مقابلة: غوتيرش يحث قادة العالم على “القيام بما هو ضروري” من أجل السلام والأرض
في الوقت الذي يستعد فيه زعماء العالم للاجتماع في نيويورك الأسبوع المقبل لمناقشة أفضل طريقة للمضي قدما بوضع الإجراءات المناسبة للحفاظ على كوكب الأرض، يحثهم الأمين العام أنطونيو غوتيريش على “القيام بما هو ضروري” لضمان “أننا قادرون على حل المشكلات الدراماتيكية التي نواجهها”، على حدّ قوله.
ويحث الأمين العام الدول الأعضاء على تقديم “خطط ملموسة” إلى الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة، على أمل تعزيز اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، والأهداف الطموحة التي تشكل حجر الأساس لخطة التنمية المستدامة لعام 2030.
في مقابلة خاصة مع “أخبار الأمم المتحدة” أجرتها هذا الأسبوع وكيلة الأمين العام الجديدة للتواصل العالمي، السيدة ميليسا فليمنغ، أعرب السيد غوتيريش عن أسفه من أننا “لسنا على الطريق الصحيح” للوفاء بالعديد من جوانب أجندة التنمية المستدامة 2030، مشيرا إلى أن أول قمة من نوعها بشأن أهداف التنمية المستدامة والمزمع عقدها في 24 و25 أيلول/سبتمبر، ستضخ المزيد من الزخم.
الأمين العام قال للسيدة فليمنغ إن “المزيد والمزيد من الأزمات التي نواجهها، تنتج عن عوامل عدة، من مختلف أنحاء العالم”، وإن حل هذه القضايا يتطلب “مزيدا من التعاون الدولي” تكون الأمم المتحدة “في صميمه”.
ميليسا فليمنغ: لقد قلتَ إن العالم يمرّ بوقت حرج على عدد من الجبهات: الطوارئ المناخية، وتزايد انعدام المساواة، وزيادة الكراهية والتعصب، فضلاً عن تحديات السلام والأمن. هل لديك صيغة لمعالجتها هذه المشاكل؟
الأمين العام: حسنا، الصيغة هي مزيد من التعاون الدولي. فيما يتعلق بالمناخ، -لهذا السبب نعقد قمة- وتهدف تلك القمة إلى أن تدرك البلدان بأن عليها أن تفعل أكثر مما فعلته حتى الآن، لأننا بحاجة إلى أن نتغلب على تغير المناخ الذي لا يزال يتقدم بشكل سريع جدا.
ونحن نرى عواقب الأعاصير المدمرة، ونرى عواقب ذوبان الأنهار الجليدية، ونرى عواقب ذلك على الصحة العامة المتدهورة، في ظل موجات الحرارة والأمراض الجديدة القادمة إلى العديد من المناطق. وبالتالي، نحن بحاجة إلى مزيد من التعاون الدولي للتغلب على تغير المناخ. الأمر نفسه ينطبق على انعدام المساواة. نحتاج إلى عولمة عادلة، والعولمة العادلة ممكنة فقط من خلال المزيد من التعاون الدولي. لهذا السبب سنعقد قمة حول أهداف التنمية المستدامة. لهذا السبب لدينا أجندة التنمية المستدامة 2030، وهي مخطط الأمم المتحدة لجمع كافة البلدان معا من أجل عولمة عادلة.
من ثم ننتقل إلى جميع القضايا الأخرى، من خطاب الكراهية – الذي من الواضح أنه ينتشر الآن كالنار في الهشيم في كل مكان – نحن بحاجة إلى محاربته معا. أو حتى القضايا الأمنية – المزيد من الأزمات التي نواجهها نتنج عن عوامل عدة، من مختلف أنحاء العالم. لذلك، فقط من خلال مزيد من التعاون الدولي تكون الأمم المتحدة في صميمه، يمكننا معالجة هذه التحديات. ونأمل أن نبدأ في حلها.
ستكون الجمعية العامة فرصة ممتازة لأن نمضي قدما في العديد من هذه القضايا. لدينا قمة المناخ. لدينا قمة حول أهداف التنمية المستدامة – أي أجندة 2030 ومخطط العولمة العادلة – وقمة لتمويلها، وهي تعد أساسية للغاية لأنه بدون تمويل، لن نستطيع التحرك في مجالات التنمية؛ وقمة حول التغطية الصحية العالمية؛ وقمة حول الدول النامية الجزرية الصغيرة التي تعتبر أول ضحايا تغير المناخ كما نعلم جميعا.
وكل هذه العوامل مجتمعة تمثل استجابة شاملة تحاول الأمم المتحدة من خلالها جلب كافة البلدان إلى نفس المنبر لتكون قادرة على حل نوع المشاكل التي ذكرتها بالضبط في سؤالك الأول.
ميليسا فليمنغ: أحد مؤتمرات القمة تلك هو مؤتمر قمة المناخ للشباب. ما الذي يميز هذا المؤتمر؟ ولماذا يتم استدعاء الشباب الآن إلى نيويورك؟
الأمين العام: لأن الشباب أظهروا قيادة هائلة في هذا الشأن وهذا أمر واضح تمامًا. إذ يمثل تغير المناخ بالفعل مشكلة كبيرة اليوم، ولكن من الواضح أنه سيكون أكثر دراماتيكية في السنوات القادمة. وهكذا، عندما يصبح شباب اليوم الراشدين الذين سيديرون العالم في غضون بضعة عقود، فسوف يواجهون أسوأ تداعيات الأخطاء التي قد نرتكبها الآن. كان الشباب في طليعة من دفع الحكومات ودفع الأعمال التجارية ودفع المدن ودفع جميع الجهات الفاعلة الأخرى للقيام بما يجب القيام به، لوقف تغير المناخ. وهكذا، فإن قمة الشباب هي أداة مهمة للغاية للضغط على أولئك الذين يتعين عليهم اتخاذ القرارات الضرورية.
ميليسا فليمنغ: حسنًا في اليوم التالي، ستعقد قمة المناخ العالمية هنا. ما قلته أصبح معروفا وهو أنك تطلب من زعماء البلدان أن يحضروا إلى الأمم المتحدة وفي جعبتهم إجراءات ملموسة بدلا من خطب رنانة. ما هي توقعاتك فيما يتعلق بنوع المبادرات التي قد تظهر قريبا؟
أنطونيو غوتيريش: إن الإجراءات المطلوبة للوفاء بالمتطلبات التي يخبرنا بها مجتمع العلماء الدولي ضرورية للتغلب على تغير المناخ. عدم السماح لدرجات الحرارة بأن تتجاوز 1.5 درجة في نهاية القرن، يعني أننا بحاجة إلى أن نكون محايدين للكربون في عام 2050، وأننا بحاجة إلى خفض الانبعاثات بشكل كبير خلال العقد المقبل. وما نريده هو أن يأتي المزيد والمزيد من البلدان إلى هنا. وأن تلتزم تلك الدول بحياد الكربون في عام 2050، وبإجراء تخفيضات.
وهدفنا هو 45 في المائة من الانبعاثات خلال العقود المقبلة. والمجيء إلى هنا للالتزام فيما يتعلق بتمويل “الصندوق الأخضر للمناخ” و 100 مليار دولار التي نحتاجها سنويا لدعم البلدان النامية – في التكيف والتخفيف في العام المقبل – وإعلان الاستثمارات الأخرى الضرورية للغاية من أجل التأكد من أننا نشجع نوع الطاقة – الطاقة المتجددة – اللازمة فيما يتعلق بالوقود الأحفوري الذي يمثل الماضي. أننا قادرون على القيام بزراعة مختلفة واستخدام الأراضي بطريقة مختلفة؛ وأن يكون لدى المدن استراتيجيات مختلفة في الطريقة التي تقلل بها من انبعاثاتها … (هناك) الكثير من التدابير الملموسة التي نأمل أن تكون الدول والمدن والشركات قادرة على الإعلان عنها خلال القمة.
ميليسا فليمنغ: دعنا ننتقل إلى السؤالين الأخيرين: طلِب من القادة حضور قمة حول أهداف التنمية المستدامة. يوم الثلاثاء، بالإضافة إلى الالتزامات التي ستحقق نتائج، سيكون هناك اجتماع، كما ذكرت للتو، حول حشد التمويل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ما هي توقعاتك المحددة لهذه القمة؟
الأمين العام: حسنا، أولاً وقبل كل شيء، الاعتراف بأننا لسنا على الطريق الصحيح – فيما يتعلق بجدول أعمال 2030 فيما يتعلق بالقضاء على الفقر فيما يتعلق بالصحة؛ فيما يتعلق بالتعليم؛ فيما يتعلق بالمياه والصرف الصحي؛ المحيطات وتغير المناخ؛ بكل هذه الجوانب التي قررت أجندة التنمية المستدامة بأنه ينبغي علينا تحقيقها في عام 2030، أن نصل إلى عدد من الأهداف الملموسة. نحن لسنا على الطريق الصحيح؛ نحن لا نفعل ما يكفي.
ومن الواضح أنه كان هناك تقدم. هناك فقر مدقع أقل بالمقارنة مع بضعة عقود خلت. هناك تحسن في خفض نسبة وفيات الأطفال أو في الحصول على التعليم، لكننا لسنا على المسار الصحيح.
نحن بحاجة إلى مزيد من الاستثمار، ومزيد من العمل السياسي، ونشدد على الجوانب المبينة في الأهداف التي حددناها لنحقق عولمة عادلة، وتنمية مستدامة وشاملة في آن واحد، وإلا نترك أحدا يتخلف عن الركب، وأن نساعد أولئك الذين تم تهميشهم بالتنمية للاستفادة من فوائد تلك التنمية. (يجب علينا) أن ندرك أننا لسنا على المسار الصحيح. يجب أن نتخذ القرارات اللازمة للاستثمار في السياسات، في تغيير أشكال التعاون؛ أيضا، على المستوى الدولي أو مع الشركات، والمجتمع المدني، والسلطات المحلية، من أجل العمل بشكل أكثر فعالية لضمان تنفيذ جدول أعمال 2030 بنجاح.
ميليسا فليمنغ: أمر آخر مرتبط بأهداف التنمية المستدامة، وهو الصحة. ستعقد اجتماعًا رفيع المستوى حول التغطية الصحية الشاملة الأسبوع المقبل. لماذا تعتبره مهما جدا في عالم اليوم؟
الأمين العام: لأنه حق أساسي لا يتمتع به الجميع حتى الآن. لا يتمتع الكثير من الناس برعاية صحية والعديد من الأشخاص الذين لديهم رعاية صحية، لا يتمتعون برعاية ذات جودة. وأحد الأهداف الأساسية هو التأكد من أنه عاجلاً وليس آجلاً، سيكون العالم قادرًا على توفير -لجميع مواطنيه- الرعاية الصحية ذات الجودة التي يحتاجون إليها ويستحقونها.
ميليسا فليمنغ: أخيرا، من المرجح أن تتم مناقشة السلام والأمن بشكل واسع النطاق خلال الجمعية العامة هذا الأسبوع. هل ترى أي علامات أمل في هذا المجال؟
الأمين العام: هناك أمل بمعنى أننا نرى بعض المشاكل تتقدم بطريقة إيجابية. لقد شهدنا تقدمًا في السودان، وشهدنا تقدمًا في المحادثات حول جنوب السودان الأسبوع الماضي. لقد شهدنا تقدما في جمهورية أفريقيا الوسطى، بإبرامها اتفاق سلام. نرى أن العديد من الانتخابات التي كان من المفترض أن تكون كارثة بالنسبة للبلدان، قد انتهت دون عنف – من جمهورية الكونغو الديمقراطية، إلى جزر المالديف، إلى مدغشقر.
لذا، هناك العديد من الإشارات الإيجابية. لكن للأسف، لدينا أيضًا العديد من العلامات السلبية ونرى أن الناس يموتون في سوريا وليبيا واليمن. وبالتالي، نحن بحاجة إلى زيادة التزامنا بالدبلوماسية من أجل السلام، وعلينا أن نجعل الدول تفهم – خاصة تلك التي تكون مسؤولة إلى حد ما عن هذه الحروب بالوكالة – إلى جعلها تدرك بأن هذه حروب لا يفوز بها أحد، الجميع يخسر.
وقد أصبحت تلك الحروب مرتبطة أكثر فأكثر بالإرهاب العالمي وأصبحت تشكل تهديدًا، ليس فقط للبلدان التي تحدث فيها هذه الصراعات، ولكن للمجتمع الدولي بأسره.
ميليسا فليمنغ: كلمة أخيرة: رسالتك إلى القادة القادمين إلى نيويورك، إلى الجمعية العامة الأسبوع المقبل.