اليمن: أعداد الضحايا تتجاوز الأرقام الرسمية والتحالف يمعن في “جرائم الحرب”
بلغ عدد الضحايا اليمنيين الذين قضوا خلال الحرب المستمرة منذ العام 2015، عشرات الآلاف، خلافا للأعداد التي تظهرها الأرقام الرسمية، بحسب ما أوضحت عضو الفريق الأممي المعني برصد انتهاكات حقوق الإنسان باليمن، ميليسا باركي، في تعليقها على التقرير الأممي الذي صدر مؤخرًا.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها باركي مع وكالة “الأناضول” التركية للأنباء، وعقبت فيها على تقرير يعتبر الثاني من نوعه لفريق من الخبراء البارزين ممن عينتهم الأمم المتحدة في كانون الأول/ ديسمبر 2017؛ من أجل رصد انتهاكات حقوق الإنسان باليمن، وإعداد تقارير بشأنها.
وأكد التقرير أنه تم توثيق وقائع اغتصاب باليمن نفذتها القوات المدعومة إماراتيًا في “مراكز اعتقال سرية”، مشيرا إلى احتمال ضلوع أطراف الصراع، بما في ذلك التحالف العسكري بقيادة السعودية والإمارات، “في جرائم حرب”، و”انتهاكات للقانون الدولي”.
وكشف التقرير الذي أعده الفريق الذي يضم كمال الجندوبي (تونس) رئيسًا، وعضوين هما تشارلز غاراوي (المملكة المتحدة) وميليسا باركي (أستراليا)؛ بالتفاصيل، الجرائم الدولية التي ارتكبها التحالف العسكري ضد اليمن، كما سلط الضوء بشكل موسع على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الإمارات بالبلد نفسه، بعكس نسخته الأولى الصادرة العام الماضي.
كما وجه التقرير انتقادات للدول والأطراف التي تقوم ببيع الأسلحة لأطراف الصراع اليمني، وخصوصا الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، لافتا إلى أن هذه الدول تبيع الأسلحة للسعودية والإمارات، وتقدم لهما الدعم اللوجسيتي والاستخباراتي. وحذر التقرير من أن ذلك يجعل تلك الدول شريكة في جرائم الحرب التي يرتكبها التحالف.
وأكد التقرير كذلك أن هناك مدنيين قتلوا جرّاء الغارات الجوية التي تشنها السعودية والإمارات، مشيرًا إلى أن “الدولتين تجران البلاد إلى المجاعة من خلال تعمد حرمان المدنيين من الطعام”.
ولفت أيضا إلى أن جماعة “أنصار الله” (الحوثيين)، تقصف المدن، وتجند الأطفال، لافتًا إلى احتمال قيام إيران بتأمين الأسلحة لتلك الجماعة.
عشرات الآلاف من المدنيين
وقالت باركي إن الأرقام الرسمية باليمن تشير إلى أن أعداد القتلى من المدنيين الذين سقطوا جرّاء الحرب تقترب من 10 آلاف قتيل، مؤكدة أن “هذه الأرقام لا تعكس الحقيقة بأي حال من الأحوال”. وأضافت: “لن نتمكن من تحديد دقيق لعدد القتلى من المدنيين باليمن”؛ مرجعة ذلك إلى “استمرار الحرب، وتقييد الوصول إلى المعلومات الدقيقة”.
وتابعت المسؤولة الأممية: “العدد الحقيقي للقتلى من المدنيين الذين سقطوا في نتيجة مباشرة للمعارك باليمن، يقدر بعشرات الآلاف، وهناك ملايين آخرين ممن تضرروا بشكل غير مباشر نتيجة الصراع، وشمل هذا الضرر تعرضهم للمجاعات، وحرمانهم من المساعدات الإنسانية، فضلا عن صعوبة حصولهم على الخدمات الصحية”.
وأوضحت أن هناك “24.1 مليون يمني، أي 80 بالمئة من السكان، بحاجة عاجلة للمساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة”، مشيرة إلى أن “قصف قوات التحالف (السعودي الإماراتي)، لمركز علاج الكوليرا التابع لمنظمة أطباء بلا حدود، يمكن اعتباره جريمة حرب محتملة”.
محاسبة الجناة
وأوضحت باركي، في ذات السياق، أن التونسي كمال الجندوبي الذي يترأس الفريق الأممي، سلم في آب/ أغسطس الماضي، “قائمة سرية” للأمم المتحدة، تضمنت أسماء أشخاص من الحكومة الشرعية باليمن، والسعودية، والإمارات، يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب في البلاد.
وأكدت كذلك أن المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، ستحتفظ بهذه القائمة السرية؛ لحين تشكيل المجتمع الدولي “آلية للمساءلة” بخصوص جرائم الحرب في اليمن، وهذه القائمة سيتم تقديمها للمحكمة من قبل المفوضة المذكورة عند تأسيس الآلية.
واعتبرت أنه “بهذه الطريقة سيكون الطريق ممهدًا أمام إجراءات التحقيق، والمقاضاة بحق الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب باليمن”، داعية إلى ضرورة محاسبتهم على ذلك، لأن تأخر المجتمع الدولي في تشكيل آلية المساءلة والمحاسبة قد يؤدي إلى ارتكاب مزيد من جرائم الحرب”.
وشددت باركي على ضرورة محاسبة من يرتكبون جرائم دولية باليمن، محذرة من أن التأخر في اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الخصوص “سيؤدي حتمًا لمزيد من جرائم الحرب”.
إمداد التحالف بالسلاح.. مشاركة في المسؤولية
وحذّرت باركي، كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، من مغبة الاستمرار في تسليح أطراف الصراع اليمني، وخصوصا السعودية والإمارات، مطالبة بوقف تسليحهم بشكل فوري.
كما حذّرت من أن “استمرار تلك الدول في تأمين السلاح لقوات التحالف قد يجعلها مسؤولة عن جرائم الحرب وانتهاكات قانون حقوق الإنسان الدولي باليمن”.
مراكز اعتقال سرية
وأشارت باركي أيضا إلى وجود “مراكز اعتقال سرية” يصعب الوصول إلى بعضها، تابعة للأطراف المتصارعة باليمن، بما في ذلك الحوثيين، مشيرة إلى أن الإمارات لديها مثل هذه الأنشطة، لا سيما جنوبي البلاد.
ولتوضيح الجزئية الأخيرة، قالت إن “دولة الإمارات تقوم بتعذيب كافة المعتقلين بما في ذلك النساء. كما أنهم يقومون في بعض الأوقات بالاعتداء الجنسي على المعتقلين. وقمنا بتوثيق حالات اغتصاب نفذتها القوات المدعومة إماراتيًا”.
وناشدت باركي المجتمع الدولي محاسبة الضالعين في جرائم الحرب باليمن. وقالت: “لا بد من محاسبتهم فورًا؛ لأن الشعب اليمني البريء هو الضحية الوحيدة لتلك الحرب. آن الأوان لنتخذ خطوة في هذا الصدد، ويقوم المجتمع الدولي بفعل أشياء كثيرة من أجل محاسبتهم”.