سوريا: المبعوث الخاص يؤكد أن اللجنة الدستورية لن تحل الأزمة لكنها ستساعد على “تضييق الهوة” داخل المجتمع السوري

قبل أقل من 30 يوما من اجتماع اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا والتي تم تشكيلها حديثا في جنيف لمحاولة الاتفاق على نص أساسي جديد باعتباره أحد لبنات السلام الدائم في البلد الذي مزقته الحرب، أقرّ مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، بأن هذا التقدم يعتمد على التغلب على العديد من العقبات، بما فيها إطلاق سراح السجناء والحد من العنف وانعدام الأمن.

 

في حديثه إلى الصحفيين اليوم الأربعاء في جنيف، بدا بيدرسون متفائلا – لكن واقعيا – بشأن الاجتماع القادم للهيئة المكونة من 150 عضوا والذي سيتم “وجها لوجه”، بين 50 ممثلا من كل من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني.

 

وقال “الأخبار السارة هي أننا سنلتقي هنا في 30 تشرين الأول/أكتوبر ونأمل في أن تكون بداية ناجحة. لجنة في حد ذاتها لن تحل أزمة سوريا، ولا أعتقد أن أحدا قال ذلك أبدا. لكن ما قلناه هو بالطبع أن الدستور يمكن أن يساعد في تضييق هوة الخلافات داخل المجتمع السوري، ويمكن أن يساعد في بناء الثقة، كما يمكن أن يكون بمثابة باب يفتح الطريق أمام العملية السياسية الأوسع”.

 

وأوضح السيد بيدرسون أن الهيئة المصغرة التي تضم 45 شخصا، بمن فيهم 15 حكومة و 15 من المعارضة و 15 عضوا من المجتمع المدني ستجتمع أيضا بشكل منفصل في المدينة السويسرية لإعداد وصياغة المقترحات، وذلك تمشيا مع الشروط المتفق عليها التي تشكلها المبادئ الرئيسية بما فيها احترام ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن وسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها.

 

ضرورة معالجة المخاوف الأمنية

في الوقت نفسه، أقر المبعوث الأممي بضرورة معالجة المخاوف بشأن الاشتباكات المستمرة في إدلب، حيث كثفت القوات الحكومية حملتها العسكرية في نيسان/أبريل، وكذلك المخاوف المتعلقة بانعدام الأمن في أماكن أخرى.

 

وأضاف للصحفيين “نحن بحاجة إلى التأكد من أننا قادرون على المضي قدما على عدة مسارات، مشيرا إلى ما جاء في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي يوم 30 من أيلول/سبتمبر، قائلا إننا “نحتاج بالطبع أيضا إلى العمل على الوضع في الشمال الشرقي وإدلب تمثل تحديا خاصا، لكننا نشعر بقلق متزايد أيضا بشأن الوضع في الجنوب الغربي وما يحدث هناك”.

 

وبعد أكثر من ثماني سنوات ونصف من الحرب، يُعتقد أن مئات الآلاف من السوريين قد قتلوا في الصراع. وذكر خبراء الأمم المتحدة في عام 2018 أن ملايين آخرين فروا من البلاد التي عانت أيضا من دمار هائل من المحتمل أن تكلف إعادة البناء ما لا يقل عن 400 مليار دولار.

 

وفيما أشار إلى الوضع في منطقة الشمال الشرقي التي كان يسيطر عليها الأكراد في السابق، على الحدود مع تركيا، أصر المبعوث الخاص على أنه ينبغي التعامل مع الوضع “في ظل مراعاة السيادة السورية والاستقلال ووحدة الأراضي”.

تمثيل جميع شرائح المجتمع السوري

وقال إنه بالإضافة إلى ذلك، يجب وضع المخاوف الأمنية التركية المشروعة في الاعتبار، مع احترام جميع المجتمعات المختلفة في الشمال الشرقي. وأوضح “إذا تم التعامل مع كل هذه القضايا الثلاث، نعتقد أننا يمكن أن نكون قادرين على المضي قدما”.

 

مؤكداً أن اللجنة الدستورية تضم مندوبين أكراد، أصر السيد بيدرسون على أن “جميع شرائح” المجتمع السوري ممثلة، بما في ذلك النساء، بحوالي 30 في المائة من عناصر المجتمع المدني المشاركين.

 

وقال المبعوث الخاص إن “هذه الهيئة التمثيلية الفريدة” وحدها ستتخذ قرارات بشأن إعادة كتابة الدستور السوري، مشيرا إلى أنه على الرغم من أنه قد يكون لديه “عدة أفكار” حول هذا الموضوع، إلا أنه مقتنع بعد لقائه مع ممثلي الحكومة والمعارضة بأنهم يستطيعون “معالجة ذلك بأنفسهم”.

 

إطلاق المزيد من المعتقلين سيساعد في بناء الثقة

مكررا أنه “ليس لدينا متسع من الوقت” قبل اجتماع 30 تشرين الأول/أكتوبر في مقر الأمم المتحدة بجنيف، أشار السيد بيدرسون أيضا إلى الحاجة إلى إطلاق سراح المزيد من المقاتلين، كتدبير لبناء الثقة. حتى الآن، جرت أربع جولات من عمليات تسريح المعتقلين، “ولكن يجب تحرير أعداد أكبر بكثير”، كما اقترح بيدرسون.

 

“من الواضح أن هذه مسألة تمس الكثير من الأسر في سوريا وتسبب الكثير من الألم”، كما قال المبعوث الخاص، مضيفا “نعتقد أن معالجة هذه (المسألة) وسيلة مهمة قد تمكن الشعب السوري من المضي قدما. وستساعدنا أيضا كما أعتقد، على البدء في بناء الثقة في سوريا مرة أخرى.”

 

وردا على سؤال حول إمكانية وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، قال السيد بيدرسون إنه أمر يأخذه وفريقه “بجدية شديدة للغاية … إنه مرتبط كما قلت سابقا بالوضع في إدلب وأهمية الحفاظ على الهدوء هناك في الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة، ونعتقد أن وقف إطلاق النار على مستوى البلاد يمكن أن يساعد في ترسيخ ذلك”.

 

هذا وسيزور مبعوث الأمم المتحدة الخاص  دمشق الأسبوع المقبل لإجراء محادثات تحضيرية مع الحكومة السورية. ومن المتوقع أيضا أن يلتقي بزعماء المعارضة، ربما في العاصمة السعودية الرياض، قبل بدء عمل اللجنة في جنيف.

قد يعجبك ايضا