

مازالت المعلومات عن سهام سرقيوة، عضو مجلس النواب، التي اختطفت من منزلها في 17 تموز/يوليو، غير متوفرة، وفقا لغسان سلامة الذي قال إنه وبعد مضي أكثر من أربعة أشهر “لم تتمكن السلطات في الشرق من إعطاء معلومات عن مصير هذه البرلمانية والناشطة الحقوقية التي عبرت عن آرائها علنا”.

ويشكل مصير السيدة سرقيوة جزءا من نمط أكبر من أنماط العنف ضد المرأة في جميع أنحاء البلاد.

هذا وأكد الممثل الخاص أن البعثة عاكفة على توثيق حالات القتل والاختفاء القسري، ومن بينها حالة امرأة ليبية تبلغ من العمر 70 عاما اختطفت في 16 تشرين الأول/أكتوبر من منزلها في بنغازي بعد اتهامها بمزاولة السحر، مشيرا أيضا إلى ما تتعرض له النساء المهاجرات واللاجئات في ليبيا من خطر الاغتصاب وغيره من ضروب العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والاستغلال الجنسي والإكراه على البغاء في أماكن الاحتجاز وخارجها.

غير أن سلامة لفت أيضا الانتباه إلى خبر إيجابي حيال جهود المرأة الليبية في بناء السلام، حيث أوردت هيئة الإذاعة البريطانية في 16 تشرين الأول/أكتوبر، اسم الآنسة رضا الطبولي، -والتي قدمت إحاطة إلى مجلس الأمن اليوم – وهي مناصرة للسلام ورئيسة منظمة “معا نبنيها”- من بين أكثر 100 امرأة مؤثرة لعام 2019.

خطر الاستثمار الخارجي في النزاع

وأشار غسان سلامة إلى أن الاستثمار الخارجي في النزاع يتجاوز مقدار المشاركة الوطنية ليبسط سيطرته على مستقبل ليبيا بعيداً عن الليبيين ويضعها في أيدي أطراف خارجية.

إنهاء النزاع والاتفاق على المضي قدما هو احتمال واقعي–غسان سلامة

ودعا في هذا السياق جميع الليبيين إلى نبذ هذا التدخل وتأييده في “دعوة الأطراف الخارجية إلى الامتثال لحظر التسليح والالتزام بشكل ملموس بإنهاء النزاع على الأرض قبل فوات الأوان”.

وختم بالقول إن “إنهاء النزاع والاتفاق على المضي قدما هو احتمال واقعي”، مضيفا أن الأطراف معروفة، والخطوط العريضة للاتفاق معروفة، والخيارات المتاحة لتحديد إطار دستوري مؤقت أو طويل الأجل أيضا موجودة، مبا في ذلك إصدار القانون الانتخابي من قبل. “كل شيء ممكن تحقيقه إلى حد كبير. كل ما نحتاجه الآن هو أن يتحد المجتمع الدولي ليوفر المظلة اللازمة للأطراف الليبية حتى توحد الصف لإنهاء النزاع واستئناف الحوار”، تابع سلامة مؤكدا دعم الأمم المتحدة المستمر لليبيا والشعب الليبي خلال هذا المسار.

قد يعجبك ايضا