الذكرى الثالثه لجريمة الصالة الكبرى
في الثامن من تشرين الأول عام 2016، بين الثالثة والرابعة عصراً بتوقيت صنعاء، وبينما كانت «القاعة الكبرى» في العاصمة اليمنية تكتظ بالآلاف من المُعزين، الذين حضروا لتقديم واجب العزاء بوفاة وزير الداخلية جلال الرويشان، ارتكبت طائرات التحالف الذي تقوده السعودية على اليمن «المجزرة الكبرى».
عصر ذلك اليوم، تناثرت أشلاء 1083 من القتلى والجرحى في كل مكان، فيما وصلت المئات من الجثث المتفحمة إلى مستشفيات العاصمة، التي تعالت منها نداءات استغاثة للمواطنين تدعوهم إلى التبرع بالدم للجرحى. بضعة صواريخ استهدفت المعزين، ثمّ المسعفين والجرحى العالقين تحت الأنقاض، كانت كافية لتحويل «الصالة الكبرى» إلى الشاهد «الأكبر» على وحشية تحالف العدوان، الذي ارتكب وحقّق وبرّأ نفسه من المجزرة الأكثر دموية خلال ما يزيد على عامين ونصف عام من القصف والحصار.
اليوم، وبعد عام من المجزرة، لم تنسَ طرقات وأحياء صنعاء الشهداء. فصورهم لا تزال معلقة على الجدران المتصدعة في شارع الخميسن في حيّ حدة، وغيره من الشوارع المنهكة التي احتضنت الجثث المتفحمة، وتلطخت بالدماء والأشلاء المتناثرة، وتنشقت الدخان الأسود المتصاعد، واحترقت بكتل النيران الملتهبة في ذلك اليوم.
حينها، نفى التحالفالضلوع بـ«أي شكل من الأشكال» في الغارة الجوية، قبل أن يعود ويقر بارتكاب المجزرة، محملاً «مركز توجيه العمليات الجوية في الجمهورية اليمنية» مسؤولية السماح بشن الغارات، و«رئاسة هيئة الأركان العامة» مسؤولية إعطاء الطائرات «معلومات مغلوطة عن أهداف عسكرية». وألقى اللوم على حليفه الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي، مانحاً نفسه صك البراءة من المسؤولية القانونية عن ارتكاب الجريمة.
بعد يوم من الجريمة، في التاسع من تشرين الأول، تساءلت «بي بي سي» وغيرها من وسائل الأعلام الأجنبية عمّا إذا كانت ستغير الغارات، وما أعقبها من إدانات حقوقية ودولية، «من مسار عمليات التحالف». ولعل تزامن الذكرى السنوية الأولى للمجزرة مع إدراج الأمم المتحدة «التحالف» ضمن «قائمة سوداء» لمرتكبي الجرائم بحق الأطفال، بسبب «مقتل وإصابة 683 طفلاً» في اليمن، كفيل للإجابة عن هذا السؤال، وكذلك الدماء التي لم تجفّ بعد لضحايا أكثر من أربع مجازر ارتكبها التحالف في اليومين الماضيين في البلد العربي الأشد فقراً.