قرار سيادي يمني بوقف إطلاق النار.. ماذا عن السعودية؟
نفت حركة أنصار الله اليمنية، صحة أي تسريبات إعلامية حول القبول بوقف إطلاق نار جزئي أو مشروط مع التحالف السعودي، مؤكدة أن صنعاء لن تقبل إلا بالوقف الشامل للحرب مع رفع الحصار بالكامل. وكانت صحيفة اميركية نقلت عن مسؤولين سعوديين موافقة الرياض على هدنة جزئية ردا على مبادرة السلام اليمنية.
أعلنت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أن الرياض وافقت على وقف محدود لإطلاق النار في أربع مناطق، من بينها العاصمة اليمنية صنعاء، وأنه في حال نجاح هذا الأمر فسيسعى السعوديون إلى توسيع الهدنة لتشمل أجزاء أخرى من اليمن.
ويعتبر هذا الاعلان ردا على مبادرة سلام أطلقها رئيس المجلس السياسي اليمني الأعلى “مهدي المشاط”، قبل 7 أيام، وكان قد دعا فيها جميع الفرقاء من مختلف أطراف الحرب إلى الانخراط الجاد في مفاوضات جادة وحقيقية تفضي إلى مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أي طرف، حقناً للدم اليمني وحرصاً على ما تبقى من أواصر الإخاء وتغليباً للمصالح الوطنية العليا. وأعلن عن وقف استهداف أراضي السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية والمجنحة وكافة أشكال الاستهداف.
ولكن لم يصرح أي مسؤول يمني لحد الان، أن بلاده تلقت رسالة او اتصال، أو عبر وسيط، بشأن ما نقلته الصحيفة الاميركية عن نيتها وقف اطلاق النار.
هذا الاعلان المشبوه، سرعان ما ردت عليه حركة أنصار الله اليمنية، حيث أكد القيادي في أنصار الله، محمد علي الحوثي، أنه لا صحة لأي تسريبات حول وقف إطلاق نار جزئي من قبل السعودية، وأن صنعاء لن تقبل إلا “بالوقف الشامل للعدوان مع رفع الحصار عن اليمن”.
وأضاف رئيس اللجنة الثورية العليا أن “التسريبات التي تناولتها بعض الصحف الأميركية عن اتفاق مع السعودية لوقف القصف على أربع مناطق تظل تسريبات لا جهة رسمية تقف خلفها”.
وأكد أن مبادرة الرئيس المشاط، “تنص على الوقف الكامل للعدوان ولا صحة لأي تسريبات من جانب العدو عن وقف جزئي”.
وتتصاعد الأحداث في اليمن مع استمرار التحالف السعودي باستهداف مناطق عدة تأتي بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية إماراتية ضخمة إلى اليمن. وتعتزم الولايات المتحدة الأميركية إرسال 4 أنظمة رادار وبطارية صواريخ باتريوت ونحو 200 من أفراد الدعم لتعزيز دفاعات السعودية، والمتحدث باسم البنتاغون جوناثان هوفمان قال إن واشنطن تتوقع من حلفاء آخرين مزيداً من المساهمات العسكرية.
وفي السياق، نقلت مجلة “أمريكان كونسرفتيف” عن ضابط عسكري أميركي رفيع، قوله إن بلاده أخبرت ولي العهد السعودي أنه لن يفوز في الحرب باليمن، بل ستكون هذه الحرب مستنقعا تتسبب في إفلاس بلاده.
ونقلت المجلة عن مسؤولين بالبنتاغون أن إدارة ترامب توصلت إلى أن على أميركا فتح محادثات مع حركة انصار الله لإنهاء الحرب، ولهذا ضغطت واشنطن على الرياض للانضمام إلى محادثات ينتظر أن تستضيفها سلطنة عُمان.
ونسبت المجلة للضابط الأميركي قوله “لم يكن لدينا علم بالغزو السعودي لليمن وفوجئنا به، ولكننا كنا صريحين فقد أخبرناهم أنهم لن يستطيعوا تحقيق نصر في تلك الحرب، بل ستكون مستنقعا، وستؤدي إلى إفلاس بلادهم، وقد كنا محقين في ذلك”.
وقالت المجلة إن التعثر السعودي في اليمن أطلق صافرة إنذار في واشنطن، إذ سرعان ما بادرت إدارة ترامب في غضون شهور قليلة من توليه الرئاسة، إلى الاجتماع بخبراء من الشرق الأوسط لبحث سبل إخراج المملكة من مأزقها في اليمن.
ووفقا للمجلة الأميركية، فإن الإدارة الأميركية توصلت إلى قناعة بناء على تقارير استخباراتية بأن مسؤولين من داخل العائلة المالكة في السعودية يشنون حملة تستخدم فشل المملكة في اليمن لتقويض حكم محمد بن سلمان، وأن الأمور ليست على ما يرام في بيت آل سعود، وعلى واشنطن بدء حوار لإنهاء الحرب.
وبناء على هذا الاستنتاج، أرسلت وزارة الخارجية الأميركية مبعوثها “ديفيد شينكر” إلى الرياض خلال الشهر الجاري للضغط على السعوديين للانضمام لمحادثات أميركية – يمنية محتملة، تستضيفها سلطنة عمان.
وكل هذا يعني ببساطة، أن القرار السعودي لوقف محدود لاطلاق النار، ليس قرارا سياديا، بل خطط له من قبل الأميركيين، ويدل على عدم امتلاكهم لقوة الإرادة لانهاء هذه الحرب الفاشلة، وأن السعوديين لم يتعظوا بعد من الدروس المؤلمة السابقة الا بإشارة الأميركيين أو بالأحرى بأوامر الولايات المتحدة.
وأما بالنسبة لليمنيين، فالموقف هو موقف ثابت وواضح، كما أعلنه الرئيس المشاط وأكد عليه السيد الحوثي، وهو أن اليمن لا يقبل بوقف جزئي أو مشروط لاطلاق النار، ولن يقبل إلا بالوقف الشامل للعدوان مع رفع الحصار عن اليمن وموانئه وبوقف الغارات وكافة أشكال العدوان على الشعب اليمني.
صراحة الموقف اليمني هذا، يدل على وجود نية حقيقية لانهاء الحرب وحرص قادة الجيش واللجان الشعبية على سلامة اليمن وأهلها، ومساعيهم الحقيقية لمنع هدر المزيد من دماء هذا الشعب المظلوم، ولو أخذنا قدرات الجيش واللجان الشعبية الهائلة بنظر الاعتبار( والتي تجلت أخيرا في قصف عملاق النفط السعودي آرامكو)، لرأينا أن المبادرة اليمنية نابعة عن موقف قوة وليس موقف ضعف، حيث طرحت مبادرة السلام اليمنية في وقت يكون فيه الجيش واللجان الشعبية على أتم الاستعداد والجهوزية لضرب المنشأت السعودية الحيوية والتصعيد، اذا لزم الأمر.