الأمين العام في قمة المناخ: لن أقف “شاهدا صامتا” على جريمة تدمير حاضر العالم ومستقبل الأجيال القادمة

“الطبيعة غاضبة ونحن نخدع أنفسنا إذا كنا نعتقد أن بإمكاننا أن نخدع الطبيعة. هذه كانت كلمات الأمين العام أنطونيو غوتيريش، أمام حضور رفيع المستوى من زعماء العالم، وممثلي قطاعات واسعة من المشاركين في قمة العمل المناخي في مقر الأمم المتحدة اليوم، حيث قال إنه لن يقف “شاهدا صامتا على جريمة تدمير حاضر العالم” وحق الأجيال القادمة في مستقبل مستدام.

 

هدف القمة التي تجري فعالياتها اليوم الاثنين في نيويورك (عشية بدء مداولات الجمعية العامة للأمم المتحدة) هو الدفع بوتيرة تقدم الحكومات والمجتمعات نحو أجندة العمل المناخي، كما أعلنها الأمين العام.

 

الأمين العام حذر أمام الاجتماع من أنه “علينا النظر فقط للأشهر القليلة الماضية” لنرى تأثيرات تغير المناخ عن قرب. “تموز/يوليو الماضي كان الشهر الأكثر سخونة على الإطلاق؛ والشهور من تموز/يونيو إلى آب/أغسطس كانت أكثر شهور الصيف حرارة في نصف الكرة الشمالي”.  وقد شهد نصف الكرة الجنوبي “الشتاء الثاني الأكثر سخونة على الإطلاق” في مستويات الحرارة؛ كما ذكَّر غوتيرش بأن “السنوات الخمس الأخيرة (من 2015 إلى 2019) كانت الأكثر سخونة على الإطلاق” منذ بداية تسجيل درجات الحرارة العالمية.

 

الكوكب يطلق صرخة استغاثة “تقشعر لها الأبدان”

الأمين العام قال في كلمته إن درجات الاحترار غير المسبوقة التي يشهدها الكوكب ينبغي أن تمثل “صرخة تقشعر لها الأبدان” لتدعو العالم إلى التوقف والتفكير.

 

ما لم نقم بتغيير أساليب حياتنا بشكل عاجل، فإننا نعرض الحياة للخطر– الأمين العام أنطونيو غوتيريش

 

وأضاف غوتيريش “ما لم نقم بتغيير أساليب حياتنا بشكل عاجل، فإننا نعرض الحياة للخطر”، مذكرا بما تشهده “مستويات البحار من ارتفاع وذوبان الأنهار الجليدية وتآكل الشعاب المرجانية وانتشار ظواهر الجفاف وحرائق الغابات وتوسع الصحاري وتناقص فرص الوصول إلى المياه”، وغيرها من التحديات.

 

وقال الأمين العام إنه شاهد بنفسه تأثيرات الكوارث المناخية “من دومينيكا إلى الساحل إلى جنوب المحيط الهادئ”، وفي جزيرة توفالو “حيث تقاتل دولة بأكملها من أجل بقائها”؛ كذلك الأمر في موزمبيق، وفي جزر البهاما، بعد ضربات العواصف والأعاصير.

 

وحذر الأمين العام بأقوى العبارات من أن ما نراه من صور من هذه الأماكن “هي ليست صورا للدمار الراهن فقط”، بل هي صورٌ من المستقبل الذي نواجهه، “ما لم نتصرف الآن” حسب تعبيره.

وقد استضافت قمة العمل المناخي – ضمن حضور كثيف لناشطي العمل المناخي من أوساط الشباب حول العالم – الناشطة السويدية الشابة ومرشحة جائزة نوبل للسلام غريتا ثونبرغ.

 

وقد أرسلت ثونبرغ رسالة حازمة لزعماء العالم قالت فيها إن” العلم كان واضحا تماما لأكثر من 30 عاما” حول الحلول المطلوبة لأزمة تغير المناخ والتي سيعاني جيلها والأجيال القادمة من تبعاتها، لكن هذه الحلول لم تتمثل واقعا من جانب قادة العالم ومتخذي القرار

 

كلمات الناشطة السويدية ذات الستة عشر عاما وجهت اللوم مباشرة:

لقد سرقتم أحلامي وطفولتي بكلماتكم وعودكم الفارغة. ومع أنني تحديدا واحدة من بين المحظوظين، إلا الناس يعانون، ويموتون. النظم الإيكولوجية بأكملها تنهار، ونحن على مشارف حالة انقراض جماعية، وكل ما يمكنكم الحديث عنه هو المال والقصص الخيالية عن نمو اقتصادي أبدي. كيف تجرأون؟

 

وأشارت غريتا ثونبرغ إلى أنه مع الجهود الراهنة اليوم فإن خفض الانبعاثات إلى  النصف فقط (على مدى عشر سنوات)  لا يمنح العالم “سوى فرصة 50 في المائة فقط”  للبقاء تحت مستوى درجة 1.5 درجة من الحرارة العالمية وهو “ما قد يؤدي إلى أضرار لا يمكن إصلاحها” مرة أخرى.

 

وأخبرت ثونبرغ حاضري الفعالية الأممية أن الشباب حول العالم قد بدأوا يستوعبون تداعيات تغير المناخ الخطيرة، وقالت إن “عيون كل الأجيال القادمة تراقب” قادة العالم وإنه إذا اختار هؤلاء أن يخذلونهم “فإننا لن نسامحكم على الإطلاق”، حسب تعبيرها.

 

سباق يمكن للعالم أن ينتصر فيه

من ناحيته، قال الأمين العام للأمم المتحدة إن جيله قد فشل حتى الآن في تحمل مسؤوليته عن حماية الكوكب وهذا “ما يجب أن يتغير” حسب تعبيره. وأضاف غوتيريش أن حالة الطوارئ المناخية الراهنة هي سباق لم يكسبه العالم بعد، “ولكنه سباق يمكننا الفوز فيه”.

 

وأشار غوتيريش إلى البدائل التكنولوجية (التي يمكنها أن تحل محل أكثر من 70% من مستوى الانبعاثات اليوم) وهي التي قد صارت “متاحة الآن بسهولة أكبر” حسبما قال للاجتماع رفيع المستوى.

 
الأمين العام مع تلاميذ الصف الأول في مدرسة تدعمها اليونيسف في مخيم ماندروزي، موزمبيق.

وأضاف غوتيريش إن “هناك تكلفة في كل شيء. لكن التكلفة الأكبر” التي سيواجها العالم هو أن “لا يفعل شيئا” بخصوص أزمة تغير المناخ مشيرا إلى أن أكبر تكلفة نواجهها هي بسبب “دعم صناعة الوقود الأحفوري التي تحتضر” و “بناء المزيد والمزيد من محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم”.

 

وقال غوتيرش إن العالم يكذب بذلك “الحقيقة الواضحة كالنهار، وهي أننا في حفرة مناخية عميقة” وللخروج منها “علينا أن نتوقف أولاً عن الحفر”.

 

مسؤولية عظمى على عاتق قادة العالم وزعمائه  

في كلمته، كان المسؤول الأممي الأرفع أنطونيو غوتيريش قد قال إنه لن يكون “شاهدا صامتا على جريمة تدمير حاضر العالم” وتدمير حق الأجيال القادمة في مستقبل مستدام مضيفًا أن هناك مسؤولية “للقيام بكل ما يمكن لوقف أزمة المناخ” وهي تقع على عاتق قادة العالم وزعمائه.

 

لن أكون شاهدا صامتا على جريمة تدمير حاضر العالم– الأمين العام أنطونيو غوتيريش

مع ذلك، أعرب الأمين العام عن نظرة متفائلة بما يشهده العالم من حراك بخطوات ملموسة نحو العمل المناخي، ومع تحرك العديد من البلدان والمناطق والمدن والقطاعات الرئيسية حول العالم لتحقيق تقدم في هذا الصدد.

 

وقال غوتيريش على الرغم من الآثار الهائلة لتغير المناخ، إلا أنه يظل متفائلاً.

 

وأضاف: “هذه ليست قمة التحدث عن المناخ. لقد قدمنا ما يكفي من الكلام. وهذه ليست قمة تفاوض بشأن المناخ، لأننا لا نتفاوض مع الطبيعة. هذه قمة العمل من أجل المناخ.

قد يعجبك ايضا