واخيرا..ابن سلمان يعترف بمسؤوليه ادارته بمقتل خاشفجي..هل انه بداية لاعترافات اخرى؟!
مضى ما يقرب من عام على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول، إلا أنه لاتزال تلك القضية محط حديث الساحة الدولية، فمن حين لآخر تظهر تطورات جديدة، أحدثها إعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تحمل المسؤولية عن تلك الجريمة كاملة.
على أبواب الذكرى الأولى لاغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول أكتوبر 2018، تحدث ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لأول مرة، خلال لقاء تلفزيوني يذاع الثلاثاء المقبل على شبكة “PBS” الأمريكية، وللمرة الأولى علناً، عن “دوره” في جريمة مقتل خاشقجي واعترف بتحمله المسؤولية.
وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها بن سلمان عن دوره في مقتل خاشقجي ويؤكد إنها حدثت تحت سمعه ونظره حيث قال “وقعت في ظل إدارتي، وأتحمل المسؤولية كاملة، لأنها وقعت تحت إدارتي”.
وزعم ابن سلمان خلال الحوار الذي ستبثه الشبكة كاملا في الأول من الشهر المقبل بالتزامن مع الذكرى الأولى لمقتل خاشقجي بأن “الحادث وقع دون علمه”.
وكان النظام السعودي قدم في البداية عدة روايات متناقضة عن مقتل خاشقجي في الثاني من تشرين الأول الماضي كما لجأ بعد تزايد الضغوط عليه إلى محاولة تضليل الرأي العام وحرف الأنظار عن تورط مسؤوليه وفي مقدمتهم ابن سلمان في الجريمة عبر الإعلان عن محاكمة صورية لـ 11 شخصا وصفهم بأنهم ضالعون في الجريمة وفي أول جلسة لمحاكمتهم مطلع العام الحالي طلبت النيابة العامة التابعة للنظام السعودي عقوبة الإعدام لخمسة منهم.
وذكر موقع القناة الأمريكية أن مراسله مارتن سميث التقى “بن سلمان” في الرياض في ديسمبر الماضي بعد أسابيع من مقتل خاشقجي في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018 خلال أحد سباقات السيارات لغرض فيلمه عن الصحافي، وألح عليه بالسؤال حول كيفية وقوع الجريمة. وحينها، قال الأمير السعودي: “لدينا 20 مليون مواطن، ثلاثة ملايين منهم موظفين حكوميين”.
وعليه، سأل سميث بن سلمان: “وهل يمكنهم استخدام واحدة من طائراتك؟، في إشارة منه إلى الفريق المكون من 15 شخصا ومتهما بالتوجه إلى إسطنبول لتنفيذ جريمة قتل خاشقجي. ورد بن سلمان على السؤال قائلا: “لدي مسؤولين، ووزراء لمتابعة الأمور، وهم مسؤولون ولهم السلطة للقيام بذلك”.
ويشير تقرير “فرونت لاين” ،إلى أنه بعد عام على جريمة قتل الصحافي في صحيفة “واشنطن بوست” ، التي هزت العالم أجمع، فإن ولي العهد التزم بالصمت حول دوره في العملية التي قالت وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) إنها تمت بأمر منه.
ويفيد الموقع بأن الأمير محمد وصف الجريمة بـ”الشنيعة”، ووعد بفتح تحقيق فيها، ومع ذلك التزمت حكومته بالموقف الذي يقول إن ولي العهد السعودي لم يكن يعرف بالعملية المارقة.
ويختم “فرونت لاين” تقريره بالإشارة إلى قول خاشقجي في المقابلة: “لا أريد أن أكون معارضا، وفي الوقت ذاته لا أريد العودة إلى الوطن ويتم تكميمي مجددا”.
تصريحات بن سلمان لن تغير الاعتقاد السائد حول علاقته باغتيال خاشقجي
من جانبها قالت صحيفة نيويورك تايمز إنه من غير المرجح أن تغير تعليقات ولي العهد السعودي التي ظهرت اليوم في عرض تمهيدي لفيلم وثائقي الاعتقاد السائد بأنه سمح باغتيال خاشقجي.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير لها- أن وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) رجّحت أن يكون محمد بن سلمان أمر بالقتل، مضيفة أن هذا استنتاج توصل إليه العديد من المسؤولين في الولايات المتحدة ودول أخرى.
وأشارت إلى نفي المسؤولين السعوديين أي معرفة مسبقة للأمير بعملية الاغتيال، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يرى في ولي العهد السعودي مفتاح خططه للشرق الأوسط، وقف إلى جانبه.
وأشارت الصحيفة إلى محاكمة 11 متهما في اغتيال خاشقجي داخل السعودية، وقالت إن هذه المحاكمة اكتنفتها سرية تامة، ولفتت الانتباه إلى التقرير الذي صدر في يونيو/حزيران الماضي عن أغنيس كالامارد المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء لوكالة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي وصفت فيه هذه المحاكمة بأنها تفتقر إلى الإجراءات القانونية المطلوبة.
ووصفت الصحيفة تصريحات ولي العهد السعودي لسميث بأنها من المرات القليلة التي يتكلم فيها الأمير علنا عن مقتل خاشقجي. وقالت إن محمد بن سلمان أخبر صحفيين من بلومبيرغ في اليوم التالي لتلك المقابلة بأنه لم يكن يعرف مكان خاشقجي، وأن بلاده ليس لديها ما تخفيه.
وكان لمقتل خاشقجي صدى وردود أفعال واسعة على المستوى الدولي، حتى أن تلك الجريمة لاتزال تحاوط السعودية بالاتهامات بانتهاك حقوق الإنسان.
ومنذ اغتيال خاشقجي، يواجه ولي العهد السعودي اتهامات مباشرة وغير مباشرة بإعطاء أمر القتل. وهناك أدلة كافية تربط بين بن سلمان واغتيال خاشقجي.
وفي حزيران/يونيو الماضي، خلص تقرير أنييس كالامار المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالإعدامات العشوائية والقتل خارج نطاق القانون إلى “وجود أدلة كافية تربط بين الأمير محمد ومسؤولين كبار في الجريمة”، مشددة على أن “مقتل خاشقجي كان جريمةً دوليةً وإعداماً متعمداً خارج نطاق القانون، تتحمل مسؤوليته الدولة السعودية بموجب الإعلان الدولي لحقوق الإنسان”، داعيةً الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى فتح “تحقيق جنائي” في الجريمة.
أول اتهام أممي لبن سلمان
وتركيا كانت قد اتهمت على لسان رئيسها رجب طيب أردوغان ولي العهد السعودي بالتورط في الجريمة، كما اتهمته وكالة الاستخبارات الأمريكية بإصدار أمر القتل، وهذا ما نفته المملكة مراراً، كما تصدر لجنة تابعة للأمم المتحدة تقريراً يتحدث عن مسؤولية الأمير الشاب المباشرة في قتل خاشقجي.
وفي تصريحات أدلى بها الرئيس التركي لتلفزيون فوكس نيوز الأمريكي، الخميس 26 سبتمبر/أيلول 2019، على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة بمدينة نيويورك قال : ان محمد بن سلمان تعهد له بأن “دم خاشقجي لن يذهب هدراً”، مضيفاً بالقول: “مع الأسف لقد مر عام على مقتله ولم نرَ أي خطوة اُتخذت حيال قتَلة خاشقجي”.
ورداً على سؤال من هو الشخص الذي أمر بقتل خاشقجي؟ أشار الرئيس التركي إلى أنه لا يمكنه تحديد تلك الجهة، إلا أن الموضوع انتقل إلى القضاء، وهذا الأمر مسؤولة عنه السلطات السعودية، والقضاء السعودي، وعليهم أن يكشفوا هذا الموضوع.
وقتل خاشقجي (59 عاماً)، الذي اشتهر بانتقاد سياسات ولي العهد الشاب محمد بن سلمان قبل فترة وجيزة من اغتياله، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018. وأدت الجريمة إلى زيادة التدقيق الغربي في ملف حقوق الإنسان في السعودية وانتقادات واسعة لولي العهد على وجه التحديد. ولم تظهر جثته حتى الآن رغم مضي تسعة أشهر على مقتله.
والنظام السعودي قدم في البداية عدة روايات متناقضة عن مقتل خاشقجي كما لجأ بعد تزايد الضغوط عليه إلى محاولة تضليل الرأي العام وإبعاد الأنظار عن تورط مسؤوليه وفي مقدمتهم بن سلمان في الجريمة عبر الإعلان عن محاكمة صورية لـ 11 شخصا وصفهم بأنهم ضالعون في الجريمة وفي أول جلسة لمحاكمتهم مطلع العام الحالي طلبت النيابة العامة التابعة للنظام السعودي عقوبة الإعدام لخمسة منهم.
وفي اعتراف رسمي بما سببته تلك الجريمة للسعودية، قال سفير الرياض في بريطانيا، الأمير خالد بن بندر آل سعود،في حديث أدلى به لهيئة الإذاعة البريطانية “BBC”، نشرته يوم 18 سبتمبر، في معرض الرد على سؤال حول مقتل الصحفي السعودي. إن مقتل خاشقجي على أيدي مسؤولين حكوميين “وصمة عار” على بلده كلها.
وقال الأمير السعودي:”إن ما حدث في إسطنبول قبل نحو عام كان وصمة عار على السعودية، وعلى ثقافتنا، وشعبنا وحكومتنا، وأتمنى لو أن هذا لم يحدث”.
ويعد هذا أول اعتراف من شخصية سعودية رفيعة من الأسرة الحاكمة، منذ وقوع الجريمة قبل عام.
كما تحدث وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، عن قتلة الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول العام الماضي.
وقال الجبير خلال مؤتمر صحفي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إننا “لم نقتل جمال خاشقجي، بل قتل من قبل عملاء للحكومة السعودية دون قرار رسمي”، على حد قوله.
بيع مسرح الجريمة
ومنذ أيام قليلة كشفت جريدة الصباح التركية، في يوم 17 سبتمبر الجاري، أن السعودية باعت مبنى قنصليتها في إسطنبول، بشكل سري، في الوقت الذي تستعد فيه النيابة العامة بتركيا لإصدار لائحة اتهام قبيل ذكرى الاغتيال في أكتوبر القادم.
فيما ذكرت صحيفة “ميدل إيست آي” أن البيع كان لمشتر مجهول منذ نحو 45 يوما مقابل ثلث قيمته فقط، حيث يقع المبنى في منطقة “ليفنت” المركزية.
وبينت الصحيفة، نقلا عن خبراء قانونيين، أن “مبنى القنصلية لا يزال ينظر إليه على أنه مكان ارتكاب الجريمة، وأنه في حال نقل القنصلية السعودية إلى مكان آخر فإن النيابة العامة في إسطنبول قد تلجأ إلى ختم المبنى بالشمع الأحمر، من أجل إجراء تحقيقات مفصلة لجمع مزيد من الأدلة”.